كشفت وكالة "بلومبرغ" نقلاً عن مسؤولين أتراك، أن أنقرة تخطط لإرسال شحنة واسعة من المعدات العسكرية إلى سوريا خلال الأسابيع المقبلة، في خطوة تهدف إلى دعم الرئيس السوري أحمد الشرع، وتوسيع نفوذ تركيا على طول الحدود مع المجموعات الكردية.
ووفقاً للمسؤولين، تشمل الشحنات المرتقبة مدرعات، طائرات مسيّرة، مدفعية، صواريخ وأنظمة دفاع جوي، وسيجري نشرها في شمال سوريا لتجنّب أي توتر مع إسرائيل في الجنوب الغربي.
وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي أنقرة لتعزيز قدرات الرئيس أحمد الشرع، الذي قاد الحملة العسكرية لإسقاط بشار الأسد أواخر العام الماضي، ويسعى حالياً إلى إعادة توحيد البلاد تحت قيادته. ويُتوقع أن تساهم المعدات التركية في إعادة بناء الجيش السوري بعد أن دمّرت إسرائيل جزءاً كبيراً من ترسانته عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
هاجس أنقرة الكردي
و يعبّر التقارب التركي–السوري أيضاً عن قلق أنقرة من شمال شرق سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة. وتشكّل وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) عموداً أساسياً في هذه القوات، وهي مرتبطة بحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي خاض تمرداً مسلحاً ضد تركيا لأكثر من أربعة عقود، وتعتبره أنقرة تنظيماً إرهابياً.
وقال المسؤولون الأتراك إن أنقرة ودمشق تناقشان توسيع اتفاق أمني قائم منذ قرابة ثلاثة عقود، يسمح لتركيا بضرب المجموعات الكردية قرب الحدود. وتسعى أنقرة إلى رفع العمق المسموح به في عملياتها العسكرية من 5 كيلومترات حالياً إلى 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.
ملف حزب العمال والتهدئة المتعثّرة
وكان حزب العمال الكردستاني أعلن في أيار/ مايو الماضي عزمه حلّ نفسه والتخلي عن السلاح، لكن عملية السلام تسير ببطء وسط غموض حول خطوات نزع السلاح، وتردّد تركيا في الاستجابة للمطالب الكردية.
وترى أنقرة أن الرئيس الشرع قادر على مقاومة الضغوط الكردية بشأن الحكم الذاتي، خصوصاً في المناطق الحدودية، كما تضغط عليه لتقييد وصول قوات "قسد" إلى حقول النفط والغاز، خشية أن تذهب عائداتها لتمويل حزب العمال.
ووقع الشرع اتفاقاً مع قوات سوريا الديمقراطية في آذار/ مارس الماضي، يقضي بدمج مقاتليها ضمن الجيش الوطني السوري، غير أن التنفيذ لا يزال متعثراً. ويرجّح محللون أن أي اتفاق جديد بين دمشق وأنقرة سيعكس استمرار التوتر مع "قسد"، بالرغم من أن أحد قادتها الكبار قال لوكالة " أسوشيتد برس" هذا الأسبوع إن هناك تقدّماً جزئياً في اتفاق الدمج.
قلق من الموقف الإسرائيلي
وبالرغم من تأكيد أنقرة أن خططها العسكرية ستتركز في شمال سوريا بعيداً عن الجنوب الغربي، إلا أن المخاوف تبقى قائمة من ردة فعل إسرائيل، التي لا تُخفي اعتراضها على أي وجود عسكري تركي دائم داخل سوريا.
ويخشى أن ترى تل أبيب في تعزيز التعاون الدفاعي بين أنقرة ودمشق تهديداً لمصالحها الأمنية، خصوصاً بعد أن دمّرت إسرائيل معظم الدفاعات الجوية السورية فور سقوط المخلوع الأسد.
وتنظر إسرائيل إلى التموضع التركي على أنه منافس جديد داخل الساحة السورية، وهذا ما قد يفتح باباً للمزيد من التوترات الإقليمية، ويعقّد حسابات الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في الملف السوري.
