حجم الخط
مشاركة عبر
أعادت وزارة المالية افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية أو ما تعرف بـ"بورصة دمشق"، وذلك خلال احتفالية رسمية أقيمت في دمشق بمشاركة وزير المالية محمد يسر برنية وشخصيات اقتصادية وحكومية رفيعة المستوى، إلى جانب عدد من المستثمرين والتجار، انطلق التداول بسوق دمشق للأوراق المالية، اليوم الاثنين.
وقال برنية إن إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية تُعد رسالة واضحة على بدء تحرّك الاقتصاد السوري نحو التعافي والانتعاش"، مؤكداً أن السوق ستكون "مركزاً حقيقياً لتطوير الاقتصاد".
وأضاف أن بورصة دمشق، ستتحول إلى شركة خاصة، "تُشكّل مركزاً حقيقياً لتطوير الاقتصاد الوطني"، كما أن الحكومة تسعى إلى مواكبة التطورات الرقمية وتحديث بنية السوق بما يتناسب مع المرحلة الراهنة.
وأكد أن الرؤية الاقتصادية للمرحلة المقبلة "تقوم على العدالة والإنصاف، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتهيئة مناخ جاذب للاستثمار، ومكافحة الفقر، وخلق فرص العمل"، مضيفاً أن هناك فرصاً استثمارية واعدة، وأن الوزارة ستعمل على تيسير إجراءات العمل الاقتصادي وتوفير بيئة مناسبة للنمو.
من جهته، قال المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية باسل أسعد، إن افتتاح بورصة دمشق هو "يوم تاريخي مهم لسوريا"، مضيفاً "أنهم متأهبون للعودة وممارسة دورهم خلال الفترة المقبلة، حيث ستكون الاستثمارات "أكبر وأوسع في سوريا الجديدة".
وأكد أنه على الرغم من محدودية الإمكانيات، "تمكّنا من تنفيذ المطلوب منا بشفافية وحفظ حقوق المستثمرين، وسنكون قادرين على مواكبة التطورات القادمة".
إجراءات مطلوبة
وانطلقت بورصة دمشق رسمياً في العام 2009، وتُعتبر البنوك الخاصة وشركات التأمين أبرز المتداولين فيها، فيما تضم شركتين صناعيتين ومثلهما للخدمات، إلى جانب شركتي "إم تي ن" و "سيرتيل" للاتصالات الخلوية.
وعلى الرغم من التاريخ الطويل لإنشائها، إلا أن حجم متوسط التداول في بورصة دمشق، لم يتجاوز الـ100 ألف دولار أميركي، أي أن فاعليتها كانت محدودة الأثر، ووظيفتها المفترضة في دعم الاقتصاد السوري، كانت منخفضة للغاية، حتى تاريخ إغلاقها قبل 6 أشهر.
وأمام هذا الحال، يرى الباحث والخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر، أنه حتى تقوم سوق دمشق للأوراق المالية بوظيفتها، وتُقدم قيمة مضافة للاقتصاد، "لا بد أن تقترن بحرية مالية واسعة، ووجود تشريعات مالية حديثة، وتشجيع الاستثمار، وضمان مؤشرات الشفافية والحوكمة والإفصاح المالي"، مؤكداً أنه بدون هذه الإجراءات "ستكون فاعليتها منخفضة، ولن تحقق الهدف المتوقع منها".
ويؤكد السيد عمر لـ"المدن"، أن البورصات تُعدّ أدوات هامة في السوق المالية، ولها دور هام في الاقتصاد، كما تُعد قنوات هامة للاستثمار، من خلال الاكتتاب على أسهم الشركات الجديدة، أو تداول أسهم الشركات القائمة.
من يحارب غسيل الأموال؟
وفي حديث سابق، أكد برنية أن وزارة المالية اتخذت الإجراءات اللازمة للتأكد من سلامة الامتثال لمواجهة عمليات غسل الأموال واستغلال المجرمين للسوق المالية، مؤكداً نيّة الوزارة العمل على مراجعة شاملة للتشريعات المالية القائمة وتحديثها لتنسجم مع الاتجاهات الحديثة والمعايير العالمية والممارسات العالمية السليمة.
إلا أن الوزير لم يوضح كيف ستتم مكافحة غسيل الأموال مع وجود شركات مازلت خاضعة للعقوبات الدولية مثل "سيرتيل"، كما أن عدداً من الشركات لا تزال مملوكة لرجالات النظام المخلوع السابقين، ولم يشملهم قرار رفع العقوبات الدولية، وبالتالي مؤشرات إمكانية ممارسة نفس المهمة كما كان الحال عليه على زمن النظام، تبقى مرتفعة، كما أن امتثالهم للقوانين الناظمة الجديد للبورصة، محل شكٍ كبير.
ويتساءل مدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم، عن طريقة امتثال هذه الشركات لمكافحة غسيل الأموال، وما زال مالكوها المقربون من النظام، مشمولين بقانون "قيصر"، ويمتلكون حصصاً في أسهم هذه الشركات.
ويشكّك الكريم في حديث لـ"المدن"، بإمكانية امتثال هذه الشركات لقوانين مكافحة غسيل الأموال، مع عدم وجود عدالة انتقالية في سوريا، إلى جانب عدم وجود انضباط اقتصادي حقيقي للشركات، والتلاعب الموجود بالاقتصاد على مستوى العملة والمواد.
من جانبه، يرى السيد عمر أن حل قضية ارتباط الشركات برجالات النظام السابقين، يتم عبر القضاء، لاسيما في حال وجود تُهَم صريحة لهذه الشركات أو لمسؤوليها. ويؤكد على دور سوق دمشق في علاج هذه القضية، إلى جانب دورها في معالجة شبهة تبييض الأموال بالتعاون بينها وبين القضاء، وذلك من خلال الرقابة والتفتيش وتدقيق القوائم المالية ومتابعة سجل الأنشطة التجارية والمالية لهذه الشركات.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها