لماذا تدفع "قسد" باتجاه المواجهة مع الحكومة السورية؟

إسطنبول - فراس فحامالأربعاء 2025/10/08
قوات سوريا الديمقراطية-Getty.jpg
يظهر السلوك الذي ينتهجه تنظيم "قسد" رغبة بدفع الحكومة السورية إلى المواجهة (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

يُظهر السلوك الذي ينتهجه تنظيم "قسد" رغبةً بدفع الحكومة السورية إلى المواجهة العسكرية، على الرغم من توقيع اتفاق 10 آذار/ مارس 2025، الذي ينصّ على الاندماج ضمن الدولة السورية، مع الاعتراف بوحدة الأراضي في البلاد.
ومنذ توقيع الاتفاق لم تُتَّخذ أيّة خطوات لتنفيذه على الأرض، على العكس من هذا، فقد صعّد التنظيم سياسياً وميدانياً ضد الحكومة السورية في مناسبات عدة، أبرزها عند إقامة مؤتمر المكوّنات في الحسكة شهر آب/ أغسطس الماضي، الذي بدا كأنه محاولة لتقديم بديل عن الخطوات التي تتخذها الحكومة السورية في سياق عملية الانتقال السياسي، كما عادت موجات التصعيد الميداني في محافظة حلب اعتباراً من آواخر أيلول/ سبتمبر الماضي.


مواجهات محدودة في حلب
اندلعت مواجهات محدودة في حلب بين "قسد" والقوات الحكومية السورية في 6 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أدت إلى سقوط ضحايا من العسكريين والمدنيين، حيث وسّعت "قسد" على نحوٍ لافت من نطاق القصف، ليشمل أحياء ضمن المدينة بعيدة عن تمركزها في الشيخ مقصود والأشرفية، فقد طال القصف حي سيف الدولة الذي سقط فيه قتلى وجرحى، وهو ما أثار الذعر في صفوف المدنيين بعد فترة هدوء سادت منذ مطلع العام 2025.
هذا التصعيد جاء بعد إجراءات أمنية أخذت الحكومة السورية في تطبيقها على الحيّين الخاضعين لسيطرة "قسد"، وشملت إقامة نقاط تفتيش جديدة، والتدقيق في هوية من يدخل إليهما أو يخرج منهما.
وفقاً للمعلومات المتداولة ضمن أروقة الحكومة السورية، فإن الإجراءات التي اتُّخذت تهدف إلى ضبط الوضع الأمني في هذين الحيّين، ومنع استمرار تدفق الأسلحة والمقاتلين إليها، حيث يسود الاعتقاد في الأوساط الحكومية أن تنظيم "قسد" يجّهز لمواجهة عسكرية.
وعلى الرغم من الاشتباكات المتبادلة، التي اندلعت قبل يوم واحد فقط من لقاء مجدول بين "قسد" والحكومة السورية برعاية أميركية، أعلنت دمشق على نحوٍ رسمي أنها ملتزمة باتفاق 10 آذار/ مارس الموقع بين الطرفين، وبالفعل جرى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد اللقاء الذي جمع قائد "قسد" مظلوم عبدي مع وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة.


تهرُّب من الاستحقاقات السياسية
وفقاً لمعلومات جرى الحصول عليها من مصادر دبلوماسية في دمشق، فإن تياراً ضمن تنظيم "قسد" يدفع باتجاه مواجهة عسكرية مع الحكومة السورية، لخلق ذريعة لعدم الاستجابة للضغوط الأميركية التي تهدف إلى تطبيق اتفاق الاندماج، حيث يقود هذه الجهود المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك.
وبدا لافتاً أن موجة التصعيد الأخرى التي بدأت في محيط منطقة دير حافر بريف حلب، ثم امتدت لاحقاً إلى المدينة، بدأت قبل أيام فقط من الانتخابات التشريعية التي شهدتها سوريا في 5 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، والتي أكدت "قسد" لاحقاً أنها لن تعترف بنتائجها، مما أوحى بوجود رغبة بإعادة أجواء التوتر إلى البلاد، وتفويت الفرصة على الحكومة لإظهار نجاحها في استحقاق الانتخابات، التي نتج عنها دخول ممثلين عن مختلف الطوائف والأعراق السورية إلى المجلس التشريعي.


البحث عن فرض شروط جديدة
تؤكد المعلومات الواردة من دمشق أن "قسد" تعمل بواسطة التصعيد الميداني، للدفع باتجاه الموافقة على شروط جديدة في سياق تطبيق اتفاق 10 آذار/مارس، بعضها يخالف فحوى الاتفاق، ومن ضمنها الإبقاء على قواتها كتلة واحدة داخل الجيش السوري، على أن تكون فيلقاً مستقلاً، إضافة إلى حصول قائد "قسد"، أو قائد وحدات الحماية، على منصب رفيع مثل وزير الدفاع، أو هيئة الأركان، إضافة إلى الاعتراف بالسجلات المدنية الصادرة عن مناطق "الإدارة الذاتية".
أيضاً. وتشير المعلومات إلى أنَّ "قسد" طالبت في آخر لقاء جمعها مع الحكومة السورية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري بضمانات بعدم تنفيذ تركيا لعملية عسكرية ضدها.
ومن غير المؤكد ما إذا كان تمسك "قسد" بهذه الشروط يعبّر عن مطالب حقيقية، أو بنود لعرقلة حصول تقدم في تنفيذ الاتفاق إلى حين حصول متغيرات في الموقف الأميركي، خصوصاً مع الحديث عن احتمالية إنهاء مهمة المبعوث الحالي توم باراك، وتولي شخصية أخرى الملف، حيث لا يبدو أن "قسد" مرتاحة له ولمواقفه، أو أنها تعلق أمالها على اندلاع المواجهات التي تفتح الباب أمام توسيع التدخل الدولي، وزيادة الضغوطات على الحكومة السورية، على غرار ما حصل بعد مواجهات محافظة السويداء في تموز/ يوليو الماضي.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث