رأت تقارير عبرية، أن إسرائيل لن تستأنف الحرب على قطاع غزة من دون "ضوء أخضر ساطع" أميركي، مشيرةً إلى أن العثور على جثث الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة سيستغرق أسابيع وربما أكثر.
التسوية مكسب كبير لإسرائيل
وقال المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، إنه بالرغم من أن "حماس" أعلنت أنه ليس بمقدورها الوصول إلى جثث الأسرى الإسرائيليين الأخرى، بعد أن سلمت 9 جثث، هذا الأسبوع، إلا أنه في إسرائيل يزعمون أن "حماس تكذب، وأن لديها معلومات كاملة أو جزئية حول مكان وجود جميع الجثث تقريباً".
ولفت ليمور إلى أن "هذا الأمر متعلق بالأساس بإصرار الأميركيين، ومدى الاهتمام الذي سيوليه فريق الرئيس (دونالد) ترامب والضغط على قطر وتركيا ومصر، ومن خلالهم على حماس"، وأن "قطر وتركيا تريدان ترسيخ مكانة حماس في غزة، وربما الحفاظ على وجودها بصيغة ما تحت الحكم الجديد الذي سيقام في القطاع، ومصر تريد الهدوء بالأساس".
وأشار ليمور إلى أنه "إذا وافقت إسرائيل على تسوية ما في القضية الفلسطينية، فإنها ستحصل على مكسب كبير. تسوية كهذه ممكن أن تشمل منح مكانة رسمية للسلطة الفلسطينية في الإدارة المستقبلية في غزة، والاعتراف بفكرة الدولة الفلسطينية، وهو أمر غير قابل للتطبيق حالياً. وهذا سيكون كافياً للدول العربية والإسلامية، التي أقنعها ترامب ومستشاريه" بخطته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. لكنه أشار إلى أن الأمور تتعلق بسياسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الداخلية وأنه "سيتعين عليه أن يختار بين مصلحة الدولة أو قاعدته الانتخابية"، موضحاً أنه "اختار كلاهما في الأسبوع الحالي. لقد اختار الدولة عندما فضل اتفاق مخطوفين على شركائه الخلاصيين في الحكومة (أي وزير المالية بتسلئيل سموتريتش والامن القومي إيتمار بن غفير اللذان عارضا اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى)، وبعد ذلك اختار شركاءه عندما قرر عدم الذهاب إلى القمة في شرم الشيخ".
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يحافظ على استنفار القوات إثر إمكانية استئناف الحرب، "ورغم أن معظم القوات تسرحت، الاحتياط إلى بيوتهم والنظاميين للانتعاش، لكن لا تزال في غزة قوات بحجم كبير من أجل منع مفاجآت، ومن أجل رد سريع في حال تطلب الأمر ذلك".
إسرائيل ستتابع 4 أمور
ورأى أن إسرائيل ستتابع أربعة أمور التي بموجبها ستعتبر إذا كان الاتفاق ناجحاً. الأمر الأول يتعلق بإعادة جثث الأسرى؛ الثاني يتعلق باستئناف حماس صنع أسلحة، مثل قذائف صاروخية وصواريخ وألغام داخل القطاع؛ الثالث يتعلق باستئناف بناء أنفاق، وخاصة أنفاق هجومية تجاه إسرائيل؛ والرابع هو إعادة ترسيخ الحكم المدني لحماس في القطاع.
وتطرق ليمور إلى وجود حديث في إسرائيل عن "لبننة" غزة، "أي عن نموذج يستهدف من خلاله الجيش الإسرائيلي صباح مساء عناصر حماس في القطاع، مثلما يفعل ضد حزب الله في جنوب لبنان"، لكنه لفت إلى أن "هذا سيناريو متفائل جداً، ويبدو أنه منزوع عن الواقع. ففي لبنان توجد حكومة لديها مصلحة واضحة بإضعاف حزب الله، بينما في غزة حماس هي الحكومة. واغتيالات كهذه في لبنان تتم بمصادقة واشنطن، بينما في غزة أوضح الأميركيون أن الحرب انتهت. واستئنافها يتطلب أكثر من مجرد تغريدات".
وقال ليمور إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، أخلى الحلبة لصالح السياسيين والأسرى الإسرائيليين، هذا الأسبوع، "لكنه يملك خبرة كافية كي يعلم أن أكاليل الغار تجف بسرعة. غزة ما زالت هنا وليست هي فقط. وتنتظر خلف الأفق الجولة (القتالية) القادمة في إيران وكذلك في لبنان وسوريا، وبالتأكيد في يهودا والسامرة. لم يُغلق أي شيء. وإلى قائمة الصداع، بالإمكان إضافة تعزيز مكانة تركيا كإمكانية لتهديد كبير على أمن إسرائيل".
الأميركيون غير متحمسين لتبني موقف إسرائيل
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنه "يبدو حالياً أن الأميركيين غير متحمسين لتبني موقف إسرائيل في قضية إعادة المخطوفين. والإدارة الأميركية تطلب الضغط على حماس كي تأتي بنتائج، وتوجهت من أجل تحقيق ذلك إلى جهاز الأمن الإسرائيلي كي يزود معلومات استخباراتية حول الموقع المرجح للجثث، ونقلها إلى حماس. ومستشارو ترامب يعون المصاعب التقنية ولا يسارعون إلى استغلال عدم تلبية حماس للتوقعات منها كي يعلنوا عن تجميد المرحلة الثانية من الاتفاق، مثلما يريدون في الجانب الإسرائيلي".
ونقل عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إنه "في الواقع الجديد، تقلصت الأدوات التي بحوزتنا لممارسة ضغط. والإدارة تحرص على التوضيح أن سيداً جديداً وصل إلى المدينة وهو الذي سيقرر وتيرة التقدم. وقطار الصفقة غادر المحطة. والصفقة تتقدم بكل قوة من دون النظر إلى الخلف".
وأضاف هرئيل أن "هذا جزء من الواقع الجديد الذي تبذل الحكومة الإسرائيلية كل ما بوسعها كي تخفيه عن الجمهور: السيطرة في القطاع وإملاء الخطوات السياسية بعد الحرب صودرت من أيدي إسرائيل. ورغم أن الجيش الإسرائيلي لا يزال يسيطر على 53% من القطاع، لكن هذا وضع مؤقت فحسب. وتحالف المصالح بين الولايات المتحدة والوسطاء، خصوصاً تركيا، سيؤثر على سير الأمور لاحقاً. بل أنه إذا نجحت الخطة بشكل ما، سيتطور مطلب دولي بفرض نموذج مشابه في الضفة الغربية، ومن هذا خصوصا يخشى نتنياهو وشركاؤه في اليمين".
حساب مفتوح
تتحدث خطة ترامب عن قطاع غزة منزوع السلاح، وخاصة عن نزع سلاح حماس. إلا أن هرئيل لفت إلى أنه "ليس فقط أن حماس ترفض تسليم سلاحها، وإنما هي تعمل على جمع سلاح بالقوة من جهات أخرى (المليشيات المحلية العميلة لإسرائيل). ودليل آخر على تزايد قوة حماس يمكن إيجاده بتبدد فوري لمحاولة السيطرة الإسرائيلية على إمدادات المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وما وُصف قبل أقل من نصف سنة بأنه سيركع حماس اختفى كأنه لم يكن".
ونقل هرئيل عن مصدر إسرائيلي وصفه بأنه أحد قادة الحرب، تحذيره من أن "الحرب أعادت شحن مشط ذخيرة الانتقام في غزة لمئة عام على الأقل".
وخلص هرئيل إلى القول إن "الحساب مفتوح بالنسبة للفلسطينيين في القطاع. وحكومة إسرائيلية تتحلى بمسؤولية أكبر، كانت ستركز منذ الآن على هدفين: استغلال الفرصة السياسية التي أحدثها إنهاء الحرب ومراقبة مشددة على بناء قوة حماس العسكرية كي تمنع نموها مجدداً".
