newsأسرار المدن

مقترح عربي للتطبيع مع اسرائيل: خطوة مقابل خطوة!

GettyImages-826447234.jpg
المقترح العربي الذي لا يزال على طاولة البحث يقضي بإقامة علاقات أولية مع اسرائيل (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر
يبدو أن الوفد الأميركي المكون من الثلاثي؛ مسؤول ملف السلام في إدارة دونالد ترامب جاريد كوشنير، ومبعوث الشرق الأوسط جيسون جرينبلات، ونائبة مستشار الأمن القومي دينا باول، لم يختر أن يبدأ زيارته للمنطقة انطلاقاً من عواصم الرُباعيّة العربية، المقررة في الأسبوع الاخير من آب/أغسطس، من الهوى، بل إلتزاماً بالخطوات والمراحل الدراماتيكية للجهد الأميركي الرامي إلى تحريك العملية السلمية.

ولعل ما كشفته جهة مطلعة عن كثب على هذا الملف لـ"المدن"، حول وجود مقترح عربي لتشجيع اسرائيل على المضي قدماً في العملية السلمية، يُفسر هذا التسلسل المكاني لزيارة الوفد الأميركي، ورغم أنه لن يقول شيئاً جديداً بالنظر إلى الصولات والجولات السابقة، لأنه سيواصل "سياسة الاستماع" لجميع الأطراف، بحسب المصادر، إلا أن الوفد سيوجه أسئلة للمسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، للحصول على إجابات لها، من قبيل: "ما هو اقصى ما يمكن اعطاؤه في أي حل سياسي، وما هو الحد الأدنى الذي لا يمكن التنازل عنه؟"، تمهيداً لصياغات ومقترحات جديدة للتقدم في العملية السلمية باتجاه ايجابي، يأخذ بعين الاعتبار ما سمعه الوفد في زياراته السابقة.

ويتضح مما توفر من معلومات ومعطيات أن العرب هم المفتاح الرئيس لتحريك العملية السلمية والتقدم بها، فهم "مصباح علاء الدين السحري"، وفقاً لوجهة نظر القيادتين الأميركية والإسرائيلية. وبالنظر إلى آليات التقدم على هذا الصعيد، فإن السؤال المركزي: "ماذا سيكون دور العرب؟"؛ ذلك أن "السلام الإقليمي" يستدعي ذلك، واسرائيل تنتظر أن تُعطى شيء.

ويفيد مطلعون على الملف، لـ"المدن"، أن الطرف العربي (السعودية ومصر والإمارات والأردن) لديه مقترح على بساط البحث الآن، يقضي بالتطبيع التدريجي مع اسرائيل وعلى مراحل، بُغية تشجيعها على المضي قدماً في عملية السلام، أي أنه مبني على قاعدة "خطوة مقابل خطوة.. مرحلة مقابل مرحلة"، كثمن أن تنسحب اسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتوافق على دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

المقترح العربي الذي لا يزال على طاولة البحث يقضي بإقامة علاقات أولية مع اسرائيل، تبدأ باتفاقية تعاون اقتصادي كبير، وتعزيز التنسيق السياسي والأمني فيما يتعلق بملفات المنطقة؛ ثم يتصاعد التطبيع وفق التطورات، خطوة بخطوة. فمثلاً؛ الانسحاب من مساحة إضافية من الضفة الغربية قدرها عشرون في المئة يُقابله فتح علاقات ديبلوماسية ومكاتب تمثيلية في بعض الدول العربية مثل دبي، وأبو ظبي وتونس. ويُنظر إلى هذا المقترح بأنه الافضل من ناحية امكانية تطبيقه وسهولته.

بَيدَ أن المقترح العربي يشترط التطبيع الكامل للعلاقات مع اسرائيل بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، إذ أن هذا هو الطموح العربي الذي يتم نقاشُه مع الجهات ذات العلاقة، وخاصة مع الوفد الأميركي عندما يحطُّ في عواصم الرباعية العربية المتمثلة بالسعودية ومصر والإمارات والأردن.

تجدر الإشارة إلى أننا لمسنا في "معهد أبحاث الأمن القومي" و"مؤتمر هرتسيليا" الأخير عدداً من النماذج لهذه الحلول المماثلة وهي المطروحة في هذا الوقت للبحث، لأن الحديث عن تقدم إلى الامام مع حكومة يمينة متطرفة شبه مستحيل، ولذلك نحن بحاجة الى خطوات في إطار عملية طويلة، سيكون أمامها عدد من المغريات للتقدم إلى الامام في عملية سلام.

وينبع عمقُ المقترح العربي المذكور من أنه لا بد من تقديم العرب مغريات للحكومة الاسرائيلية حتى تتقدم في العملية السلمية، لأن هكذا حكومة اسرئيلية متشددة، من الصعوبة بمكان أن تُقدم على أي خطوة من دون أن تحصل على شيء ثمين في المقابل.

وفي هذا السياق يرى البرلماني الأردني السابق سمير عويس، أن هناك دوراً واضحاً من قبل السعودية ومصر والأردن مع الرئيس محمود عباس، بغية وضع أفكار تكون أساساً للحوار المستقبلي مع اسرائيل.

وأضاف عويس لـ"المدن" أن الزيارة المفاجئة التي أجراها العاهل الأردني عبدالله الثاني، إلى رام الله مؤخراً، هدفت إلى الاتفاق مع عباس على أفكار لطرحها ونقاشها مع المبعوثين الأميركيين خلال لقائهم القادم. ولكن ليس واضحاً ما إذا كان اللقاء قد تطرق إلى الرؤية العربية التحفيزية كي تخطو اسرائيل خطوة إلى الامام، من دون المساس بحل الدولتين.

وبينما تضع الولايات المتحدة الكرة في الملعب العربي لتحقيق التقدم المنشود في عملية السلام، يُنظر على نحو واسع، أن هذا الإختراق والتقدم يتطلب ضغطاً أميركياً على اسرائيل، لأنه من دون ذلك لن يحصل شيء، ما يُبرز تساؤلاً في هذا السياق: "هل الإدارة الأميركية الحالية بتركيباتها المحابية بشكل مُطلق لإسرائيل، مستعدة للضغط على حكومة نيتيناهو اليمينية؟".

هناك من يرى إمكانية لهذا الضغط ويقول إنه ليس مستحيلاً، عندما ننظر إلى السرد التاريخي؛ فالحكومات الأميركية الجمهورية سبق وأن مارست الضغط على اسرائيل بل وكانت أكثر قدرة على فعل ذلك.

فلو استذكرنا ما حدث في فترة رئاسة جورج بوش الأب، في العام 1991، خلال مؤتمر مدريد للسلام، لوجدنا أن واشنطن جمدت حينها مصادقتها على خطة الإعتمادات الأميركية البالغة نحو عشرة مليارات دولار لصالح الدولة العبرية إبان عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يتسحق شمير، كخطوة للضغط عليه من اجل التقدم في عملية السلام. وكذلك حصل في فترة الرئيس بوش الابن عندما طُرحت خريطة الطريق في العام 2002. رئيس وزراء اسرائيل الأسبق، اريئيل شارون، أقدم على الإنسحاب الأحادي من قطاع غزة للافلات من الضغوط الاميركية وقتها.

ولكن في خضم ما تعصف به المنطقة من ظروف ومتغيرات طارئة: هل ستفعلها الإدارة الجمهورية الحالية وتضغط على اسرائيل في مرحلة لاحقة بعد بادرة "التطبيع العربي التدريجي؟".

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث