newsأسرار المدن

نازحو السكن الشبابي ممنوعون من العودة.. حلب مقابل عفرين

منصور حسينالخميس 2025/07/03
مداخل الشيخ مقصود خاصة من المكتب الاعلامي بحلب.jpg
اتفاق عبدي الشرع حول الأشرفية وحي الشيخ مقصود لم يُنفذ (المكتب الاعلامي في حلب)
حجم الخط
مشاركة عبر

لا تزال مئات الأسر النازحة من منطقة السكن الشبابي الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، شمال مدينة حلب، بانتظار تحرك رسمي ينهي سنوات تهجيرهم، ويبدد مخاوف خسارتهم منازلهم بعد دخولهم بازار المفاوضات السياسية بين الحكومة السورية و"قسد" التي تمنع عودتهم إلى المنطقة.
وحتى مع خروجها من دائرة المعارك منذ عام 2016، وتسلم "قسد" إدارة الأحياء ذات الأغلبية الكردية في المدينة، بموجب اتفاق مع النظام البائد، ظلّت ضاحية السكن الشبابي مغلقة أمام قاطنيها النازحين في مخيمات وقرى الشمال السوري وأحياء المدينة، حيث تقدر أعداد الأسر المتضررة والمحرومة من العودة إلى مساكنها في الضاحية بنحو 2800 أسرة.
 

تنصل من الوعود
ورغم الآمال الكبيرة التي حملها الاتفاق بين مجلس حيي الشيخ مقصود والأشرفية، واللجنة الرئاسية التابعة لدمشق، في شهر نيسان/أبريل الماضي، القاضي بانسحاب عناصر "قسد" وتسليمهم مسؤولية الأحياء للإدارة المحلية السورية، لا تزال التشكيلات التابعة للإدارة الذاتية الكردية منتشرة في المنطقة، ما جعلها خارج السلطة الحكومية وعقد عودة الأهالي.
وبحسب من تواصلت معهم "المدن" من المتضررين، ومنهم أغيد أبو الجود الذي ترك منزله منتصف عام 2013، فإن ملف عودتهم إلى منازلهم طُرح فور حصول الاتفاق بين الحكومة السورية و"قسد"، حيث تلقوا وعوداً بمعالجته.
ويوضح أغيد، أن الأهالي فوجئوا برفض المجلس المشترك لحيي الشيخ مقصود والأشرفية، مطلبهم بالرجوع إلى منازلهم، "رغم تجاوب المجلس بشكل جيد مع حاجة السكان للعودة، حيث أبلغهم بتنظيم وكتابة أسماء وأعداد الأسر الراغبة بالعودة مصحوبة بوثائق الملكية وغيرها من التفاصيل".
ويقول: "في البداية رُفضت مطالبنا رغم تشكيل لجنة تنوب عن الأهالي لمتابعة الموضوع، دون ذكر الأسباب، ومع إلحاحنا تذرعوا بحال المنطقة وانهيار كامل في البنية التحتية والخدمات ودمار الكثير من الأبنية ومخاطر سقوط أخرى، ومعها أكدنا استعدادنا تحمل تكاليف ونفقات الترميم والتأهيل".
ويبدو أن إصرار الأهالي قد دفع المجلس إلى نقل ملفهم لمكتب الأسايش في الحي، "حيث رد علينا المسؤولين بتحول الحي لمنطقة عسكرية مغلقة".
بدورها، تؤكد خديجة، وهي مدرسة رياضيات/ على تحول المبنى الذي يضم شقتها إلى نقطة عسكرية، بينما تعيش في شقة صغيرة بحي صلاح الدين، يبلغ إيجارها الشهري نحو مليون ونصف المليون ليرة، وهي كلفة لم تعد قادرة على تحملها، عدا عن أن "صاحب الشقة أعلمنا بتحول قيمة الإيجار لما يعادل 200 دولار أميركي، بعد انتهاء عقد التأجير".
 

تغيير صامت
وبينما تُغلق الضاحية في وجه قاطنيها، تتحدث خديجة عن السماح بعودة سكان بقية المناطق، الأمر الذي ترى فيه تمييزاً واضحاً بين الناس، "ويزيد من حقيقة الشائعات حول رفض الأسايش رجوعنا بسبب خلافاتهم مع الدولة السورية، وتوزيع الشقق في المجمعات القريبة من أحياء الشيخ مقصود وبني زيد، على النازحين، إضافة إلى حالات الاستيلاء على المنازل، وأيضاً معلومات سابقة عن عمليات بيع واسعة للشقق وبأسعار رخيصة".
ويطالب أهالي السكن الشبابي، مجلس محافظة حلب، الذي يمثل هرم السلطة في حلب، بالتدخل العاجل لحل قضاياهم، وإعادة منازلهم بما ينهي سنوات تهجيرهم ومعاناة الإيجارات التي صارت أكبر من قدرتهم على تحملها.
لكن السياسي السوري هشام اسكيف، يؤكد أن الملف يمثل قضية سيادية ترتبط بسلطة المركز في دمشق، وبالتالي يُعتبر خارج صلاحيات مجلس محافظة حلب، خصوصاً مع جرّ هذا الملف للجانب السياسي، وتجاهل الوضع الإنساني وحاجة الأهالي للعودة والاستقرار، إن كان في عفرين التي تحاجج عليها "قسد"، أو السكن الشبابي الذي ترفض فتحه أمام المدنيين.
ويرى أن المنطقة تعيش حالة من التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي المبطن، من قبل الأحزاب المتشددة داخل "قسد"، لفرض واقع جديد على الحكومة السورية يجبرها على القبول بالشروط التي تريد هذه الأحزاب الوصول إليها للحفاظ على حاضنتها الشعبية من المتعصبين.
 

عفرين مقابل حلب
ويقول اسكيف لـ"المدن": "فعلياً نحن في مرحلة المقايضات التي تريد منها قسد استعادة سلطتها على عفرين، عاصمة كانتونها، مقابل تسليمها أحياء مدينة حلب، أو استمرار الوضع القائم، وقد بدا هذا واضحاً بالسياسات التي تتبعها قوات الأسايش في المدينة، عبر تفريغ الاتفاق من مضمونه، ورفض دخول الإدارة المحلية وتسليم ملفات الأمن والخدمات، وأيضاً منع عودة العرب وتنظيمها احتجاجات لإعادة النازحين إلى عفرين وفق شروطها الأصلية".
هذا الأمر زاد من تعقيدات التوصل إلى حل شامل يسمح في بدء تنفيذ اتفاق نيسان/أبريل، في حلب، بحسب اسكيف، الذي يضف أن " المفاوضات جرت مع أضعف مكونات قسد ممثلة بمظلوم عبدي، بينما أصحاب القرار الحقيقي هم جميل بايق "قاملشي" وكوادر حزب الاتحاد الديمقراطي، أصحاب مخطط الحكم الذاتي في حلب، والحاضر حتى بعد اتفاق آذار/مارس، واتفاق الشيخ مقصود والأشرفية، والذي تقوم عليه المرحلة الثانية من خلال مقايضة أحياء المدينة الاستراتيجية مقابل عفرين".
وتعتبر الضاحية التي تضم مجمعات سكنية على أطراف حيي الأشرفية والشيخ مقصود، من مشاريع مؤسسة الإسكان السورية لدعم ذوي الدخل المحدود في حلب، وتطل على طريق غازي عنتاب-حلب الدولي، أحد أهم مداخل المدينة الواصلة مع ريفها الشمالي.
وتدرك الحكومة السورية أهمية هذا الملف، وترفض اتخاذ أي من الإدارات ومؤسسات الدولة الأمنية والمحلية خطوات متقدمة في حلب دون الرجوع إليها، خصوصاً بعد تحقيقها هدفها الأساسي ممثلاً بفتح الممرات والطرق بين المدينة والريف وإنهاء حالات الاستهداف، على أن تدار بقية الشروط والمطالب عبر قنوات التواصل بين دمشق والحسكة، أملاً بالتوصل إلى اتفاق شامل يعيد سكان مناطق حلب إلى منازلهم.

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث