قال مصدران مطلعان لوكالة "رويترز"، إن معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة سيُعاد فتحه يوم الخميس لمرور الأشخاص، مع انتشار بعثة تابعة للاتحاد الأوروبي للإشراف على عمله، ولم تُحدد المصادر القيود التي قد تُطبق على المسافرين، فيما لم يُعلّق الجيش الإسرائيلي ولا مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فوراً على هذه المعلومات.
وأعلنت السلطة الفلسطينية، أنها مستعدة لتولي تشغيل المعبر مجدداً، معتبرة أن عودتها إلى إدارة هذا المنفذ الحيوي تمثل خطوة في إطار تعزيز دورها في قطاع غزة بعد الحرب. وقال محمد اشتية، المبعوث الخاص للرئيس الفلسطيني محمود عباس: "نحن الآن جاهزون للانخراط من جديد، وأبلغنا كافة الأطراف بأننا جاهزون لتشغيل معبر رفح".
نزاع إسرائيلي ووساطة أوروبية
وكان الجيش الإسرائيلي قد سيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهو محور أساسي لتسليم المساعدات الإنسانية وخروج الجرحى. واستأنفت إسرائيل استعداداتها لإعادة فتح المعبر، بعد نزاع أثارته قضية تسليم جثث الرهائن القتلى، وهو ما كاد أن يُعطّل اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة "حماس".
وأكد مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، الجهة المسؤولة عن تدفق المساعدات، أن فتح المعبر سيكون مخصصاً لحركة الأشخاص فقط، بينما تستمر شاحنات المساعدات في الدخول عبر معابر أخرى.
وبالتوازي، أوضح اشتية أن الاتفاق المبرم سابقاً مع بعثة الاتحاد الأوروبي لمساعدة الحدود"EUBAM Rafah" ما يزال قائماً، مشيراً إلى أن تفعيله يتيح للسلطة الفلسطينية إدارة المعبر بشكل فعال. وأضاف من جنيف، حيث التقى وزير الخارجية السويسري: "الاتفاق موجود وأعتقد الآن أنه في الشكل النهائي لوضع كل الأجزاء معاً حتى يعمل".
فتح المعابر
وفي السياق، دعا توم فليتشر مسؤول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)الأربعاء في مقابلة مع "فرانس برس"، إسرائيل إلى أن تفتح "فوراً" كل المعابر لإدخال المساعدات إلى غزة.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أثناء وجوده في القاهرة: "نطالب بالوصول من دون عوائق"، موضحاً "نريد أن يحصل ذلك الآن في إطار اتفاق" وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
ويتوجه فليتشر الخميس إلى معبر رفح من الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة المقفل منذ أشهر عدة.
ورأى أن "اختبار هذا الاتفاق ليس من خلال الصور والمؤتمرات الصحافية والمقابلات... الاختبار هو أن نُطعم أطفالنا، وأن نوفر التخدير في المستشفيات للأشخاص الذين يتلقّون العلاج، وأن ننصب خيما فوق رؤوس الناس".
تحدي إعادة الإعمار
إلى جانب ملف المعابر، يواجه الفلسطينيون معضلة إعادة إعمار غزة، إذ قدّرت الأمم المتحدة التكلفة بما لا يقل عن 70 مليار دولار، بعد عامين من القصف الإسرائيلي الذي حول مساحات واسعة من القطاع إلى أرض قاحلة وأدى إلى مقتل ما يقرب من 68 ألف شخص، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.
وعبّر اشتية عن قلقه من التنافس على موارد الدعم الدولي مع دول أخرى متضررة من الحروب مثل سوريا ولبنان واليمن والسودان، قائلاً: "يمكننا التدريس في الخيام، لكننا نحتاج إلى الماء والكهرباء والغذاء حتى نُمكّن شعبنا من البقاء هناك".
دعم دولي مشروط
وأبدت دول عدة، من بينها بريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي واليابان وسويسرا، استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار غزة. وقال اشتية إن سويسرا أبلغته أنها مستعدة للمشاركة في جهود الإعمار، في حين لا تزال مسألة من سيتكفل بالعبء المالي الكبير محل نقاش سياسي واقتصادي دولي.
وقد تشكل عودة السلطة الفلسطينية إلى معبر رفح اختباراً لدورها في غزة بعد الحرب، رغم أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الصراع أبقتها على الهامش حتى الآن. وبينما تضغط بعض الدول العربية لمنح السلطة موقعاً أكبر، لم يأتِ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس على ذكرها بشكل واضح، في انتظار أن تُنفّذ إصلاحات داخلية تُمكنها من استعادة زمام المبادرة.
