شهد قطاع غزة اليوم سلسلة من الأحداث الأمنية والإنسانية المتشابكة، في ظل استمرار هشاشة الأوضاع بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الجمعة الماضية، حيث اندلعت اشتباكات بين قوات أمن حركة "حماس" وعصابة مسلحة في دير البلح، أسفرت عن مقتل اثنين من أفراد العصابة، فيما استشهد مواطن فلسطيني في مدينة خانيونس برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء تفقده منزله، بالتوازي مع تقارير عن تعرض قوافل مساعدات إنسانية للسرقة جنوب القطاع، وقيام المقاومة بتنفيذ أحكام إعدام بحق عملاء وخارجين عن القانون في مدينة غزة.
اشتباكات وإعدامات بحق عملاء
وأفادت مصادر محلية باندلاع مواجهات عنيفة بين الأجهزة الأمنية وعصابة مسلحة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل اثنين من أفراد العصابة، بينما اعتقلت القوات عدداً آخر وصادرت أسلحة كانت بحوزتهم. وتأتي هذه العملية في إطار مساعي حكومة غزة لفرض الأمن الداخلي بعد الانسحاب الإسرائيلي من أجزاء من القطاع، والحد من نشاط العصابات والميليشيات المسلحة التي تنامت خلال الحرب.
وذكرت مواقع إخبارية فلسطينية أن المقاومة في غزة نفذت حكم الإعدام بحق عدد من العملاء والخارجين عن القانون في مدينة غزة، في خطوة قالت إنها تهدف إلى مواجهة الاختراقات الأمنية ومحاولات نشر الفوضى. ولم تُعلن تفاصيل عن أعداد المُعدَمين أو هوية المتهمين، لكن مصادر محلية أشارت إلى أن العملية جاءت بعد محاكمات ميدانية أجرتها الأجهزة الأمنية.
وفي حادث منفصل، استشهد المواطن خالد بربخ برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم الاثنين، أثناء تفقده منزله في منطقة السكة وسط مدينة خانيونس جنوبي القطاع. وأكدت مصادر محلية أن بربخ قُتل رغم سريان وقف إطلاق النار، ما أثار موجة غضب واستنكار في المدينة.
سرقة قوافل المساعدات
على الصعيد الإنساني، كشفت مصادر فلسطينية ومصرية لصحيفة " العربي الجديد"، أن عدداً من قوافل المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة عبر معبر رفح ومن ثم كرم أبو سالم، تعرضت لـ"سطو كامل" فور دخولها الأراضي الفلسطينية، في مناطق تقع ضمن نطاق سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي بحسب الخرائط الميدانية للاتفاق الأخير.
وأوضحت المصادر أن عصابات مسلحة استغلت غياب أي ترتيبات أمنية محلية أو دولية في تلك المناطق، ما سمح لها بنهب الشاحنات بكامل حمولتها، من دون أن تصل إلى المؤسسات المكلفة بالتوزيع. وأشارت إلى أن الأجهزة الأمنية في غزة "لا تستطيع الوصول إلى تلك المناطق بسبب بقاء القوات الإسرائيلية على أطرافها".
قلق المنظمات الإنسانية
وأثارت الحادثة قلقاً متزايداً لدى المنظمات الإنسانية التي كانت تعوّل على انتظام تدفق المساعدات لتخفيف الأزمة بعد عامين من الحرب. في المقابل، تمكنت بعض شاحنات البضائع الخاصة من الوصول بسلام إلى وسط القطاع، بعد أن جرى تأمينها عبر شركة الأقصى للتأمين التابعة لرجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني، في تنسيق مع الجانب المصري منذ لحظة عبورها معبر رفح.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن الاحتلال أدخل الأحد 173 شاحنة مساعدات، بينها 3 شاحنات محمّلة بغاز الطهي و6 شاحنات وقود سولار لتشغيل المخابز والمستشفيات. وأوضح أن الاتفاق ينص على إدخال ما لا يقل عن 400 شاحنة عبر خمسة معابر، لكن لم يُنفذ بالكامل.
وأكد المكتب أن الكميات التي دخلت "محدودة جداً" ولا تلبّي سوى جزء ضئيل من احتياجات أكثر من 2 مليون و400 ألف فلسطيني يعيشون في القطاع، مشدداً على أن غزة بحاجة إلى تدفق مستمر وكبير للمساعدات الغذائية والطبية والوقود وغاز الطهي بشكل عاجل ومنتظم.
