ونقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسي إيراني رفيع، أن "إيران تعدّ حالياً رداً سلبياً على الاقتراح الأميركي، وهو ما قد يُفهم على أنه رفض رسمي". وأوضح أن الموقف الأميركي من التخصيب "لم يتغير"، كما أن العرض "لا يتضمن أي تفسير واضح بشأن العقوبات"، وهو ما تعتبره طهران شرطاً أساسياً لأي اتفاق.
وبحسب مصادر دبلوماسية إيرانية، فإن المحادثات غير المباشرة بين الطرفين، التي جرت على خمس جولات بين وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، لم تحقق اختراقاً ملموساً، بسبب استمرار الخلاف حول ملف تخصيب اليورانيوم.
وترفض طهران بشكل قاطع المطلب الأميركي بوقف التخصيب، وتعتبره "خطاً أحمر"، مؤكدة أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، ويرى المفاوضون الإيرانيون أن العرض الأميركي يسعى لفرض "صفقة سيئة" عبر شروط أحادية.
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي: "نريد ضمانات بشأن رفع العقوبات، وحتى الآن لم يبدِ الطرف الأميركي رغبة حقيقية في توضيح هذه المسألة".
وترى إيران أن العقوبات الأميركية التي فُرضت منذ عام 2018 – واستهدفت مؤسسات رئيسية مثل البنك المركزي وشركة النفط الوطنية – تشكّل عقبة جوهرية، مطالبة برفعها فوراً، فيما تفضّل واشنطن رفعاً تدريجياً مشروطاً بسلوك إيران النووي.
ونقلت وكالة "إيسنا" عن مصدر إيراني مطلع شارك في المفاوضات، أن الوثيقة الأميركية الأخيرة "بعيدة عن الواقع" ولا تعكس روح المحادثات السابقة، مضيفاً أنها "خيالية وأحادية الجانب"، كما هاجمت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد الإيراني الاقتراح الأميركي، واصفةً إياه بـ"الفخ المكشوف" لتفكيك البرنامج النووي السلمي.
عراقجي في القاهرة
في موازاة الرد الإيراني المرتقب، وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مساء الأحد، إلى العاصمة المصرية القاهرة في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز التشاور السياسي ومناقشة التطورات الإقليمية.
والتقى عراقجي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث نقل له تحيات نظيره الإيراني مسعود بيزشكيان، وناقش الطرفان آفاق تطوير العلاقات الثنائية، وضرورة احتواء التصعيد في الإقليم، خصوصاً في مضيق باب المندب، بالإضافة إلى الأزمتين الليبية والسودانية.
ووفق بيان رئاسة الجمهورية المصرية، شدد السيسي على "رفض مصر لتوسيع دائرة الصراع الإقليمي"، وأكد على "أهمية وقف التصعيد لتفادي حرب شاملة في المنطقة"، مجدداً دعم القاهرة لمسار التهدئة والمفاوضات النووية.
وتأتي الزيارة بعد لقاء سابق جمع السيسي والرئيس الإيراني العام الماضي على هامش قمة "الدول الثماني النامية"، في خطوة تُشير إلى بداية انفتاح تدريجي في العلاقات بين البلدين بعد عقود من القطيعة الدبلوماسية.
لقاء مع الوكالة
وفي إطار زيارته للقاهرة، عقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اجتماعاً ثلاثياً مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وذلك بعد ساعات فقط من صدور تقرير غير منشور للوكالة، كشف عن تسارع إنتاج إيران لليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة تقترب من العتبة العسكرية البالغة 90%.
وبحسب التقرير، الذي حصلت عليه وكالة "فرانس برس"، بلغ إجمالي كمية اليورانيوم المخصب لدى إيران 9247.6 كيلوغرام، أي ما يعادل 45 ضعف الحد المسموح به في اتفاق 2015، ما أثار "مخاوف كبرى" لدى الوكالة وعدد من العواصم الغربية.
وناقش عراقجي مع غروسي سبل تهدئة التوتر المتصاعد بين إيران والدول الغربية، وشدد على ضرورة "تفادي التسييس" في عمل الوكالة.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية، أن عراقجي دعا غروسي إلى "عدم إتاحة الفرصة لبعض الأطراف لاستغلال تقرير الوكالة لأغراض سياسية"، في إشارة واضحة إلى تحذيرات صدرت عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا، التي لوحت بإعادة فرض العقوبات على إيران.
وفي اتصال هاتفي سبق اللقاء، شدد عراقجي على أهمية "المهنية والحياد" في عمل الوكالة، محذراً من استغلال التقارير التقنية لأغراض سياسية من قبل دول معادية، كما اتهمت إيران الوكالة بـ"الاعتماد على معلومات مضللة مصدرها الكيان الصهيوني"، مؤكدة أن التعاون الفني لا يمكن استخدامه كوسيلة ضغط.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها