في جلسة استثنائية للكنيست الإسرائيلي، ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطاباً وُصف بالتاريخي، أعلن فيه أن إسرائيل "حققت كامل أهدافها العسكرية"، وأن "الوقت قد حان لترجمة النصر إلى سلام دائم". وقف النواب مرات عدة لتحيته بالتصفيق، في حين رفع بعض الحضور قبعات حمراء كتب عليها بالإنكليزية "ترامب، رئيس السلام".
وقال ترامب: "لقد فزتم. أعني لقد فزتم. الآن حان الوقت لتحويل هذه الانتصارات في ساحة المعركة إلى الجائزة الكبرى: السلام والازدهار لكامل الشرق الأوسط".
إعادة إعمار غزة بمشاركة عربية
وتوسّع ترامب في الحديث عن غزة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستقود برنامجاً دولياً لإعادة الإعمار، لكنه شدد على أن العملية ستكون "مشروطة ومترابطة" مع نزع سلاح "حماس"، وضمان عدم تكرار الهجمات. وأضاف "لقد تلقيت التزامات واضحة من دول عربية وإسلامية غنية خصّصت بالفعل مليارات الدولارات لإعادة البناء. هذا ليس مجرد وعد؛ إنه خطة عملية".
وقال ترامب: "بعد ألم ومعاناة وموت هائل، حان الوقت للفلسطينيين ليركزوا على بناء مجتمعهم بدلاً من محاولة تدمير إسرائيل". وأكد أن "السلام الحقيقي يبدأ من المدارس والمستشفيات والمساكن؛ لا من الأنفاق والمخازن العسكرية".
وخاطب ترامب إيران بلهجة مزدوجة: "لقد وجهنا ضربات قوية إلى مواقعكم النووية، وأثبتنا أنكم لن تحصلوا على سلاح نووي. لكننا نمدّ يد الصداقة إذا اخترتم التعاون". وأضاف "قد يقولون لا يريدون اتفاقاً، لكن في الحقيقة يريدونه. سيكون هذا أفضل قرار في تاريخ إيران".
وربط ترامب بين الخطر الإيراني واستعداد الدول العربية للانخراط في الخطة، مؤكداً "لو امتلكت إيران السلاح النووي، لما شعرت أيّة دولة عربية بالارتياح لتوقيع اتفاقنا".
وأشاد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي، قائلاً: "بيبي (بنيامين نتيناهو)، أنت لست الرجل الأسهل في التعامل، لكن هذا ما يجعلك عظيماً". وأردف ضاحكاً: "الآن يمكنك أن تكون أكثر لطفاً قليلاً يا بيبي، لأنك لم تعد في حالة حرب". كما مازح الحضور بشأن تأخر رحلته إلى مصر: "خطاب نتنياهو الرائع، ولكنه طويل جدًا أبقاني هنا. قد أصل إلى القمة، وهُم قد غادروا".
نتنياهو: "إسرائيل طوت صفحة الحرب"
وقبل كلمة ترامب، افتتح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجلسة بخطاب أعلن فيه رسمياً انتهاء الحرب المستمرة منذ عامين، قائلاً: "اليوم نطوي صفحة الحرب". وأضاف "لقد دفعنا ثمناً باهظاً، لكن أعداءنا يعرفون اليوم أن إسرائيل أقوى مما تصوروا، وأن عزيمتها لا تنكسر".
أوضح نتنياهو أن الردع العسكري هو الركيزة الأولى للسلام: "إننا نصنع السلام عبر القوة. هذه ليست مجرد مقولة؛ بل الحقيقة التي قامت عليها دولة إسرائيل". وأكد أنَّ مبادرة ترامب "تفتح نافذة تاريخية للانتقال من الحرب إلى السلام، بشرط ألا يُمسّ بأمن إسرائيل".
وخصص نتنياهو جزءاً كبيراً من خطابه لإيران قائلاً: "النظام الإيراني يواصل محاولاته لزعزعة استقرار المنطقة عبر الإرهاب وتمويل الميليشيات. رسالتنا واضحة: لن نسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي، أو بمدّ أذرعها إلى حدودنا".
وتوجه نتنياهو مباشرةً إلى ترامب قائلاً: "أنت أعظم صديق لإسرائيل عرفته في البيت الأبيض عبر التاريخ". وأعلن عن ترشيحه لنيل "جائزة إسرائيل"، مضيفاً: "لقد غيرت قراراتك وجه المنطقة… نقلت السفارة الأميركية إلى القدس، اعترفت بسيادتنا على الجولان، وانسحبت من الاتفاق النووي الكارثي مع إيران".
أوحانا: ترامب عملاق من تاريخ اليهودية
وذهب رئيس الكنيست أمير أوحانا إلى أقصى حدود المديح، فوصف ترامب بأنه "يقف أمام الشعب اليهودي لا بوصفه رئيساً أميركياً فقط؛ بل بوصفه عملاقاً من تاريخنا — شخصية لا نجد لها مثيلاً إلا بالعودة إلى كورش الأكبر".
وأضاف أوحانا "بفضلك اقتربت إسرائيل من أربع دول عربية في اتفاقيات سلام مقابل سلام. واليوم يمكننا القول إن النظام الإيراني لن يحصل على سلاح نووي".
وأكد أنه سيقود حملة لترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام في العام 2026، مشيراً إلى أن "العالم بحاجة إلى المزيد من القادة الشجعان، الأقوياء، الجريئين… العالم بحاجة إلى المزيد من أمثال ترامب".
لابيد: هذه لحظة تاريخية
أما زعيم المعارضة يائير لابيد، فقد أعلن أن "الحرب انتهت… وإسرائيل هنا لتبقى". وأشاد بالوساطة الأميركية قائلاً: "ترامب أنقذ الملايين من ويلات الحرب، ويستحق جائزة نوبل للسلام".
وأضاف لابيد "عيوننا مملوءة بالدموع اليوم… أطفالنا يعودون إلى منازلهم". ودعا إلى تحويل الانتصار العسكري إلى مسار سياسي أوسع "يثبت وقف القتال، ويمنع العودة إلى التصعيد".
مشهد متوتر داخل الكنيست
ولم تخلُ الجلسة من التوتر؛ فقد قاطع نواب يساريون خطاب ترامب ونتنياهو، ورفعوا لافتة كُتب عليها "إبادة جماعية"، قبل أن يجري إخراجهم بسرعة، في حين ردّ ترامب: "ذلك كان سريعًا وفعالاً للغاية".