أكد ياسر السليمان، المتحدث باسم وفد "الإدارة الذاتية" للتفاوض مع الحكومة السورية في دمشق، أن الوفد التابع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) طالب خلال اجتماع رسمي مع الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق، بضرورة الإسراع في تطبيق اتفاق 10 آذار/مارس، إضافة إلى تمسكه بوحدة الأراضي السورية ورفضه لأي مشاريع انفصالية.
ولفت السليمان في مقابلة خاصة مع "المدن"، إلى أنه تم التفاهم خلال الاجتماع على أهمية تشكيل قوة مشتركة مع الحكومة السورية لمكافحة الإرهاب، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية والإدارية بين الطرفين، بما يضمن حقوق المدنيين في شمال وشرق سوريا.
ودعا الوفد التابع لـ"قسد" خلال الاجتماع، إلى تفعيل الإدارات المحلية ضمن إطار لا مركزي إداري، وكتابة دستور وطني جامع يضمن تمثيل جميع المكونات السورية دون إقصاء أو تهميش.
وقال السليمان، إن "الأيام حبلى وستلد"، في إشارة إلى تفاؤله بمخرجات الاجتماع الذي كان معداً مسبقاً، وحضره المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، للتأكيد على حتمية وضرورة عقد اللقاء، بعيداً عن المناوشات التي شهدها حيّا الأشرفية والشيخ مقصود.
وأضاف أن الاجتماع ركز على وقف إطلاق النار والاشتباكات في الحيين وفي جميع أنحاء سوريا، وجاء مكملاً لمسار العملية التفاوضية، وقد عُقد في دمشق بحضور الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية إلهام أحمد، وقائد قوات "قسد" مظلوم عبدي، إضافة إلى ممثلين عن قوات سوريا الديمقراطية، ومجلس سوريا الديمقراطية.
كما حضر الاجتماع رئيس حزب "سوريا المستقبل" عبد حامد المهباش، والرئيس المشترك للوفد التفاوضي مع الحكومة السورية، إلى جانب توم باراك وقائد القيادة المركزية الأميركية في المنطقة براد كوبر.
لقاء مثمر
وتابع أن اللقاء وُصف بالإيجابي والمثمر، واتسمت أجواؤه بالشفافية، حيث تم التطرق إلى مناقشة اتفاق 10 آذار وآليات تطبيقه بكل أريحية.
وزاد بالقول: "انبثقت فكرة تشكيل قوة مشتركة مناصفة بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، مهمتها مكافحة الإرهاب، إلى جانب إقامة غرفة قيادة مشتركة بين الطرفين".
وأشار إلى أن الاجتماع وضع حداً للتكهنات والتحشيدات والتصريحات التي يطلقها "الذباب الإلكتروني"، والذي تجنده قوى تسعى لزعزعة الاستقرار في سوريا وتعرقل تنفيذ الاتفاق الوطني الموقع في 10 آذار، مبيناً أن وقف إطلاق النار في حيّي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، جاء استجابة للمناشدات الجماهيرية، بهدف حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم، وفق تعبيره.
دمج المؤسسات
وأكد ممثلو شمال شرق سوريا تمسكهم بوحدة التراب السوري، وإصرارهم على تطبيق اتفاق 10 آذار بروح وطنية، رغم الهجمات الإعلامية التي تحاول التحريض وإشعال الحرب في المنطقة، ما يؤدي إلى تصعيد يزعزع الاستقرار، وهو ما لا يخدم مصالح سكان شمال شرق سوريا، بحسب السليمان.
وذكر السليمان، أن المجتمعين شددوا على ضرورة دمج المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية والإدارية، ومناقشة جميع الملفات بطريقة تحفظ حقوق المدنيين في شمال شرق سوريا، وتضمن حصولهم على كافة حقوقهم.
ونفى السليمان أن يكون مظلوم عبدي قد طالب بالحكم الذاتي، مؤكداً أن ذلك غير وارد في أجندات "قسد"، التي تسعى إلى تفعيل الإدارات المحلية بصورة حقيقية، وإلى لا مركزية إدارية تتيح لأبناء كل محافظة إدارة شؤونهم بأنفسهم.
كما أكد السعي لإقامة دولة واحدة تعددية ديمقراطية تعترف بحقوق الجميع وتحتضنهم، دون نية للانفصال، حرصاً على وحدة الأراضي السورية وسلامة شعبها بمكوناته الأصيلة.
وأعرب المشاركون عن تفاؤلهم بإمكانية تحقيق اندماج وتوافقات تقطع الطريق على المحرضين. وأشاروا إلى توافقهم مع السياسة الأميركية التي تهدف إلى استيعاب الجميع وفرض السلام، مؤكدين رغبتهم في التفرغ لبناء دولة حضارية متطورة تنافس الدول الأخرى في قيم الديمقراطية، وفق كلام السليمان.
وقال: "رغم أن تطبيق الاتفاق لن يتم في يوم واحد، فإن اللجان التقنية في شمال وشرق سوريا جاهزة، وينتظر أن تعلن الحكومة السورية جاهزية لجانها للجلوس مع نظيراتها من أجل وضع آليات تنفيذ الاتفاق".
وأشاد المجتمعون بلهجة المبعوث باراك، حسب السليمان، الذي كان شفافاً وصريحاً ومرناً في عرض الآراء واستقبال المقترحات، وأكدوا أنهم لا يتحدثون باسم الأكراد فقط، بل باسم جميع مكونات الشعب السوري في المنطقة، متوقعين أن يتوجه الجميع نحو الوحدة الوطنية والتشاركية لبناء سوريا متقدمة، ومعولين على الروح الوطنية لدى السوريين رغم الخلافات التي شهدتها السنوات الماضية.
دولة واحدة
وشددوا على أن سوريا دولة واحدة، وأنهم يعولون على كتابة دستور وطني جامع وشامل، يحدد المفاهيم الوطنية من تعريف المواطن إلى المواطنة، ويعالج القضايا الكبرى والصغرى.
وأكد المشاركون أن الأميركيين يريدون تطبيق رؤية الرئيس دونالد ترامب في بناء سوريا واحدة تستوعب الجميع، ودمج جميع المكونات والإثنيات في الدولة السورية الجديدة.
ولفت السليمان إلى أنه تم التأكيد على عقد لقاءات قريبة ضمن تطبيق اتفاق 10 آذار، للبدء بعمليات الدمج المؤسساتي والإداري، مع حرص الأميركيين على تمثيل السوريين بكل مكوناتهم.
كما تم التأكيد على ضرورة تغيير الدستور، والانتقال من مرحلة إعلان دستوري إلى إعلان دستور جامع وشامل لا يُقصي ولا يُهمّش أحداً. وأعرب المشاركون عن تفاؤلهم بالبدء بتطبيق الاتفاق، وتوقعوا أن تكون قسد ضمن هيكلية الجيش السوري، على أن تُرسم الآلية العسكرية والأمنية من قبل الجهات المختصة في الطرفين.
واعتبروا أن مظلوم عبدي يمثل تطلعات السوريين في شمال وشرق سوريا، ويحمل آمالهم في العيش بدولة تحمي حقوقهم وتصون كرامتهم.
واعتبروا أن الدمج سيُحدث تغييرات على الشكل الإداري والمؤسساتي في شمال وشرق سوريا، بما يعزز الوحدة الوطنية ويضمن الحقوق ويطور المؤسسات، مع ضمان حقوق المؤسسات والمفاصل الإدارية التي تم بناؤها.
وختم السليمان حديثه بأن "كل ما يتم الاتفاق عليه يجب أن يُدوّن في الدستور"، وفق كلامه.
