بينما دخل وقف إطلاق النار في غزة حيّز التنفيذ بعد حرب دامت عامين، بدأت وحدات أميركية بالوصول إلى إسرائيل لتشكيل قوة متعددة الجنسيات، مهمتها مراقبة الهدنة وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية. لكن التحديات الأمنية والسياسية تضع علامات استفهام كبيرة حول استقلالية هذه القوة وفاعليتها، بحسب تقرير نشرته صحيفة " ذا تايمز".
قوام القوة ومهامها
ويتكوّن الفريق من نحو 200 جندي أميركي، مع توقع مشاركة قوات من مصر وقطر وتركيا والإمارات، إضافة إلى منظمات غير حكومية وجهات خاصة. وبموجب الخطة الأميركية، أنشأت القيادة المركزية (سنتكوم) مركزاً للتنسيق المدني–العسكري في إسرائيل بقيادة الأدميرال براد كوبر، لتسهيل دخول المساعدات وتقديم دعم لوجستي وأمني، وفق الصحيفة البريطانية التي أكدت أن معظم القوات الأمريكية المشاركة هي من المخططين العسكريين واختصاصيين لوجستيين وأمنيين، وسيساعدون في مراقبة تنفيذ الاتفاق والانتقال إلى حكومة مدنية في غزة، كما ستنسّق أيضاً مع الأمم المتحدة، التي تستعد لإرسال مساعدات ضخمة بعد القيود الإسرائيلية السابقة.
وأكد مسؤولون أميركيون لـ"ذا تايمز"، أن "الجنود لن يدخلوا غزة، ولا يزال موقع تمركزهم مجهولاً، و بدلاً من ذلك، سيعتمدون على المسيّرات، وطائرات الاستطلاع، والأقمار الصناعية، وأجهزة استشعار لمراقبة أي خروقات. لكن صلاحياتهم لا تشمل التدخل أو فرض".
خطة الهدنة الإسرائيلية
وتنص المرحلة الأولى من الهدنة على أن تسحب إسرائيل قواتها إلى "الخط الأصفر" خلال 24 ساعة، لكنها ستبقي سيطرتها على بيت حانون، وأجزاء من غزة وخانيونس، ومعظم رفح، أي ما يقارب نصف القطاع.
ويشير مدير الدراسات العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، ماثيو سافيل، إلى أن ضيق مساحة غزة يجعل رصد الخروقات سهلاً نسبياً، لكن "المشكلة ستكون في تحديد المسؤولية عن أي انتهاك". ويثير انخراط الفريق الأميركي في التنسيق المباشر مع الجيش الإسرائيلي، تساؤلات حول مدى استقلالية القوة وسط انعدام ثقة عميق بين إسرائيل وجيرانها، وفق الصحيفة.
مصداقية عربية ضرورية
وتؤكد الصحيفة أن مشاركة الدول العربية أمر أساسي لإضفاء الشرعية على القوة، مع احتمال اللجوء إلى طلعات استطلاع جوية لمتابعة الأوضاع، ويصف العميد البريطاني السابق والباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، بن باري، القوة بأنها "عقدة قيادة وتخطيط" قد تمهّد لتشكيل قوة دولية للاستقرار لاحقاً. ويشدّد على حاجة الولايات المتحدة لتوفير معلومات استخباراتية عبر طائرات المراقبة لفهم من أطلق النار أولاً، مذكّراً بأن المواقف "قد تكون واضحة أحياناً وملتبسة في أحيان أخرى"، استناداً إلى خبرته في البوسنة بعد اتفاق دايتون. كما يرى أن وسائل التواصل الاجتماعي ستسهل كشف الانتهاكات والتحقيق فيها.
الدور البريطاني واحتمال التغيير
وبما أن بريطانيا كانت قد أرسلت سلاح الجو الملكي واستعانت بمتعاقدين أميركيين للتجسس فوق غزة بحثاً عن الرهائن لصالح إسرائيل، تشير الصحيفة إلى أن المهمة قد تتحول إلى مراقبة الهدنة. وبرغم ذلك يبقى السؤال مطروحاً ماذا سيحدث إذا رصدت القوة خروقات؟ ، لا سيما أن الآلية لا تزال غير واضحة، وتكمن المخاطر، وفق تحليل "ذا تايمز"، في ثلاثة محاور، غياب الاستقلالية بسبب التنسيق المباشر مع الجيش الإسرائيلي، وفقدان المصداقية الإقليمية ما لم تنخرط الدول العربية بشكل فعّال، والغموض حول الإجراءات في حال وقوع خروقات، مما قد يضعف قدرة القوة على ردع الأطراف.
ويبدو أن السجل الإسرائيلي المثقل بالانتهاكات، يثير الشكوك حول قدرة أي قوة مراقبة جديدة على فرض مصداقية في الميدان، لا سيما وأنه رغم الهدنة التي وُقّعت مع "حزب الله" في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، اتهم رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إسرائيل بارتكاب أكثر من 4500 خرق أدت إلى مئات القتلى.
