وقال رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين التابع لـ"قسد"، شيخموس أحمد، إنه تم التوصل إلى اتفاق على "آلية مشتركة" لإخراج العوائل السورية من مخيم الهول بريف الحسكة شمال شرقي سوريا، تمهيداً لعودتهم إلى مناطقهم الأصلية.
وأضاف أحمد أن الاتفاق جاء عقب اجتماع ثلاثي ضم ممثلين عن الحكومة السورية، والإدارة الذاتية، والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الذي يحارب تنظيم "داعش"، ونفى المسؤول الكردي التقارير التي تشير إلى تسليم إدارة المخيم لدمشق في المستقبل القريب، وقال: "لم تكن هناك أي مناقشات في هذا الصدد مع الوفد الزائر أو مع الحكومة في دمشق".
ويأتي هذا الاتفاق في ظل محاولات لتعزيز التعاون بين السلطات الكردية والقيادة الجديدة في دمشق، وبموجب اتفاق وُقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
عقدة إنسانية وأمنية
ويقع مخيم الهول جنوب شرق مدينة الحسكة، على بعد 13 كيلومتراً من الحدود العراقية، ويُعد من أخطر المخيمات في العالم نتيجة تعقيداته الأمنية والإنسانية، ويضم المخيم نحو 37 ألف شخص، أكثر من 70% منهم نساء وأطفال، من جنسيات سورية، عراقية وغربية، الجزء الأكبر منهم هم من عائلات مقاتلي تنظيم "داعش"، وتحديداً في قسم "الملحق"، الذي يضم نحو ألفي امرأة وطفل أجنبي يُصنفون على أنهم من الأشد تطرفاً.
وأكد مصدر مطلع من داخل الإدارة الذاتية لـ"المدن"، أن المخيم شهد في السنوات الماضية عشرات الجرائم، من بينها أكثر من 90 جريمة قتل، و30 حادثة حرق خيم، واعتداءات على صحفيات، حيث تعرضت صحفيات قمن بزيارة المخيم للشتائم من أطفال وصفوهن بـ"الكافرات" بسبب عدم ارتداء الحجاب.
وأضاف المصدر، "يُقدر عدد الأطفال في المخيم بنحو 22 ألفاً، غالبيتهم يعيشون بلا تعليم ولا رعاية نفسية، لصعوبة دخول المخيم المكتظ والتعامل مع سكانه، وقد نشأ عدد كبير من الأطفال في بيئة مشبعة بالفكر المتشدد، مع انتشار مدارس سرية داخل الخيم تُدرس مناهج التنظيم".
كما أشار المصدر إلى أن عدداً من النساء داخل المخيم متورطات بتشكيل خلايا شرعية لتنظيم "الحسبة" -الشرطة النسائية في تنظيم "داعش"-، حيث مارست بعضهن العنف ضد أخريات بدافع "الردة" أو "التعاون مع قسد"، وشملت الانتهاكات إحراق خيم بالكامل، وطعن نساء، وفرض قيود مشددة على تحركات الأخريات.
وأضاف المصدر أن "وحدات حماية المرأة، التي تتولى مسؤولية حراسة المخيم، كانت تتلقى دعماً مالياً سخياً من بريطانيا يُقدر بنحو 100 مليون دولار خلال السنة الأخيرة، كما تولت بريطانيا تمويل إنشاء سجن خاص بمعتقلي "داعش" في الحسكة، كذلك، قدّمت كل من فرنسا وبريطانيا مساعدات إنسانية محدودة لسكان المخيم".
عقبات قانونية وتجارب محدودة
ولفت المصدر إلى أن "أكثر من 70% من الأطفال السوريين في المخيم غير مسجلين في سجلات الدولة، كثير منهم وُلدوا خلال فترة حكم داعش لآباء استخدموا أسماء مستعارة أو غير معروفة، وبعض الأطفال لا يعرفون هوية والدهم أو جنسيته".
وذكر المصدر أن "قسد" اعتمدت سابقاً على نظام "الكفالة العشائرية"، الذي أتاح لبعض النساء والأطفال الخروج من المخيم بكفالة من عشائرهم، لكن هذه المبادرة كانت محدودة، ولم تترافق مع برامج تأهيل نفسي أو فكري، وكانت مقتصرة على مناطق سيطرة الإدارة الذاتية فقط، وبأعداد لا تتجاوز عشرات الأشخاص شهرياً، وفق المصدر.
وبالرغم من أن الاتفاق على إفراغ مخيم الهول يُعتبر خطوة جريئة، تفتح الباب أمام إنهاء واحدة من أعمق أزمات سوريا الإنسانية، وتتيح فرصة جديدة للأطفال والنساء للعودة إلى الحياة، إلا أنها، في المقابل، تكشف عن حجم التحدي الذي يواجه الدولة السورية في التعامل مع الإرث الأمني والاجتماعي لتنظيم "داعش".
مخيم الهول.. قنبلة موقوتة على طريق الاتفاق
المدن - عرب وعالمالثلاثاء 2025/05/27

اتفاق على الإجلاء: امتداد لتفاهمات سياسية أوسع (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر
أعلن مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية في دمشق لإجلاء المواطنين السوريين من مخيم الهول شمال شرق سوريا، والذي يضم عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يُزعم ارتباطهم بتنظيم "داعش".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها