حجم الخط
مشاركة عبر
مرة جديدة، توضع وزارة "الاقتصاد والصناعة" السورية، على مشرحة النقاش والجدل الحاديّن بالتناقض، حول الصلاحيات التنفيذية الحقيقية لوزيرها نضال الشعار، بعد قراره بتشكيل 3 إدارات عامة، لتحل محل الوزارات المدمجة بوزارته، برئاسة 3 نواب يتبعون للوزير.
وينص قرار الوزير على تشكيل 3 إدارات عامة ضمن وزارته المستحدثة، هي الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، والإدارة العامة للاقتصاد، والإدارة العامة للصناعة، بحيث تتولى الإدارات المهام والصلاحيات التي كانت منوطة بالوزارات الثلاث، والتي تحمل الاسم نفسه.
الشعار منقوص الصلاحيات؟
تضم وزارة الاقتصاد والصناعة المستحدثة، ثلاث وزارات هي وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، التجارة الداخلية وحماية المستهلك ووزارة الصناعة. وكان لكل من هذه الوزارات الثلاث، وزير بحقيبة مستقلة في عهد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، لكن الشرع أعلن دمجها خلال الإعلان عن الحكومة الانتقالية الأولى نهاية آذار/مارس الماضي.
واللافت في قرار الوزير، هو أن هذه الإدارات تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المادي والإداري، ويرأس كل إدارة رئيس بمنصب نائب وزير "الاقتصاد والصناعة"، وهو السبب الجوهري وراء تجدد الجدل والتساؤل عن صلاحيات الشعار، ما دام النواب يتمتعون بكل تلك الاستقلالية.
فُتح النقاش المتضاد للمرة الأولى عن صلاحيات الوزير الشعار، بعد أن ظهر إلى جانبه وزير الاقتصاد باسل عبد الحنان، ووزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك ماهر خليل الحسن، في حكومة تسيير الأعمال السابقة، حيث تبين أن عبد الحنان يشغل منصب جديد هو نائب الشعار، بينما من المتوقع أن يشغل الحسن مدير عام إدارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وبالتالي منح وزيرين سابقين على الأقل، صلاحيات تنفيذية واسعة، على حساب تقليص صلاحيات الشعار، المصنف كوزير تكنوقراط، ومعوّل عليه في هذه المرحلة الحساسة للبلاد.
ويرى الخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر، أنه في حال منح استقلالية تامة لهذه الإدارات، فإن ذلك سيقلص من صلاحيات الشعّار، ما يعني "إضعاف التخطيط الاستراتيجي وبالتالي التأثير سلباً على أداء الوزارة بشكل عام"، لكنه يوضح في حديث لـ"المدن"، أنه إذا كانت تابعة تنظيمياً للوزير، ستختفي هذه السلبية، "وهذا ما سيتضح في الفترة المقبلة"، وفق قوله.
فيما يقول رجل الأعمال السوري فيصل العطري، صاحب الخبرة الواسعة في الاقتصاد السوري، إن السيرة الذاتية للشعار، توضح أنه "ليس من النوع الذي يقبل بلعب دور رمزي أو شكلي، والقبول بمنصب منقوص الصلاحيات، خصوصاً في مرحلة حساسة كهذه"، معتبراً أن القرار "هو جزء من رؤية أوسع لتنظيم العمل وتحقيق فاعلية أكبر".
ويضيف العطري لـ"المدن"، أن ما يميز هذه الخطوة "هو وضوحها في تحميل المسؤوليات، فالمدراء سيُحاسبون على تنفيذ الخطط، ولديهم ما يكفي من الصلاحيات لتطبيقها، مما يقلل من البيروقراطية ويفتح الباب أمام مرونة أكبر" في أداء الوزارات المدموجة، وهي التي كانت تعاني من تضارب بالجهود والمهام. ويرى أنه بات بالإمكان "رسم سياسة اقتصادية موحدة، شاملة ومتكاملة"، يشرف عليها الوزير، بينما يتولى المدراء الجدد تنفيذ هذه السياسات ضمن أطر واضحة وتفويض كامل.
دمج الوزارات
النقاش عن مدى حقيقة صلاحيات الشعار، هو جزء أوسع من نقاش بين مؤيد ومعارض، يتمحور حول جدوى دمج تلك الوزارات بوزارة واحد، لأن في ذلك تحميل الشعار عبء إدارة 3 وزارات اقتصادية ثقيلة ومهمة، عانت لعقود من الترهل والتخريب المتعمد من قبل نظام الأسد، بدلاً من توسيع صلاحياتها والإبقاء عليها مستقلة، نظراً لحاجة سويا الماسة إليها خلال هذه المرحلة. وهذا الحال، ينطبق على دمج وزاتي الكهرباء والنفط، بوزارة واحدة هي وزارة الطاقة.
ويؤيد السيد عمر قرار الدمج، ويصفه بـ"الإيجابي"، لأنه يرى فيه نوعاً من إعادة الهيكلة الوزارية، لاسيما أن الحكومة في عهد نظام الأسد كانت موسعة بشكل كبير، وتضم 35 حقيبة، ما شكل عبئاً مالياً وترهلاً إدارياً، لافتاً إلى أن بعض الوزارات لا يصلح أن تكون وزارة مستقلة، لا بد أن تكون مدمجة مع وزارة أخرى.
لكنه في الوقت نفسه، يوضح أن الدمج قد يؤثر سلباً على كفاءة العمل والتخطيط، لأن هذا الدمج حديث، أي لا يوجد وحدة عضوية بين إدارات الصناعة وإدارات الاقتصاد، ويصبح الدمج إداري وشكلي في هذه الحالة، ولا أثر له على أرض الواقع، بمعنى أنه من حيث التنفيذ ما زالت الصناعة مفصولة إجرائياً عن وزارة الاقتصاد. ولهذا السبب، يشير السيد عمر إلى أن استحداث إدارات جديدة، أمر هام.
من جانبه، كان العطري أكثر تفاؤلاً بقرار الدمج، لأنه يرى في الخطوة تصحيحاً للبوصلة الحكومية نحو الاتجاه الصحيح، وقد تفتح الباب أمام إدارة أكثر فعالية وتناسقاً، وتمنح الاقتصاد الوطني دفعة قوية نحو تحقيق إنجازات أكبر، حسب قوله.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها