اندلعت مواجهات حدودية بين القوات الباكستانية والأفغانية، تعتبر الأعنف منذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في كابول في العام 2021، وهذا ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى من الجانبين، وإغلاق المعابر الحدودية الرئيسة، وسط اتهامات متبادلة بتأجيج الصراع ودعم جماعات مسلحة.
وقال الجيش الباكستاني، اليوم الأحد، إن 23 من جنوده قُتلوا وأصيب 29 آخرون في الاشتباكات، في حين أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل تسعة من مقاتلي طالبان وإصابة آخرين. لكن الطرفين زعما وقوع خسائر أكبر بكثير؛ إذ قالت باكستان إنها قتلت أكثر من 200 من مقاتلي طالبان الأفغان وحلفائهم، في حين قالت كابول إنها قتلت 58 جندياً باكستانياً، واستولت على 25 موقعاً حدودياً.
الغارات الجوية تسبق المواجهات
وكانت باكستان قد شنّت غارات جوية في العاصمة كابول وأسواق بولايات خوست وننغرهار شرق أفغانستان، وفق مسؤولين أمنيين باكستانيين وأفغان، من دون إعلان إسلام آباد مسؤوليتها. وردّت طالبان بهجمات انتقامية استهدفت مواقع عسكرية باكستانية على طول خط دوراند، وهو خط حدودي متنازع عليه رسمه البريطانيون في العام 1893، ولا تعترف به كابول رسمياً.
وأفاد مسؤولون محليون أن القتال شمل سبع ولايات حدودية أفغانية، وتضمن تبادل نيران بالمدفعية الثقيلة، مع نشر لقطات باكستانية قالت إنها تُظهر استهداف نقاط عسكرية أفغانية. وأعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أن عملياتها توقفت عند منتصف الليل، في حين تحدث سكان عن استمرار إطلاق نار متقطع في منطقة كورام الباكستانية حتى صباح الأحد.
إغلاق المعابر وتوتر متصاعد
وأغلقت السلطات الباكستانية الأحد المعبرين الرئيسين مع أفغانستان في طورخم وتشامان، إضافة إلى ثلاثة معابر فرعية في خارلاتشي وأنجور أدا وغلام خان. ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه اتهامات إسلام آباد لكابول بإيواء مسلحي حركة طالبان باكستان، الذين كثّفوا هجماتهم في إقليم خيبر بختونخوا، آخرها هجوم الجمعة الذي أسفر عن مقتل 23 شخصاً، بينهم 20 من قوات الأمن.
من جهتها، نفت طالبان الأفغانية بشدة الاتهامات، مؤكدةً أنها لن تسمح باستخدام أراضيها لتهديد دول أخرى. وقال المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد: "لا يوجد أيّ تهديد في أيّ جزء من أراضي أفغانستان… ستدافع الإمارة الإسلامية وشعب أفغانستان عن أرضهما".
وساطات خليجية ومخاوف إقليمية
وأعلنت كابول أنها أوقفت الهجمات بناءً على طلب قطر والسعودية، اللتين أصدرتا بيانين أعربتا فيهما عن القلق من التصعيد. في المقابل، حمّلت باكستان مسؤولية الهجمات لحركة طالبان الأفغانية و"مجموعة فتنة الخوارج" (حركة طالبان باكستان)، متهمةً الهند بتمويلها ودعمها، وهو ما نفته نيودلهي.
وتزامن التصعيد مع زيارة نادرة لوزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي إلى الهند، وهو ما أثار مخاوف باكستان من تعزيز التعاون بين كابول ونيودلهي. واعتبر محللون أن نيودلهي تسعى لتوسيع نفوذها في أفغانستان، لتأمين مصالحها الأمنية ومنافسة باكستان والصين.
وبالرغم من إعلان الطرفين وقف القتال، فإن الوضع يبقى قابلاً للانفجار مجدداً في أيّة لحظة، بما ينذر بتداعيات أمنية وسياسية خطيرة على استقرار جنوب آسيا.
