نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن عدد من مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قولهم إن هناك قلقاً متزايداً داخل الإدارة من احتمال أن يتراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اتفاق غزة.
ووفق الصحيفة، فإن نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس، والمبعوثين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، موجودون في إسرائيل للإشراف على المراحل التالية من الاتفاق، في مسعى لثني نتنياهو عن العودة إلى خيار الهجوم الشامل ضد حركة "حماس". وأكد المسؤولون الأميركيون أن الاستراتيجية الحالية تقوم على منع إسرائيل من تقويض وقف إطلاق النار الهش.
إسرائيل أشبه بمحمية أميركية
في موازاة ذلك، ذكرت قناة "كان" الإسرائيلية أن الولايات المتحدة تتابع عن كثب كل تحرك عسكري وأمني في غزة من خلال مقر القيادة الخاصة في كريات غات، الذي أقيم مؤخراً في إطار التنسيق الأمني بين الجانبين. ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن "إسرائيل أشبه بمحمية أميركية؛ إذ يراقب الأميركيون كل ما يحدث في غزة، ويمنعون أحياناً الجيش من تنفيذ بعض العمليات"، مشدداً على أن واشنطن تبذل أقصى جهدها للحفاظ على الاتفاق.
وخلال مؤتمر صحافي في القدس المحتلة، اعتبر فانس أن "الوضع حساس للغاية"، مضيفاً "أسمع من يقول إن أي خرق لوقف إطلاق النار يعني نهاية الاتفاق، وهذا غير صحيح إطلاقًا". وأكد أن واشنطن ملتزمة بإعادة الأسرى الإسرائيليين القتلى، لكنه وصف ملف إعادة الجثامين بأنه "معقد ولا يمكن حله بين عشية وضحاها".
زيارات أميركية متواصلة
وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، شوش بيدروسيان، أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو سيصل إلى إسرائيل الخميس، على أن يلتقي نتنياهو الجمعة، في ثالث زيارة له منذ منتصف أيلول/ سبتمبر. وقال فانس في المؤتمر الصحافي إن تكثيف الزيارات الأميركية يهدف إلى "الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار"، نافياً أن يكون الهدف "مراقبة طفل صغير".
غير أن صحيفة "معاريف" العبرية وصفت فانس بأنه "جليسة أطفال" أرسلها ترامب لمراقبة نتنياهو، معتبرةً أن الرئيس الأميركي يدرك حاجة نتنياهو إلى عفو رئاسي، ويعلم حجم الضغوط الداخلية التي يواجهها من وزيري المالية والأمن القومي، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. ولفتت الصحيفة إلى أن كل يوم يمر من دون التقدم إلى المرحلة الثانية من الاتفاق يعزز موقع "حماس"، ويؤثر في خطط ترامب الإقليمية الأوسع، بما يشمل ملفات سورية ولبنان والخليج وحتى إيران.
حضور مصري ورسائل أميركية
وبالتزامن مع زيارة الوفد الأميركي، وصل إلى إسرائيل رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، في خطوة رأت فيها "معاريف" مؤشراً على "التحول الجاري"؛ إذ عاد "شرطي العالم" (الولايات المتحدة) لفرض إيقاعه في المنطقة. وأوضحت الصحيفة أن الرسالة التي حملتها زيارة فانس واضحة: "واشنطن لن تسمح لحماس بالبقاء في غزة وهي مسلحة وتشارك في الحكومة الجديدة، لكنها في المقابل لن تسمح لإسرائيل بالتراجع عن تنفيذ اتفاق شرم الشيخ".
معضلة نزع سلاح "حماس"
وبالرغم من التقدم السياسي الظاهر، لا تزال عقبات كبرى تواجه تنفيذ الاتفاق، في مقدمتها كيفية إقناع حركة "حماس" بالتخلي عن سلاحها، ففي الوقت الذي يصر فيه نتنياهو على أن الحرب لن تنتهي إلا بنزع سلاح الحركة، تعتبر "حماس" هذا المطلب بمنزلة استسلام. وعند سؤاله عن هذا الملف، اكتفى فانس بالقول: "سنواصل العمل على ذلك"، من دون تقديم تفاصيل.
كما يطرح الاتفاق تساؤلات حول مستقبل قطاع غزة؛ إذ تستبعد إسرائيل باستمرار عودة السلطة الفلسطينية لإدارته بعد الحرب، في حين تصر واشنطن على بلورة تصور مشترك مع حلفائها بهذا الشأن، وسط خلافات عميقة حول شكل المرحلة السياسية المقبلة.
