لليوم الثاني على التوالي، تواصلت مسيرات النازحين العائدين من جنوب غزة إلى المناطق الشمالية ومدينة غزة، وخصوصاً إلى المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
ووفقاً للتقارير المحلية، حزم آلاف النازحين أمتعتهم في أماكن نزوحهم وسط وجنوبي القطاع، وانطلقوا سيراً على الأقدام باتجاه أماكن سكنهم في مناطق بمدينة غزة وبعض مناطق محافظة الشمال. ويتم الانتقال من الجنوب إلى الشمال عبر شارعي الرشيد غرباً وصلاح الدين شرقاً، في رحلة شاقة تستمر لساعات، فيما تنقّل بعضهم عبر المركبات القليلة العاملة جراء شح توفر الوقود، وعربات تجرها حيوانات، ودراجات هوائية ونارية.
وفي موازاة ذلك، عاد الآلاف من مناطق نزوحهم إلى أماكن سكنهم في مناطق تقع بوسط وأجزاء من شرقي مدينة خانيونس جنوب القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها. في حين اضطر مئات النازحين من الذين وصلوا إلى مناطق سكنهم الجمعة، إلى نصب خيام على أنقاض منازلهم بعدما دمرتها الإبادة الإسرائيلية.
العمل على انتشال 10 آلاف شهيد
وبدأ سكان المناطق التي جرت العودة إليها اليوم، باكتشاف حجم الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية ببيوتهم وبالبنية التحتية. وفي السياق، أعلنت وزارة الصحة في غزة، انتشال 116 شهيداً في مناطق القطاع خلال الساعات الـ24 الماضية، كما أعلنت أن مستشفيات القطاع استقبلت 35 شهيداً و72 مصاباً خلال الساعات الـ24 الماضية.
وأشارت الوزارة إلى ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 67,682 شهيداً و170,033 مصاباً منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
من جهته، قال متحدث باسم الدفاع المدني في غزة في تصريحات خاصة لـ"التلفزيون العربي" إن طواقمه انتشلت 150 شهيداً منذ أمس الجمعة، وتلقت أكثر من 75 نداء استغاثة منذ فجر اليوم السبت.
وأضاف أنّ فرق الإنقاذ تعمل على انتشال جثامين نحو 10 آلاف شهيد ما زالوا تحت الأنقاض، وسط نقص حاد في المعدات والإمكانات واستمرار الدمار الواسع الناتج عن العدوان الإسرائيلي.
كما كشف الدفاع المدني أنّ طواقمه عثرت على لعب أطفال ومعلبات طعام مفخخة، مؤكداً أن الاحتلال تعمّد زرعها لاستهداف المدنيين وإيقاع المزيد من الضحايا. وقال المتحدث إنه لا توجد خيام ولا بيوت جاهزة لإيواء المواطنين العائدين من مناطق الجنوب.
من جهتها، قالت منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن "الناس في غزة بدأوا العودة إلى الشمال مجدداً وهم غير متأكدين مما تبقى من بيوتهم ومجتمعاتهم". وأضافت: "لدينا ما يكفي من الغذاء لجميع سكان غزة لمدة 3 أشهر".
دعوات للحفاظ على المرافق العامة
وقالت بلدية غزة، في بيان صحافي اليوم: "معًا نُعيد الحياة إلى مدينتنا.. غزة تتنفّس من جديد.. وطواقمنا تواصل عملها بكلّ جهد لإعادة الحياة إلى شوارعها".
وأهابت البلدية بالمحافظة على المرافق العامة، والشوارع، والمفترقات خالية من البسطات والعوائق، لتسهيل الحركة المرورية أمام سيارات الإسعاف وفرق الطوارئ والخدمات.
وأكدت أن "الحفاظ على المرافق العامة مسؤوليةٌ جماعية وواجبٌ وطني، فهي ملكٌ وحقٌّ لكلّ أبناء المدينة".
وكان المتحدث باسم بلدية غزة عاصم النبيه، قال في تصريحات صحافية، في وقت سابق اليوم، إن المدينة تواجه دماراً شاملاً في بنيتها التحتية، مؤكداً أنّه "لا يوجد شارع في غزة إلا وتضرر"، مشيراً إلى أنّ إعادة فتح المدينة عملية معقدة في ظل غياب الآليات المتطورة.
من جهته، قال رئيس بلدية خانيونس، إن 85% من المحافظة مدمر، مشيراً إلى وجود نحو 400 ألف طن من الركام تحتاج إلى الإزالة.
وأوضح أن نحو 300 كيلومتر من شبكات شبكات المياه في المدينة، و75% من شبكة الصرف الصحي كلها تعرضت للدمار، وذلك بالإضافة إلى أكثر من 350 ألف طن من النفايات.
وأضاف: "لدينا 9 فرق تعمل على فتح الطرق ونحتاج إلى وقود الديزل لإنجاز المهمة، كما نحتاج إلى آليات حديثة للتعامل مع الركام، وإلى مولدات كهرباء لاستبدال المولدات المدمرة والمتهالكة".
