أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الجمعة، بأن المسؤولين في المؤسسة الأمنية، يعتقدون أن الأفضل هو صفقة كبيرة وشاملة، لاستعادة جميع المحتجزين وإنهاء الحرب، بحيث تكون في غزة حكومة أخرى، ليست "حماس"، على الأقل رسمياً، وإذا حاولت الحركة إعادة تعزيز قوتها، وهو ما يعتقد كل مسؤول أمني إسرائيلي أنه سيحدث، يكون لدى إسرائيل حرية الهجوم مجدداً، وهذه المرة من دون "عبء" المحتجزين "الثقيل".
وقالت الصحيفة إن هذا ما كان يعتقده أيضاً، رئيس جهاز الأمن العام الاسرائيلي (الشاباك) السابق رونين بار، وهذا ما قاله أيضاً رئيس الأركان السابق هرتسي هليفي، للمجلس الوزاري للشؤون السياسية الأمنية (الكابينت) منذ ربيع 2024.
إعادة المحتجزين أولاً
ووفقاً للصحيفة، ترى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنه يجب إعادة المحتجزين أولاً، وبعد ذلك التعامل مع ما تبقى من "حماس". كما يرى المسؤولون الأمنيون أن صفقة جزئية تنطوي على مخاطر، وفي أسوأ سيناريو، تقوم "حماس" بإعادة ترسيخ حكمها في غزة، وتحتفظ بعشرة محتجزين، فيما لا توافق الإدارة الأميركية لإسرائيل على استئناف الحرب.
وتابعت الصحيفة: "مع هذا فإن تأييد المؤسسة الأمنية لصفقة جزئية، مرده إلى المخاوف الواقعية من أن المفاوضات بشأن صفقة شاملة وحل دائم لقطاع غزة، ستستغرق عدة أشهر، وستكون معقّدة ومليئة بالأزمات. وخلال هذه الفترة، ستستمر الحرب في حصد الأرواح، وسيموت محتجزون، بينما سيتلاشى الزخم الذي أتى بعد (الإنجاز) في إيران". وهناك سبب آخر، "أقل موضوعية"، وفقاً للصحيفة، يتعلق بأن مفاتيح ائتلاف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا تزال في يد الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وهما غير مستعدّين لإنهاء الحرب.
وبحسب الصحيفة، يرى مسؤولون عسكريون، أنه بعكس بداية العملية العسكرية، لا توجد مشاهد استسلام كبيرة من عناصر "حماس"، إذ إن من تبقّوا هم "نواة متشددة" على حد زعمه، وأن بقاء قوات الاحتلال في غزة، ينطوي على ثمن.
دخول غزة ومحيطها
وقال رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير للمستوى السياسي، في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لقد وصلنا إلى مرحلة تتعارض فيها المناورة مع الحفاظ على حياة المختطفين (المحتجزين) وإعادتهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن مواصلة العملية أو توسيعها ستتطلب دخول مدينة غزة ومحيطها، ومخيمات الوسط، وسيكون لذلك ثمن باهظ".
وأثار ذلك غضب سموتريتش وبن غفير. واستفز سموتريتش رئيس الأركان قائلًا: "قولوا إنكم غير قادرين على إنجاز المهمة، وتحقيق النصر"، فيما أضاف بن غفير أنه يجب "الاندفاع" بسرعة إلى الأمام.
ووفقاً لـ"يديعوت أحرونوت"، يجد المسؤولون في الجيش الإسرائيلي صعوبة في إخفاء الغضب من مثل هذه التصريحات، كذلك لم يعد زامير يُجامل منذ فترة طويلة، خصوصاً بعد "النجاح المُثبت ضد إيران"، وقد واجه الوزراء مباشرة. وقال للمعترضين: "قولوا الحقيقة. هل تريدوننا أن نتخلى عن المختطفين؟ إذاً غيّروا أهداف الحرب. فقط قولوا الحقيقة".
"هآرتس": نتنياهو يماطل
بدورها، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، بأن من يُصرّ على المطالة في الصفقة هو نتنياهو، في محاولة لضمان بقاء حكومته، فيما ستكون النتيجة المزيد من العذاب للمحتجزين وعائلاتهم، وللمدنيين في كلا الجانبين.
وكتب المحلل العسكري في الصحيفة عاموس هارئيل، أن "تصادم المصالح لا يزال واضحاً. فبينما ما يهم حماس هو الهدف النهائي، أي إنهاء الحرب، مقابل الحد الأدنى من التنازل عن (الأصول) التي بحوزتها حتى ذلك الحين (مختطفين وجثامين)، يحاول نتنياهو تحقيق العكس تماماً: تقليص عدد الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس قدر الإمكان، من دون الوصول في هذه الأثناء إلى الهدف النهائي، الذي قد يؤدي إلى تفكك حكومته. في هذه الأثناء، يراهن على عامل الوقت. في نهاية هذا الشهر، سيخرج الكنيست إلى عطلة الصيف، وسيكون الائتلاف آمناً على الأقل حتى أكتوبر. وحتى ذلك الحين، يمكن محاولة المماطلة بالمراوغات وأنصاف الحقائق، حتى مع بن غفير وسموتريتش".
موقف مغاير
لكن الكاتب لفت في المقابل، إلى أن "رؤساء المؤسسة الأمنية يتخذون موقفاً مغايراً تماماً، إذ تزداد لديهم القناعة بأن الحرب على غزة استُنفدت، ويجب وقف نزيف القتلى والسعي للإفراج عن جميع المختطفين في صفقة، ما داموا على قيد الحياة"، وأن الشخصية الرئيسية في هذا الملف، إلى جانب نتنياهو، هي رئيس الأركان، الذي يقدّر أن احتمالات التوصل إلى صفقة قريبة مرتفعة، ويحاول استخدام كل نفوذه للمضي قدماً نحوها. وتساعده في ذلك حقيقة أنه لا يتحمّل مسؤولية مباشرة عن إخفاقات السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 (عملية طوفان الأقصى)، وأنه يقف خلف "نجاحات بارزة" في توجيه تحركات الجيش الإسرائيلي ضد إيران.
كذلك لفتت "هآرتس" إلى أن زامير أبلغ الوزراء وأعضاء الكابينت في عدة مناسبات، أن "حماس منهكة، ومحاصرة، وتطمح لإنهاء الحرب". وفي رأيه، فإن الحرب على إيران "تُحسّن من الواقع أيضاً على الجبهة الفلسطينية، لأن النظام في طهران سيجد صعوبة في دعم حماس بشكل مباشر في المستقبل القريب، بينما تقارب الولايات المتحدة وقطر، التي ساعدت في التوصّل إلى وقف إطلاق النار مع إيران، قد يحفّز قطر على تحقيق نتائج في ملف حماس أيضاً".