كشف مصدر فلسطيني مطلع لموقع "العربي الجديد" تفاصيل من كواليس المفاوضات غير المباشرة التي جرت في شرم الشيخ، خلال الأسبوع الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، بين الجانب الفلسطيني وإسرائيل.
وأكد المصدر أن المفاوضات ركزت على ملف الإفراج عن كبار الأسرى الفلسطينيين وذوي الأحكام المؤبدة والمحكوميات العالية، ضمن اتفاق تبادل الأسرى مع "حماس" في قطاع غزّة. وأوضح أن هذه القضية "كادت تفجر اتفاق وقف إطلاق النار"، لكنها لا تزال مطروحة على طاولة المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
خطوط حمراء إسرائيلية
وأفاد المصدر بأن إسرائيل رسمت خطوطاً حمراء صارمة، منعت بموجبها الإفراج عن أسماء محددة تعتبرها "رموزاً" للحركة الأسيرة الفلسطينية، مثل مروان البرغوثي، أحمد سعدات، حسن سلامة، إبراهيم حامد، عبد الله البرغوثي، عباس السيد، عاهد أبو غلمة، مهند شريم وآخرين.
ورأت الفصائل الفلسطينية أن تجاوز هذا الملف يعني "تفريغ الاتفاق من مضمونه السياسي والإنساني"، ودفعت باتجاه صيغة تضمن أن يكون تحرير هؤلاء محوراً أساسياً في أيّة تسوية مقبلة.
ضغوط أميركية وتهديدات مباشرة
ووفق المصدر، تدخلت واشنطن في اللحظات الأخيرة لإنقاذ المفاوضات، وأرسلت رسالة مباشرة إلى الطرف الفلسطيني حملت نبرة تهديد واضحة، "اقبلوا الاتفاق كما هو، أو فُتح باب جهنم على مصراعيه في غزة".
وأشار المصدر إلى أن هذه الرسالة غيرت طبيعة النقاش داخل القاعة، بعد أن أصبحت الخيارات محدودة بين القبول المؤقت بالاتفاق أو مواجهة مفتوحة. وبالرغم من ذلك، أكدت الفصائل أن ملف كبار الأسرى لن يجري تجاوزه، وسيبقى بنداً رئيساً في المرحلة الثانية من أيّة مفاوضات.
مقترح فلسطيني
وأمام الرفض الإسرائيلي، قدّمت المقاومة مقترحاً قانونياً وسياسياً يقوم على تحويل وضع كبار الأسرى من "معتقلين أمنيين" إلى "مقيمين خاضعين لشروط إقامة محددة" في دولة ثالثة ضامنة.
وتكون الإقامة تحت إشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، وتتراوح مدة الإقامة بين ثلاث وخمس سنوات قابلة للتجديد، مع السماح بحياة اجتماعية وزيارات عائلية ودولية منتظمة. وطرحت المقاومة دولاً مرشحة لاستضافة الأسرى، أبرزها قطر وتركيا ومصر، مع طرح اسم الجزائر لتكون خياراً بديلاً.
وأكد قيادي فلسطيني شارك في المفاوضات أن ملف كبار الأسرى يتجاوز البعد التفاوضي إلى البعد الوطني والإنساني، مضيفاً "قضية الأسرى الكبار هي الملف الذي لا نقبل فيه أيّة مراوغة. تجاهله يعني ترك جرح مفتوح في وعي الفلسطينيين".
ورأى أن بقاء هؤلاء في السجون سيظل عاملاً للتفجير الدائم، ومبرراً مشروعاً للمقاومة لمتابعة تحريرهم عبر الوسائل السياسية أو الميدانية. وفق "العربي الجديد".
تحديات المرحلة الثانية
وبالرغم من التوتر، تمكنت الفصائل في مفاوضات شرم الشيخ من انتزاع قرار يقضي بخروج 22 أسيراً من الضفة الغربية وإبعادهم إلى غزة، تمهيداً لنقلهم إلى مصر فور فتح معبر رفح.
لكن الملف الأكبر ــ الإفراج عن كبار الأسرى وأصحاب المؤبدات ــ لم يُحسم، وسيكون وفق المصدر "أهم العقبات الرمزية والسياسية في أيّ مسار تفاوضي مقبل".
وتظهر كواليس مفاوضات شرم الشيخ أنَّ ملف كبار الأسرى الفلسطينيين يمثل اختباراً حقيقياً للوساطة الدولية. فبين الإصرار الفلسطيني على تحريرهم، والرفض الإسرائيلي المدعوم بضغط أميركي، يبقى هذا الملف معلقاً على ميزان معقد، يهدد بانفجار أي مسار سياسي في حال تجاهله.
