رفضت إيران، بعد ترحيبها بخطة ترامب للسلام، الدعوة للمشاركة في مؤتمر شرم الشيخ على الرغم من دعمها لعملية السلام في فلسطين بحسب تصريحات المسؤولين الإيرانيين.
وكتب وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي على منصة "أکس": "إن إيران ممتنة للرئيس السيسي لدعوتها لحضور مؤتمر شرم الشيخ، لكننا لا نستطيع التفاعل مع من هاجموا الشعب الإيراني ولا يزالون يهددوننا ويفرضون علينا عقوبات. ومع ذلك، فإن إيران ترحب بأي مبادرة تضع حداً للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وتؤدي إلى انسحاب القوات المحتلة. الفلسطينيون محقون تماماً في تحقيق حقهم الأساسي في تقرير المصير، ويجب على جميع الدول، أكثر من أي وقت مضى مساعدتهم في تحقيق هذا المطلب القانوني والمشروع".
وأكد عراقجي أن "إيران ستظل دوماً قوة أساسية من أجل السلام في المنطقة، وعلى عكس نظام إسرائيل الذي يرتكب الإبادة الجماعية، فإن إيران لا تسعى إلى حروب لا نهاية لها، بل تسعى إلى السلام الدائم والازدهار والتعاون".
يأتي ذلك فيما ألقى الرئيس الإيراني ووزير الخارجية والمتحدث باسم الحكومة، بعد العودة من زيارة إلى نيويورك، باللوم على الولايات المتحدة في فشل عقد مفاوضات ثنائية بين الجانبين. وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، إنه تم تحديد موعد للاجتماع بين الجانبين في نيويورك لكن الطرف الأميركي امتنع عن حضور هذا الاجتماع.
الآن، مع دعوة الولايات المتحدة والرئيس المصري للرئيس الإيراني، تمتنع إيران نفسها عن قبول الدعوة الأميركية، وحجة وزير الخارجية الإيرانية هي أن حكومته لا ترغب في لقاء الذين اعتدوا على الأراضي الإيرانية.
ترحيب وشجب
على عكس المحافظين الذين رحبوا في الغالب برفض دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور إيران مؤتمر قمة شرم الشيخ، يعتقد الإصلاحيون أن قمة شرم الشيخ كان من شأنها أن توفر لإيران فرصة مناسبة لتقديم صورة مختلفة عن نفسها.
وكتب المستشار السياسي للرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، حميد أبو طالبي، في رسالة مفتوحة إلى الرئيس مسعود بزشكيان: "هذه الدعوة، حتى في ظل ظروف قطع العلاقات الرسمية، هي إيجابية ويمكن أن تمهد الطريق لدعوات وزيارات لاحقة حتى في واشنطن، وبالنسبة لإيران التي دفعت ثمناً باهظاً على مدى أكثر من أربعة عقود من أجل قضية فلسطين، الآن حيث أن أزمة غزة تصل إلى نهايتها والدول الإسلامية تتجه نحو تشكيل دولة فلسطين في الأراضي المحتلة، يجب أن يكون دور إيران أكثر بروزاً من أي وقت مضى. لأنه لا ينبغي أن يبقى الشعب الإيراني الذي دفع ثمن دعم فلسطين طوال هذه الفترة الطويلة خارج اللعبة عندما تحين ثمرة هذا الدعم".
وأضاف أبو طالبي أن حضور إيران في قمة شرم الشيخ كان يمكن أن يساعد في تقديم صورة إيران كقوة صانعة للسلام.
أما المتحدث باسم جبهة الإصلاح في إيران جواد إمام، فقد كتب على منصة "إكس": "البيان الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية بشأن قبول حركة حماس لخطة ترامب للسلام في غزة، والذي أعلنت فيه أنها تدعم دائماً أي مبادرة تضمن وقف الابادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في غزة، وتوفر الأرضية لتحقيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، هو بالتأكيد يعكس قراراً حكيماً ويتوافق مع المصالح الوطنية، لكن لا يمكن الآن، بسلوك متناقض، رفض قبول الدعوة للحضور إلى مؤتمر شرم الشيخ، والوقوف إلى جانب الممثلين الرسميين لدول المنطقة من أجل إنهاء الحرب في قطاع غزة؛ خصوصاً أن إيران دفعت على مدى عدة عقود ثمناً باهظاً لدعم حركة المقاومة في فلسطين، ومستقبل المنطقة وإيران مرتبطان معاً في هذه الظروف!". في حين أن حضور إيران في مؤتمر شرم الشيخ يمكن أن يمثل فرصة أخرى لعودتنا إلى الساحة السياسية العالمية.
يبدو أن إيران، لا تزال تعلق الأمل على إحياء القوة العسكرية لحماس من جديد وبقائها، ومن أجل هذا تتهرب من الانضمام إلى عملية السلام في الشرق الأوسط التي تلعب فيها الولايات المتحدة الدور الأبرز. كما أن إيران ترى أن احتمال فشل هذه العملية بسبب خرق إسرائيل للعهود، مرتفع، وهي غير مستعدة للتراجع عن الحدود الأيديولوجية التي حاربت من أجلها نحو خمسة عقود دون مقابل. ربما لا تزال إيران تعتقد أن التراجع عن هذه الحدود له ثمن، وأنه يجب أن تتم صفقة كبرى مقابل ذلك، ومنح إيران امتيازات كبيرة، يكون من بينها ضمان أمنها ورفع العقوبات عنها.
