ادعاء إسرائيل اغتيال أبو عبيدة: كيف حددت مكانه؟

أدهم مناصرةالاثنين 2025/09/01
أبو عبيدة (Getty)
3 محاولات سابقة لاغتيال أبو عبيدة خلال الحرب (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

أكد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس بعد أقل من 24 ساعة على استهداف شقة سكنية بعمارة بسيسو في حي الرمال بمدينة غزة، أن الهجوم أسفر عن اغتيال الناطق باسم كتائب "القسام" الذراع العسكرية لحركة "حماس".

 

"إغلاق الحساب".. بجزم الاستخبارات

جاء تأكيد كاتس للاغتيال بعد تنويه هيئة البث العبرية منذ الساعة الأولى للاغتيال، بأن هناك "تفاؤلاً أمنياً حذراً" بنجاح "عملية التصفية"، وأن الاستخبارات الإسرائيلية تحتاج لساعات معدودة حتى تتأكد من ذلك، وهو ما تُرجم لاحقاً بإعلان كاتس عن النجاح المزعوم للعملية.

في حين، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر بأجهزة الأمن الإسرائيلية، بأن الأخيرة أغلقت الحساب مع أبو عبيدة، والذي تدعي أن اسمه الحقيقي هو "حذيفة الكحلوت"، وهي شخصية عُرفت على مدار أكثر من عقدين، إذْ برز لأول مرة في أعقاب أسر الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط عام 2006، لكنه بدأ مهمته فعلياً بالإعلام العسكري القسّامي في العام 2004، وفق مصادر متطابقة.

 

"إنجاز معنوي".. بلا تأثير على المعركة

وقال المراسل العسكري لتلفزيون "مكان" العبري إيال عاليما، إنه جرى استخدام مسيّرات وذخائر "دقيقة" في عملية الاغتيال فور وصول معلومات استخباراتية "ثمينة" و"دقيقة"، على حد تعبيره، مبيناً أن الأوساط الأمنية والسياسية في تل أبيب تعتبر ما جرى بمنزلة "إنجاز معنوي" بعد تحديد موقع الشقة التي كان أبو عبيدة موجوداً فيها.

لكن عاليما أشار إلى أن أحداً لا يعلم "تداعيات" اغتيال أبو عبيدة على "حماس"، واصفاً إياه ب"رمز للجناح العسكري"، وأن أهميته تنبع من ذلك، غير أنه أقر في الوقت نفسه أن الاغتيال لن يؤثر على تطور المعركة، وذلك عشية احتلال مدينة غزة.

وبرغم أن قراءات عسكرية إسرائيلية عدّت اغتيال أبو عبيدة "ضربة معنوية قوية" تسبب إرباكاً مؤقتاً للمعركة الإعلامية في "حماس"، إلا أنها اعترفت بأن الحركة عادة ما لديها بدائل تحل مكان من يُصفَّون.

 

معايير "القسام"

في حين ذكر مراسل الشؤون الفلسطينية للتلفزيون العبري الرسمي أن أبو عبيدة استأجر الشقة التي استُهدف فيها، قبل حوالي 3 أيام، مؤكداً أنه من بين 3 قياديين بارزين تبقوا في القسام بعد اغتيال قيادات وازنة في وقت سابق خلال الحرب، حيث تبقى عز الدين حداد (قائد لواء غزة) ورائد سعد الذي يرأس شعبة عمليات "القسام". 

وفي الوقت الذي لم تؤكد فيه حركة "حماس" نبأ اغتيال ناطقها العسكري حتى الآن، إلا أن مصدراً من الحركة أكد لـ"المدن" أنه بغض النظر عن صحة نبأ الاغتيال من عدمه، فإن هناك اعتبارات عسكرية هي التي تحدد خلال الحرب موعد الإعلان، وطريقته، عن استشهاد أي من قادتها العسكريين البارزين خلال الحرب المستمرة على القطاع منذ نحو 22 شهراً.

 

الثغرة الأمنية المحتملة؟

وبشأن الثغرة المحتملة التي تسببت بتحديد مكان أبو عبيدة في حال صحة اغتياله، أكد المصدر المقيم في غزة أن هناك تحقيقات تجريها "القسام" بعد أي اغتيال لقادتها، لأخذ العبر ومحاسبة العملاء المتورطين بإفشاء معلومات عن عناصر المقاومة وقادتها. وأضاف أنه في مثل هذه الحالات، تُدرس عدة احتمالات بشأن ما إذا كانت الثغرة متمثلة بإشارة هاتف محمول أو يد بشرية ما. وكشف المصدر أن أبو عبيدة والجهاز الإعلامي في القسام، حاولا خلال الحرب اتباع وسائل التمويه اللازمة للتهرب من الوسائل التكنولوجية الإسرائيلية "الفائقة" التي تتبع المقاومة في القطاع، لدرجة أنه بناء على ذلك كان يحدد طريقة التصريح بين الفينة والأخرى، إما بتسجيل صوتي، وإما صوتاً وصورة، وأحياناً بتغريدات مكتوبة بشأن عمليات المقاومة، وكذلك الحال بالنسبة لاستخدام الهواتف وأمور أخرى.

 

مسيّرات تنصت وتجسس!

في حين أشارت مواقع أمنية إسرائيلية إلى أن مسيّرات مخصصة بعمليات التنصت والتجسس، يُعتمَد عليها على نحوٍ لافت لتتبع قيادات "حماس"المطلوبة في القطاع، لدرجة امتلاكها قدرة كبيرة على التنصت على شقق ومنازل، وفي حال التقاطها اسماً معيناً لمن تعتبره مطلوباً، فإنها تبعث بإشارة إلى دوائر الاستخبارات، حيث تقوم الأخيرة بالمزيد من المتابعة والملاحقة حتى تأكيد الهدف المطلوب، وبعدها ساعة الصفر للاستهداف.

والحال أن ما يثير الاستغراب هو أن الاحتلال لم يقم بتدمير كامل البناية السكنية، وهو النهج الذي تتبعه لتأكيد اغتيال الشخصية المستهدفة، لكنها استهدفت شقة محددة، بزعم وجود أبو عبيدة داخلها.

 

3 محاولات اغتيال سابقة

في غضون ذلك، تحدثت تقارير أمنية إسرائيلية أن هناك 3 محاولات سابقة لاغتيال أبو عبيدة خلال الحرب، وأنها فشلت بفعل تمكنه من تغيير مكانه في آخر لحظة، في حين أوضحت تقارير أخرى أنه تعرض للإصابة جراء إحدى المحاولات السابقة. 

ورصدت "المدن" مقابلة مكتوبة أجراها موقع "واللا" العبري مع شخصية أمنية إسرائيلية، حيث قال الأخير إن أبو عبيدة اختفى عند اندلاع الحرب، وحافظ على مستوىً عالٍ جداً من السرية خلال الحرب، وبمستوىً أعلى من الأخوين يحيى ومحمد السنوار وأيضاً محمد الضيف.

 

أبو عبيدة.. متقن لمعركة الوعي

لكن المصدر الأمني الإسرائيلي اكتفى بالتساؤل عن "الخطأ" الذي اقترفه أبو عبيدة، ومكّن الاستخبارات الإسرائيلية من معرفة مكانه، من دون أن يكشف طبيعة الخطأ أو الثغرة الأمنية. 

ونقل "واللا" عن المصدر الأمني الإسرائيلي، بأن أبو عبيدة "يعتز بنفسه، ويمتلك فهمًا عميقًا جدًا في الحرب النفسية، ويُعتبر عنصرًا أساسيًا في معركة الوعي التي تخوضها حماس ضد إسرائيل. إنه يقف على رأس ماكينة المعركة الإعلامية". كما عبر المصدر المذكور عن "أسفه الشديد"، بأن أبو عبيدة قام بتأهيل "العديد من الخلفاء له، كي يكملوا الحرب الإعلامية بعده".

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث