انتهى الاجتماع الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع قادة أوروبيين، وذلك بعيد لقائه بالرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بحسب ما أعلن البيت الأبيض.
ونقلت وكالة "فرانس برس"، عن مصدر مطّلع على المباحثات، أن الرئيس الأميركي قطع في وقت متأخر من ليل أمس الاثنين، اجتماعاً في البيت الأبيض مع قادة أوروبيين، لإجراء اتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن جهود التوصّل لاتفاق حول أوكرانيا.
وقال المصدر إ ترامب اتصل ببوتين بينما كان يستضيف كلا من زيلينسكي وقادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وفنلندا والمفوضية الأوروبية وحلف شمال الأطلسي.
تفاؤل حذر
وفي وقت سابق ليل الاثنين، أعرب ترامب عن تفاؤل حذر بشأن إمكانية تحقيق السلام في أوكرانيا، وأظهر عند استقباله زيلينسكي في البيت الأبيض، رغبة في التعاون لإحلال السلام وضمان أمن البلد الغارق في الحرب.
وقال زيلينسكي في بداية اجتماع موسع مع القادة الأوروبيين في البيت الأبيض: "أجرينا محادثة جيدة للغاية مع الرئيس ترامب، وكانت بالفعل الأفضل".
وقبل الاجتماع الموسع، عقد ترامب وزيلينسكي اجتماعاً ثنائياً في المكتب البيضاوي، حيث ردا خلاله على بعض أسئلة الصحافيين بنبرة ودية ومرحة في بعض الأحيان، على عكس التوبيخ العلني الذي تعرض له الزعيم الأوكراني في نفس المكان في نهاية شباط/فبراير. وصافح ترامب زيلينسكي بحرارة عند مدخل البيت الأبيض، معلقاً على ارتدائه بدلة رسمية سوداء بدلاً من الزي العسكري المعتاد.
وقال الرئيس الأوكراني الذي انتقده نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس خلال الزيارة السابقة لعدم إظهاره امتنانه للدعم الأميركي: "شكرا على المبادرة، والشكر الجزيل لك على جهودك، جهودك الشخصية لوقف القتل ووقف هذه الحرب".
فينا قال الرئيس الأميركي إنه يتوقع أن يُقدم الرئيس الروسي على إطلاق سراح أكثر من ألف أسير أوكراني "قريباً جداً"، وذلك بعد ترتيب اجتماع ثلاثي يجمعه مع زيلينسكي.
وأضاف ترامب "أعلم أن هناك أكثر من ألف سجين، وأعلم أنهم سيفرجون عنهم، ربما فوراً، وهو أمر رائع برأيي". وأكد أن بوتين "يرغب حقاً في القيام بخطوات إيجابية" في إطار التوصل إلى تسوية تنهي الحرب.
ولدى سؤاله عن رسالته للشعب الأوكراني، اكتفى ترامب بالقول مرتين: "نحن نحبهم"، فيما رد زيلينسكي بالشكر، قبل أن يدخل الرجلان إلى المكتب البيضاوي برفقة القادة الأوروبيين.
الضمانات الأمنية وملف السلام
وأكد ترامب أن الولايات المتحدة ستساعد أوروبا في توفير الأمن لأوكرانيا ضمن أي اتفاق سلام، مضيفاً "إنهم خط الدفاع الأول لوجودهم، لكننا سنساعدهم". وعبّر عن اعتقاده أن بوتين يسعى بدوره إلى إنهاء الحرب، متحدثاً عن إمكانية عقد اجتماع ثلاثي قريباً.
لكن الرئيس الروسي كان قد أشار للصحافيين في وقت سابق، إلى أنه لم يعد يعتبر وقف إطلاق النار شرطاً مسبقاً للتوصل إلى اتفاق، وهو موقف يعارضه زيلينسكي ومعظم القادة الأوروبيين.
خلافات حول الشروط الروسية
ورفض زيلينسكي مقترحات بوتين الأخيرة، التي طُرحت خلال قمة ألاسكا الأسبوع الماضي، وتشمل التنازل عن ما تبقى من منطقة دونيتسك الشرقية الخاضعة لسيطرة موسكو إلى حد كبير. وأكد أن أي تنازل عن الأراضي يجب أن يتم عبر استفتاء شعبي.
في المقابل، شدد فريق ترامب على أن إنهاء الحرب يتطلب "تنازلات متبادلة"، فيما حمّل الرئيس الأميركي زيلينسكي مسؤولية التقدم نحو التسوية، ملمّحاً إلى ضرورة تخلي أوكرانيا عن طموح الانضمام إلى الناتو أو استعادة شبه جزيرة القرم.
والملاحظة الوحيدة التي أتت عكس التيار خلال اجتماع ترامب والقادة الأوروبيين، هي تلك التي صدرت عن المستشار الألماني فريديريش ميرتس، الذي شدّد على ضرورة وقف إطلاق النار قبل التفاوض على اتفاق سلام، في حين يكرر الرئيس الأميركي أن هذه ليست خطوة أساسية.
وقال ميرتس "دعونا نعمل على ذلك ونحاول الضغط على روسيا"، مع استمرار النزاع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
كما أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى هدف "الهدنة أو وقف إطلاق النار"، وطلب أن يشارك الأوروبيون في المناقشات بين الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا بمجرد أن يحقق دونالد ترامب هدفه المتمثل في جمع القادة الروس والأوكرانيين على طاولة واحدة.
حضور أوروبي واسع
وشارك في الاجتماع قادة بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وفنلندا، إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، في إظهار واضح للتضامن مع كييف والضغط من أجل ضمانات أمنية قوية بعد الحرب.
وقالت الحكومة الألمانية إن القادة الأوروبيين سيبحثون مع ترامب تفاصيل الضمانات الأميركية المقترحة، بينما تخشى كييف من أن يسعى البيت الأبيض لفرض اتفاق بشروط روسية، خصوصاً بعد الاستقبال الحافل الذي حظي به بوتين في قمة ألاسكا.
وتزامنت المحادثات مع تصعيد ميداني دموي؛ إذ أدت هجمات روسية على مدن أوكرانية ليل الخميس إلى مقتل عشرة أشخاص على الأقل. وفي خاركيف، لقي سبعة مدنيين حتفهم جراء ضربة بطائرة مسيّرة استهدفت مجمعاً سكنياً، بينهم طفلة وشقيقها المراهق. كما قُتل ثلاثة آخرون في زابوريجيا.
في المقابل، أعلنت القوات الأوكرانية أنها قصفت بطائرات مسيّرة محطة لضخ النفط في منطقة تامبوف الروسية، ما أدى إلى وقف مؤقت للإمدادات عبر خط أنابيب "دروجبا".
