رضخ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيما شكّل العدوان على العاصمة القطرية منعطفاً ساهم بازدياد الضغط الأميركي على تل أبيب، ما أدى في نهاية الأمر للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
نتنياهو سيستغل الاتفاق
جاء ذلك وفقاً لتحليلات عبرية تناولت الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و"حماس" لإنهاء الحرب على غزة.
وكتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، الخميس، أن نتنياهو "سيحاول، الآن، تصوير نهاية الحرب على أنها نجاح، لكن من المستحيل تجاهُل الفجوة الهائلة بين ما قدّمه لناخبيه، وما حدث بالفعل".
وقال: "لا يوجد نصر كامل على حماس هنا، والأمر بعيد كل البعد عن سحقها، مثلما تعهّد الناطقون باسم الحكومة، طوال الحرب".
وفي حين أشار هرئيل إلى أن حركة "حماس" قد مُنيت بهزيمة عسكرية، قبل عدة أشهر، شدّد على أن الترتيبات وفق الاتفاق الذي تم التوصّل إليه؛ "لا تضمن نزع سلاح حماس بالكامل، أو قتل كبار قادتها، أو حتى نفيهم".
وأشار إلى أنه على الرغم من أن هناك "فهماً" يقضي بألّا تمتلك حركة "حماس"، سلطة كاملة في قطاع غزة، بعد الآن، "لكن لم يتضح بعد، شكل ذلك، ويبدو أيضاً أن الفلسطينيين قد حققوا تدويلًا للصراع، وهو أمر لم يحدث من قبل، في تناقض تامّ مع أهداف نتنياهو المُعلَنة".
وشدّد على أن "خلاصة القول، هي أن رئيس الحكومة (نتنياهو)، قد رضخ لترامب؛ هذا ما حدث".
ويُبلغ نتنياهو مؤيديه بأنه إذا انسحبت إسرائيل إلى الخط الأصفر في قطاع غزة، وفقاً للخرائط التي وضعتها إدارة ترامب، سيظل جيش الاحتلال الإسرائيلي مسيطرًا على 53% من أراضي القطاع، والتي كانت في الأصل نحو 70%، مشيراً إلى أن ما سيحدث لاحقاً "يعتمد على سلوك حماس"، فإذا رفضت الحركة النأي بنفسها عن السُّلطة، وواصلت التمسّك بالسلاح، فلن تنسحب إسرائيل.
هل تلجأ إسرائيل لنموذج لبنان؟
غير أن هرئيل ذكر أنه "من المشكوك فيه، أن يكون الأمر بهذه البساطة"، مشيراً إلى أن "هناك ضغطاً مضاداً سيمارسه الوسطاء، والأرجح أن يُطالب الأميركيون إسرائيل لاحقاً، بسحب قواتها، أكثر نحو الحدود".
وأوضح هرئيل أنه قد تكون هناك عقبات أخرى يجب معالجتها، مشيراً إلى أن ترتيبات وقف النار في لبنان، تعمل لصالح إسرائيل، بعد نحو عام من انتهاء الحرب هناك.
وفيما يواصل جيش الاحتلال خروقاته بشكل يوميّ بلبنان، ويشنّ غارات، جنوب نهر الليطاني، وفي بعض الأحيان، يستهدف مواقع شماله، شدّد المحلل العسكريّ على أنّ "حزب الله امتنع عن الردّ حتّى الآن، فهل سينجح هذا الطرح في غزة كذلك، فيما الأنظار كلها متجهة إليه؟ (إلى القطاع)".
كما أنّ هناك صعوبة أخرى تتعلق بالقتلى الإسرائيليين، إذ يرى هرئيل أنه "من المرجّح أن تعلن حماس عن عجزها عن العثور على بعض الجثث، نظراً للزلزال (الإبادة الجماعية والتدمير المُمنهَج الذي سوّى القطاع بالأرض) الذي ضرب القطاع، خلال العامين الماضيين".
وأشار إلى أنه "يبدو أن الجمهور الإسرائيلي، لا يدرك تمامًا أن الألغاز ستظلّ عالقة؛ لكن المشكلة الأكبر، بعد عودة المُحتجَزين، ستبقى مسألة سلامة سكان منطقة (غلاف غزة)، ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن الحرب على وشك الانتهاء، أخيراً".
العدوان على الدوحة لحظة حاسمة
وتطرق تحليل "هآرتس" إلى العدوان على الدوحة، مشيراً إلى أن "اللحظة الحاسمة التي أدت إلى توقيع الاتفاق، الخميس، واضحة للعيان، وهي الهجوم الإسرائيلي الفاشل في الدوحة"، والذي شنّته تل أبيب في 9 أيلول/ سبتمبر الماضي، في محاولة لاغتيال أعضاء فريق حماس التفاوضي.
وذكر أنه صحيح أن نتنياهو، قد "وجّه تحذيراً مبهماً لترامب، بشأن نيّته الهجوم، لكن هذا لم يُهدئ غضب الرئيس الأميركي، لاحقاً، فمصالحه الاقتصادية، ومصالح كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، والقطريين، متشابكة".
وشدّد المحلل العسكري على أن "أمير قطر (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني)، استطاع استغلال الغضب، وتحويله إلى مطلب حقيقيّ من ترامب، لإجبار نتنياهو على إنهاء الحرب".
وبذلك، "وُظِّف الضغط الأميركي على الطرفين؛ إسرائيل وحماس، وكذلك على الوسطاء: قطر ومصر، ومؤخّرا تركيا... وعندما يبدأ ترامب بذلك... لا أحد يستطيع المقاومة، ولعلّ نتنياهو هو الأقلّ قدرة على ذلك".
