newsأسرار المدن

أحمدي نجاد..من نفي "الهولوكوست" لتجاهل الاعتداء الاسرائيلي

محمود أحمدي نجاد
نجاد تحدث مراراً عن "ضرورة محو إسرائيل من الوجود" (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

كان محمود أحمدي نجاد رئيساً لإيران لولايتين متتاليتين من 2005 إلى 2013. ومنذ الأيام الأولى لرئاسته، بدلاً من التركيز على سياسات داخلية مدروسة أو تحسين العلاقات الخارجية لإيران، شن هجوماً سياسياً وإعلامياً شرساً ومتواصلاً ضد إسرائيل التي كان يصفها بأنها "الكيان الصهيوني"، وتحدث مراراً عن "ضرورة محو إسرائيل من الوجود".

 

إنكار "الهولوكوست"
كما نظم مؤتمرات دولية متعددة لإنكار "الهولوكوست"، ودعا خلال فترة حكمه كل حاخام يهودي – حيثما كان في العالم – يعادي إسرائيل بسبب معتقدات طائفية، لزيارة إيران.  
وفي المؤتمر الأول حول "الهولوكوست"، الذي عُقد في طهران بعد عام واحد فقط من توليه الرئاسة، تحدث باحثون محليون ودوليون عن "أسطورة الهولوكوست" و"وجوب تدمير إسرائيل"، ووصف أحمدي نجاد نفسه "الهولوكوست" بأنه "أسطورة"، وأطلق على إسرائيل وصف "ورم سرطاني في الشرق الأوسط يجب استئصاله من العالم".
بطبيعة الحال أثارت تلك التصريحات ردود فعل دولية واعترضت الولايات المتحدة على عقد المؤتمر الذي تبنته إيران، ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية حينها شون ماكورماك، المؤتمر بأنه "مخزٍ".  وبعد أيام من انعقاد المؤتمر، أدان الأمين العام الجديد للأمم المتحدة حينها بان كي مون، في أول مؤتمر صحافي له، المؤتمر الدولي حول "الهولوكاست" الذي عُقد في طهران، والذي حمل عنوان: "الهولوكوست: رؤية عالمية".
وكانت أشد ردود بان كي مون – المعروف بلينه وهدوئه – على سؤال حول تصريحات رئيس إيران بشأن الهولوكاست، حيث قال: "إنكار الحقائق التاريخية، خصوصاً فيما يتعلق بموضوع خطير مثل الهولوكوست، غير مقبول على الإطلاق. كما أن الدعوة إلى تدمير دول أو شعوب غير مقبولة بأي حال من الأحوال".
لم يكترث أحمدي نجاد بالردود الدولية الساخطة على لهجته العدائية تجاه إسرائيل وإنكاره "الهولوكوست" واستمر في استفزاز المجتمع الدولي عبر تصريحاته حول ضرورة إزالة إسرائيل من الوجود.
 

تغيير الموقف إزاء إسرائيل
بعد انتهاء ولايته، بدأت تتغير لغة أحمدي نجاد تجاه إسرائيل، وأخذت طابعاً شمولياً تدعو إلى المحبة والإخاء بين جميع الشعوب ورفض الكراهية، والتزم الرجل الصمت المطبق عن الحديث عن اعتداءات إسرائيل المتكررة في حق الشعب الفلسطيني وحتى بعد "طوفان الاقصى" لم يتخذ موقفاً تجاهه كما لم يتحدث عن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة والتي قُتل خلالها ما يقرب من ستين ألف فلسطيني، ثلثاهم من الأطفال والنساء.
وشهدت معظم المدن الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة مظاهرات شعبية عارمة أدانت الجرائم الإسرائيلي.
وفي العام 2024، بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل الذي جاء رداً على قصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، كتبت قناة "دولة الربيع" على "تلغرام"، التابعة لمحمود أحمدي نجاد، رداً على سؤال حول الهجوم الإيراني على إسرائيل: "أي دولة تهاجم دولا أخرى بشكل غير قانوني، يجب أن تتلقى الرد المناسب، وهذا حق للدولة التي تتعرض للاعتداء".
وفي هذا الصدد، كتب عبد الرضا داوري، المستشار السابق لأحمدي نجاد، على صفحته الشخصية على "إكس" مستغربا: "هل أدان أحمدي نجاد إيران أم إسرائيل؟!".
حيث أن نجاد، رداً على سؤال حول الهجوم الإيراني على إسرائيل، وصف إسرائيل بأنها دولة وليس كياناً، وقال بطريقة ملتوية: "أي دولة تهاجم دولاً أخرى بشكل غير قانوني، يجب أن تتلقى الرد المناسب، وهذا حق للدولة التي تتعرض للاعتداء".

 

هجمات وليس اعتداءات
بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 حزيران/يونيو، وصف معظم الإيرانيين في الداخل والخارج، بالإضافة إلى العديد من الدول، خصوصاً الدول المجاورة مثل السعودية وقطر والإمارات، الهجوم بأنه انتهاك صارخ لسيادة إيران وأدانوه بأشد العبارات، واعتبروه عاملاً مُخلاً بأمن المنطقة. لكن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، لم يُشِر إطلاقا في بيان أصدره، إلى أن بلاده تعرضت لاعتداء صارخ من قبل إسرائيل، واكتفى بإدانة هذه الهجمات. فقد استخدم كلمة "هجمات" مرتين في بيانه، بل حتى استخدم كلمة "إسرائيل" بدلاً من مصطلح "الكيان الصهيوني". وكانت لهجة بيانه متساهلة جداً مما أثار استغراب الخبراء.
نجاد الذي يشغل الآن منصب ممثل قائد إيران ومجمع تشخيص مصلحة النظام، لم يعُد يتحدث فقط عن إنكار "الهولوكوست" وتدمير إسرائيل، بل حتى أنه لا يعتبر العدوان الصارخ لإسرائيل على بلاده، وقصفها للمحطات الكهربائية والمراكز العسكرية والبحثية والشوارع، وقتل العلماء وغيرهم من المدنيين الإيرانيين، انتهاكاً لسيادة إيران، بل يصفها فقط بأنها "هجمات" وليس أكثر ويطالب بوقف هذه الهجمات وليس الاعتداءات. ولم يكن واضحاً من هو المُخاطَب بهذا الطلب. فهو لم يطالب حتى المجتمع الدولي بإدانة هذا العدوان وإدانة ومعاقبة المعتدي. 
هل كانت العداوة العميقة التي أظهرها أحمدي نجاد تجاه إسرائيل خلال فترتي رئاسته، إلا خدمة لمصالح هذا "الكيان الغاشم"؟! من السذاجة بمکان أن نتصور أنه لم يكن يعلم أنه بنفيه "للهولوكوست" ومطالبته بمحو إسرائيل يقدم خدمة جليلة لها!

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث