newsأسرار المدن

طهران وواشنطن تتفقان على تخصيب إقليمي مشترك.. ولكن

طهران - مجيد مراديالثلاثاء 2025/06/03
محطة بوشهر الايرانية (Getty).jpg
إيران تتمسك بالتخصيب على أراضيها (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر
قبل أن تُعقد الجولة السادسة للمحادثات الإيرانية الأميركية سلّم وزير خارجية عمان بدر البوسعيدي، رسالة الولايات المتحدة إلى نظيره الايراني عباس عراقجي خلال زيارة قصيرة إلى العاصمة الإيرانية يوم السبت الماضي. تتضمن الرسالة مقترحات الولايات المتحدة حول تفاصيل الاتفاق النووي الجديد. 
الرسالة المكتوبة التي أرسلها البيت الأبيض إلى إيران كانت استجابة لطلب الوفد المفاوض الإيراني من كبير المفاوضين الأميركيين ستيف ويتكوف بأن الولايات المتحدة تسجّل شروطها حتى تعرف ماذا تريد من إيران، وماذا تتعهد بتنفيذها، وذلك بعد تقلب المواقف الأميركية وتضاربها بين تصريحات وزير الخارجية ووزير الدفاع وممثل الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط، فضلاً عن الرئيس دونالد ترامب. 
حالياً صارت لدى إيران وثيقة مكتوبه يمكن التعويل عليها كموقف أميركي نهائي حتى اللحظة.
 
الاعتراف بحق التخصيب مقابل تجميده
بالرغم من أنه لم يعلن إلى حد الآن مضمون الرسالة الأميركية إلا أنه يُقال إن البيت الأبيض اقترح تشكيل اتحاد إقليمي يتضمن إيران والسعودية لتخصيب اليورانيوم تحت إشراف الوكالة الدولية والولايات المتحدة، وهناك فكرة أخرى تتضمن الاعتراف بحق إيران في التخصيب، مقابل تجميد إيران أنشطتها في تخصيب اليورانيوم.

أين ستقع منشآت التخصيب؟
في ما يتعلق بفكرة الاتحاد الإقليمي لتخصيب اليورانيوم، فإن إيران أعربت عن مواففتها لتلك الفكرة مرات عدة في محاولة لتطمين الطرف الآخر من سلمية برنامجها. كما أن الاتفاق على هذه الفكرة هو وليدة الجولة الخامسة من المحادثات في روما الأسبوع الماضي، ولكن الشيطان في التفاصيل، إذ إن الولايات المتحدة تريد أن تكون هذه المنشآت خارج إيران وفق المصادر المطلعة، ولكن إيران لن تقبل به كما لم تقبل به في العام 1977 عندما اقترح هنري كسينجر وزير خارجية الولايات المتحدة حينها على إيران أن تقبل بتشكيل اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم، يتضمن دول منطقة الخليج، وأن تكون المنشآت خارج إيران. ولكن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية حينها أكبر اعتماد الذي توفي قبل شهرين في منفاه الولايات المتحدة، رفض هذا المقترح بشكل حاسم، وأكد للأميركيين بأن المنشآت يجب أن تكون داخل إيران. واعترف الوزير كسينجر بعد سنوات بأن مقترحه هذا لإيران كان محاولة خداع منه، ولكنها لم تفلح. 
إيران اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه منذ 48 عاماً في مجال تخصيب اليورانيوم. ويمكن القول إنها لم تكن لديها خبرة في التخصيب في العام 1977 وكانت حينها تريد أن تستعين بالعلماء الأجانب، ولكنها الآن قادرة على تخصيب اليورانيوم بمستوى 60 في المئة وأكثر، بل هي قادرة على إنتاج القنبلة النووية. فكيف تقبل بنقل المنشآت إلى الخارج وهي فعلاً موجودة وشغالة على أراضيها؟ وقد أكد وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري يوم أمس الاثنين، أنه "إذا كان الهدف من المفاوضات هو التأكد وبناء الثقة بأن إيران لا تسعى إلى الحصول على أسلحة نووية، فأعتقد أننا نستطيع الوصول إلى اتفاق. ولكن إذا كان الهدف هو حرمان إيران من أنشطتها السلمية، فلن يكون هناك اتفاق بالتأكيد". ويقصد عراقجي حرمان إيران من التخصيب على أراضيها. 
إذاً لماذا تصر إيران على الاحتفاظ بالتخصيب على أراضيها؟ 
فضلاً عن النفقات الهائلة التي دفعتها إيران لتأسيس منشآتها المنتشرة في أرجاء البلاد من فوردو الواقعة بين العاصمة طهران ومدينة قم تحت الجبال إلى منشأة نطنز ومنشأة أصفهان وغيرها، فإن إيران تخشى أنه في حال إنشاء محطة تخصيب مشتركة في أي دولة أخرى، قد يتم طردها من هذا الاتحاد في حال نشوب خلاف.

إيران تدرس المقترح الأميركي
وقال وزير الخارجية الإيرانية خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره المصري: "سنقدم قريباً رداً مناسباً على المقترح الأميركي. سيكون هذا الرد مستنداً إلى مواقف ومبادئ الشعب الإيراني".  
وفي سياق متصل، نقلت "رويترز" عن مصدر إيراني مطلع، قوله إن إيران تُعد حالياً نصاً سلبياً على مقترح البيت الأبيض. وتقول مصادر مطلعة أخرى إن الرد الإيراني يتضمن وقف العقوبات الأميركية الجديدة.
من جهتها، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن البيت الأبيض، أصدر أمراً جديداً بوقف جميع الأنشطة العقابية ضد إيران. وكتبت أن هذا القرار يُعد مؤشراً على تحوّل في نهج الولايات المتحدة قبيل مفاوضات نووية حسّاسة. وبحسب التقرير الذي نُشر يوم الأحد الماضي، فإن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، أبلغت الأسبوع الماضي أمر تعليق العقوبات الجديدة أولاً إلى كبار مسؤولي مجلس الأمن القومي ووزارة الخزانة، ثم إلى وزارة الخارجية.  
ورداً على هذا التقرير، لم ينفِ البيت الأبيض الخبر فحسب، بل صرحت نائبة المتحدثة آنا كيلي، في بيان، أنه "سيتم الإعلان عن أي قرارات جديدة بشأن العقوبات من قبل البيت الأبيض أو الجهات المعنية".
وتعتبر هذه المبادرة أيضاً استجابة لرغبة إيران التي اعتبرت، خلال الجولات السابقة للمحادثات، أن فرض عقوبات جديدة عليها خلال لا يبشر بخير ولا يكشف عن حسن نوايا لدى الطرف الآخر.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها