أوكرانيا تتصدّر الابتكار: كييف عاصمة صناعة المسيرات عالميًا

علي دربجالأحد 2025/10/19
أوكرانيا مسيرات.jpg
أوكرانيا تولي اهتماماً خاصاً لصناعة المسيرات (انترنت)
حجم الخط
مشاركة عبر

في أوكرانيا، صدقَ حرفيًا المثل القائل: بأنّ «الحاجة أمّ الاختراع». فبعيدًا عن الاعتقاد السائد أنّ هذه الدولة تعتمد في حربها مع روسيا على الغرب في كلّ شيء، بدءًا من الرصاصة وصولًا إلى الصواريخ والطائرات، إلّا أنّ الواقع له رأيٌ آخر.
فما يجهله كُثُرٌ، هو أنّ أوكرانيا فاجأت، بل أذهلت العالم، بقدراتها وإمكاناتها الذاتيّة وكفاءتها العالية المستوى على صعيد تصنيع الأسلحة والمعدّات والوسائل القتاليّة الأساسيّة المستخدمة في ميادين القتال، لاسيّما المسيرات، إلى حدٍّ أنّ كييف أصبحت رائدة عالميًا في إنتاج هذا السلاح الفعّال.


أوكرانيا مركز صناعة المسيرات عالميًا
أدّى الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022 إلى تحويل أوكرانيا إلى واحدة من أكثر دول العالم ابتكارًا في قطاع الدفاع، بحسب مؤسّسة جيمستاون البحثيّة الأمريكيّة الشهيرة (Jamestown Foundation) . 
وعليه، ومنذ عام 2022، شهدت الصناعات العسكريّة نموًّا بنسبة 350%، مع تحقيق تقدّمٍ سريعٍ وملحوظٍ بين عامي 2023–2024، إذ زادت الاستثمارات بنسبة 900%، وفقًا لشبكة (UBN News) الأوكرانيّة المتخصّصة في الأخبار الاقتصاديّة والاستثماريّة.
وبناءً على ذلك، تُعدّ أوكرانيا أكبر مُنتِج للطائرات المسيّرة التكتيكيّة وبعيدة المدى على مستوى الكرة الأرضيّة، ومن المرجّح أن تصبح كييف بعد الحرب "عاصمة الطائرات المسيّرة في العالم" على ذمّة موقع "تيكستي" الأوكراني المستقلّ.
أكثر من ذلك، من المتوقّع أن يشهد قطاع صناعة المسيرات الأوكراني توسّعًا سريعًا أكبر في العام المقبل، لينتقل من نظام "طائرة مسيّرة واحدة لمشغّل واحد" إلى أسراب طائرات مسيّرة تعمل بالذكاء الاصطناعي.
ولهذه الغاية أطلقت الحكومة الأوكرانيّة مبادرة لدعم نحو 1500 شركة تقنيّة، من بينها 140 شركة مُصنِّعة لمعدّات الحرب الإلكترونيّة. والأهمّ أنّ ثلاث شركاتٍ منها تُصنّع منتجاتها وفق مواصفات حلف الأطلسي .كما تُنتج هذه الشركات مركباتٍ أرضيّة غير مأهولة، منها 40 مركبة مطابقة لمواصفات (الناتو). والكلام هنا لصحيفة (The Kyiv Independent) 
وتعقيبًا على ذلك، اعترف ناثان مينتز، الشريك المؤسّس لشركة (CX2) الكاليفورنيّة، في حديثٍ لموقع "تيكستي"، قائلًا: "لا توجد أيّ شركةٍ أميركيّة قادرة على مجاراة أوكرانيا". وأضاف أن "الولايات المتحدة أبطأ في تسليم وبناء وتحديث البنية التحتيّة العسكريّة"، لافتًا إلى أنّ "العديد من الشركات الأمريكيّة التي أرسلت طائراتٍ مسيّرة إلى أوكرانيا شاهدتها تسقط من السماء أو تفشل في إتمام مهامّها".


أوروبا: استبدال المساعدات المجانية بتمويل شركات السلاح الأوكرانية
عمليًّا، يُنتج قطاع الدفاع في أوكرانيا نحو 60% من المعدّات العسكريّة التي تستخدمها قوّاتها المسلّحة، بحسب صحيفة (Kyiv Independent) 
إلى هنا قد يبدو الأمر عاديًّا، لكنّ المفاجئ أنّ أوروبا اتّجهت إلى استبدال إرسال المعدّات العسكريّة إلى أوكرانيا بتمويل زيادة الإنتاج العسكري فيها.
زِد على ذلك، تقوم أوكرانيا بإنتاج قذائف مدفعيّة أكثر من جميع الدول الـ32 الأعضاء في حلف الناتو وأوروبا مجتمعة.
علاوة على ذلك،  تقوم شركة (Ukrainian Armor) بصناعة قذائف مدفعيّة عيار 155 ملم وفق محدّدات الناتو، وذلك بترخيصٍ من شركة (Czechoslovak Group)، وهي شركة صناعيّة دفاعيّة أوروبيّة مقرّها في جمهوريّة التشيك.
وعليه، ومنذ عام 2022، ارتفع الإنتاج الحربي المحلّي للمعدّات والوسائل القتاليّة في أوكرانيا، إلى أن بلغت النِّسَب التالية: المركبات المدرّعة 400%، المدفعيّة 200%، الذخيرة 150%، والأسلحة المضادّة للدبّابات 100% . النِّسَب هنا تعود إلى شركة Czechoslovak Group).)
ضع في اعتبارك أنّه في عام 2022، أنتجت أوكرانيا مدفعًا واحدًا فقط من طراز بوهدان (Bohdana)، وهو مشابهٌ في مواصفاته للمدفع الفرنسي "قيصر" (Caesar)، لكن بحلول عام 2025 أصبح مصنع كراماتورسك لبناء الآلات الثقيلة، يُنتج 20 مدفعًا شهريًّا.
وفي السياق ذاته، تُسلِّم شركات الدفاع الأوكرانيّة مدافع الهاوتزر خلال 60 يومًا فقط مقابل 2.5 مليون دولار، مقارنةً بفترة انتظارٍ تمتدّ لسنوات وسعرٍ يبلغ 4.3 مليون دولار في الدول الغربيّة، استنادًا لصحيفة (EuromaidanPress).


شراكات أوروبيّة وأميركية مع شركات التصنيع الأوكرانية
ساهم تطوّر وتوسّع الصناعة الدفاعيّة المحليّة في أوكرانيا في تزايد شراكاتها مع الدول الأجنبيّة.
فعلى سبيل المثال، تقوم شركة (Sine Engineering) الأوكرانيّة بإنتاج أجهزة اتّصالاتٍ وبرامج ملاحةٍ للطائرات المسيّرة التي يستخدمها الجيش الأوكراني، كذلك تُصدّر منتجاتها إلى الولايات المتحدة وأوروبا.
بدورها أنشأت الشركة التركيّة (Bayraktar) مصنعًا في أوكرانيا لإنتاج طائراتها المسيّرة. والمثير أنّ هذا التعاون أدّى إلى صناعة طائرةٍ مسيّرةٍ من طراز (Kizilelma)، وهي تعمل بمحركٍ توربينيٍّ أوكرانيٍّ ـــــــ من إنتاج شركة
(Ivchenko-Progress)ـــــــ  قادرٍ على التحليق بسرعاتٍ تفوق الصوت ويتمتّع بقدرة عالية على المناورة.
الجدير بالذكر أنّ طائرات (Bayraktar) تعمل على الساحل الأوكراني للبحر الأسود ضدّ الأهداف العسكريّة الروسيّة.
بالمقابل، دخلت الشركات الأميركية على خطّ الاستثمار في الصناعات الدفاعية الأوكرانية، أبرزها شركة (Green Flag Ventures) التي تستثمر في ثماني شركات دفاعٍ أوكرانيّة، مع خططٍ لرفع العدد إلى 25 شركة.
بالاضافة الى ذلك، استثمرت شركة أمريكيّة تُدعى (MITS Capital) في شركة الدفاع الأوكرانيّة (Tencore) المتخصّصة في الروبوتات العسكريّة.
ليس هذا فحسب، تُخطّط الولايات المتحدة لعقد صفقةٍ بقيمة 100 مليار دولار مع أوكرانيا، مقابل حقوق ملكيّةٍ لتقنياتٍ عسكريّةٍ أوكرانيّةٍ محدّدة.
من هنا، وقعت وزارة الدفاع الأمريكيّة عقودًا مع شركتين أميركيّتين– أوكرانيّتين لإنتاج طائرات مسيّرة بعيدة المدى، وهما مدرجتان ضمن قائمة المورّدين المعتمدين للجيش الأميركي.
وفي آذار الماضي، بدأت وكالة ناسا (NASA) العمل مع روبوتات أوكرانية من إنتاج شركة (DroneUA) الدفاعيّة. وتُساعد أوكرانيا أيضًا تايوان في بناء طائراتها المسيّرة.

 

في المحصلة
ستتولّى الشركة الأميركية (Red Cat Holdings) تجميع وبيع الطائرات المسيّرة البحريّة الأوكرانية من طراز (Magura V7) داخل الولايات المتحدة. وقد استُخدمت النسخة الأصليّة من هذه الطائرات في تدمير ثُلث أسطول البحر الأسود الروسي.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث