افتتحت الكنيست، اليوم الاثنين، دورتها الشتوية والأخيرة قبل الانتخابات المقبلة، وسط توتر سياسي حاد وهجوم من حكومة بنيامين نتنياهو على السلطة القضائية، وانتقادات من قيادات الائتلاف إلى المحكمة العليا والجهاز القضائي.
وافتتح رئيس الكنيست أمير أوحانا، الذي افتتح الدورة بهجوم حاد على السلطة القضائية، وقدّم رئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت، بصفته "قاضي المحكمة العليا" بدلاً من "رئيس المحكمة العليا".
وقال أوحانا في مستهل خطابه: إن "دهس الكنيست من قِبل الجهاز القضائي يشكّل مساساً خطيراً بالديمقراطية الإسرائيلية"، وهذا ما أثار اعتراض أعضاء المعارضة، وأدى إلى صخب ومشادات خلال الخطاب.
وأضاف أن هذا يعني "إلغاء ممثلي الشعب، أي السيادة نفسها، الشعب الذي خرج إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات، والذين أصواتهم متساوية جميعاً". وتابع أن "الجهاز القضائي، بما في ذلك مؤسسة المستشار القانوني للحكومة – وهي مؤسسة تعمل من دون قانون يحدّد صلاحياتها، والتي تتسع باستمرار – يقوّض عملياً جوهر الاختيار الشعبي".
وردّ الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، على تصريحات أوحانا، مشدداً على أنه "لن يقبل بانتهاك الحد الأدنى من الاحترام"، وقال في خطابه: "أرحّب برئيس المحكمة العليا، وأقول إن الوقت قد حان لمناقشة هذه القضايا بعمق".
وأضاف "إذا كنا نتحدث عن إلغاء أو تعديل قانوني، فلا بد من تحديد القواعد لذلك، لكن لا علاقة لذلك بانتهاك اللياقة أو كسر تقاليد استمرت عشرات السنين، وأدعو الجميع للجلوس والتحاور".
من جانبه، توجّه نتنياهو إلى هرتسوغ بالقول: "قلت سابقاً إن عميت هو رئيس المحكمة العليا، وهذه حقيقة، لكنني أيضاً رئيس حكومة إسرائيل، وهؤلاء هم وزراء حكومتي وأعضاء الكنيست، وهذه أيضاً حقيقة. يجب الاعتراف بهذه الحقائق من جميع الأطراف، لا من طرف واحد فقط".
تهديد من بن غفير
وقبل الجلسة، هدّد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، خلال اجتماع كتلة حزبه في الكنيست، اليوم، بأنه إذا لم يُطرح مشروع قانون يفرض حكم الإعدام على أسرى فلسطينيين، خلال 3 أسابيع، فإن حزبه "القوة اليهودية" الفاشي، لن يكون ملتزماً بالتصويت على مشاريع قوانين الائتلاف، وذلك إلى حين يُطرح القانون للتصويت عليه.
وقال بن غفير إن الاتفاق الائتلافي بين حزبه وحزب "ليكود"، برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ينصّ على سنّ قانون عقوبة الإعدام خلال ولاية الكنيست الحالية، وأن "الليكود" امتنع عن سن قانون كهذا، قبل الحرب على غزة.
وأضاف أنه بعد نشوب الحرب "وجدوا ذريعة جديدة وهي أنه لا يمكن دفع القانون تحسباً من المسّ بالمخطوفين". واعتبر أن سن القانون سيشكل "رافعة ضغط كبيرة على حماس، بوصفه جزءاً من سلة الأدوات الإسرائيلية في الحرب. وسلة الذرائع انتهت الآن بعد عودة جميع مخطوفينا الأحياء".
في حين قال وزير القضاء ياريف ليفين، إنه "مع بدء الدورة الشتوية للكنيست، أدعو جميع مركبات الائتلاف إلى وضع الخلافات جانباً، والعمل معاً من أجل استكمال التشريعات لعدد من مشاريع القوانين الهامة، التي كان ينبغي سنّها في دورة الكنيست السابقة، مثل قانون تحديد الهيئات القضائية في المحكمة العليا، والتشريع المتعلق بالاستشارة القضائية للحكومة والقانون الهام بإخراج قسم التحقيق مع أفراد الشرطة من النيابة العامة".
يشار إلى أن مشروع قانون فصل منصب المستشارة القضائية للحكومة إلى منصبين، هما المستشارة القضائية والمدعي العام، سيكون مشروع القانون الأول الذي تطرحه الحكومة في دورة الكنيست الشتوية، بهدف إلغاء محاكمة نتنياهو، وسيطرح في الهيئة العامة للكنيست بعد غد.
أزمة نتنياهو
ومع عودة الكنيست، تجددت أزمة رئيس حكومة. فمن جهة، ثمة فرصة لتعزيز مكانته وشعبيّته إثر التوقيع على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، وبالتالي ثمة مصلحة في تقديم موعد الانتخابات، ومن جهة ثانية، يستميت نتنياهو للنجاة من محاكمته بتهم الفساد، وبالتالي يرغب في استغلال كل يوم تبقى في ولايته أملاً بوقفها.
واعتبر موقع "واينت"، اليوم، أن الائتلاف الذي يقابله نتنياهو في هذه الدورة ليس ائتلافاً سهلاً، وبين جميع الفترات التي عايشها، تُعد هذه الفترة هي الأكثر حساسيّة على الإطلاق. والسبب ليس فقط قانون تجنيد الحريديم المتنازع عليه والذي يهدد منذ شهور الائتلاف بالتفكك، إنما أيضاً الحرب في غزة التي أخذت شكلاً جديداً بعد توقيع الاتفاق، في حين لا تزال "حماس" واقفة على رجليها خلافاً للنصر المطلق الذي لطالما تعهد نتنياهو بتحقيقه، وهو ما يفتح الباب أمام المزيد من التوترات.
يُضاف إلى ما تقدّم، أن كل طرف في الائتلاف يشعر، وفق الموقع، باقتراب انتهاء ولاية الحكومة، وعليه، يستعد للانتخابات. وهو ما يدفع هذه الأطراف عملياً لأن تُشدد مواقفها أكثر وتتصلب في مطالبها، أملاً بأن يُمكنها ذلك من تحقيق مكاسب لطالما سعت إليها.
ومن المتوقع أن يستعرض رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بوعز بيسموت، خلال الأسبوعين المقبلين، مسوّدة قانون التجنيد، الذي من المفترض أن يبدأ مسار سنّه في الكنيست. ووفق الموقع، فإن مسودة القانون تتضمن تسهيلات للحريديم وتستعرض مقترحاً أكثر ليونة من الذي صاغه الرئيس السابق للجنة يولي أدلشتاين. وبالرغم من ذلك، فإن الأحزاب الحريدية تجد صعوبة في القبول بما هو مطروح أمامها هذه الأيام.
ولفت الموقع إلى أن قضية قانون التجنيد تثير علامات استفهام غير بسيطة بشأن سلامة الائتلاف واستقراره. والسبب أنها تدخل في نطاق القضايا التي يعود القرار فيها إلى الحاخامات؛ أي خارج سلطة السياسة، مشيراً إلى أنه من الصعب استشراف ردّة فعل هؤلاء الحاخامات، الذين لم تعد أحزابهم رسمياً جزءاً من الائتلاف، غير أنهم ما زالوا متمسكين بدعم استقراره ومستفيدين من الميزانيات الممنوحة لهم.
كما تُشكل الحرب على قطاع غزة فتيل اشتعال بالنسبة لحزبين مركزيين في الائتلاف: "الصهيونية الدينية" ويقوده بتسلئيل سموتريتش، و"القوة اليهودية" الذي يقوده بن غفير. وضع كلا الحزبان هدفاً مركزياً نصب أعينهما منذ اندلاع الحرب، وهو القضاء على "حماس" عسكرياً ومدنياً وسلطوياً. غير أن انتهاء الحرب بالطريقة التي آلت إليها تترك الحركة في السلطة، وتُبقي الحزبين في حالة ترقب وانتظار أملاً بانهيار وقف إطلاق النار.
وفي هذا الصدد، رجّح الموقع أنه في حال لم يعد الجيش لمهاجمة غزة بقوة، فقد يسارع سموتريتش وبن غفير لتنفيذ تهديداتهما بتفكيك الائتلاف، وربما يكون ذلك على طريقة ركوب الموجة واستغلال ذلك لتعزيز شعبيتهما قبيل الاستحقاق الانتخابي المرتقب.
