حجم الخط
مشاركة عبر
ردت سوريا كتابياً على قائمة الشروط الأميركية لتخفيف جزئي محتمل للعقوبات، مشيرة إلى أنها نفذت معظمها، لكن بعضها الآخر يتطلب "تفاهمات متبادلة" مع واشنطن.
رسالة سوريا
ووفقاً للوثيقة المكونة من 4 صفحات، التي اطلعت عليها "رويترز"، تتعهد سوريا بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية للعثور على الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس، وتفصّل عملها لمعالجة مخزونات الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك توثيق العلاقات مع هيئة مراقبة الأسلحة العالمية.
لكنها لم تُقدّم الكثير من التفاصيل في شأن مطالب رئيسية أخرى، بما في ذلك إبعاد المقاتلين الأجانب، ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات لمكافحة الإرهاب، وفقًا للرسالة.
المقاتلون الأجانب
وذكرت الرسالة أن مسؤولين سوريين ناقشوا مسألة المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأميركي السابق دانيال روبنشتاين، لكن القضية "تتطلب جلسة تشاورية أوسع". وقالت الرسالة: "ما يمكن تأكيده حتى الآن هو تعليق إصدار الرتب العسكرية عقب الإعلان السابق في شأن ترقية ستة أفراد"، في إشارة واضحة إلى تعيين مقاتلين أجانب في كانون الأول/ديسمبر، من بينهم أويغور وأردني وتركي، في مناصب في القوات المسلحة السورية.
ولم توضح الرسالة ما إذا كانت الرتب المعينة قد أُزيلت من المقاتلين الأجانب، ولم تُحدد الخطوات المستقبلية التي سيتم اتخاذها. وقال مصدر مُطلع على نهج الحكومة السورية تجاه هذه القضية إن دمشق ستؤجل معالجتها قدر الإمكان نظراً لرأيها بضرورة معاملة المتمردين غير السوريين الذين ساعدوا في الإطاحة بالأسد معاملة حسنة.
مكافحة الإرهاب
وحول طلب أميركي للتنسيق في مسائل مكافحة الإرهاب والقدرة على تنفيذ ضربات على أهداف إرهابية، قالت الرسالة إن "الأمر يتطلب تفاهمات متبادلة".
وأعربت سوريا في رسالتها عن أملها في أن تُفضي الإجراءات المُتخذة، والتي وصفتها بـ"الضمانات"، إلى اجتماع لمناقشة كل نقطة بالتفصيل، بما في ذلك إعادة فتح السفارات ورفع العقوبات.
وفي ما يتعلق بالمسلحين الفلسطينيين في سوريا، ذكرت الرسالة أن الرئيس السوري أحمد الشرع شكّل لجنة "لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية"، وأنه لن يُسمح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل.
وقد أُرسلت الرسالة قبل أيام قليلة من اعتقال سوريا لمسؤولين فلسطينيين من حركة "الجهاد الإسلامي". وأضافت الرسالة: "في حين أن المناقشات حول هذا الموضوع قابلة للاستمرار، فإن الموقف الشامل هو أننا لن نسمح لسوريا بأن تُصبح مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل".
وأقرت الرسالة أيضاً بـ"التواصل المستمر" بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في عمان بشأن مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وقالت إن سوريا تميل إلى توسيع هذا التعاون.
وقال مسؤول سوري مُطلع على الرسالة إن المسؤولين السوريين يبحثون سبلاً أخرى لإضعاف المتطرفين من دون منح الولايات المتحدة إذناً صريحاً بتنفيذ ضربات، معتبرين ذلك خطوة مثيرة للجدل بعد سنوات من قصف القوات الجوية الأجنبية لسوريا خلال حربها.
5 مطالب
وصرح دبلوماسي كبير وشخص آخر مُطلع على الرسالة لـ"رويترز" بأنهما يعتبرانها تُعالج خمسة مطالب بالكامل، لكن المطالب المتبقية تُركت "معلقة". وقال المصدران إن الرسالة أُرسلت في 14 أبريل/نيسان قبل 10 أيام فقط من وصول وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني إلى نيويورك لإلقاء كلمة أمام مجلس الأمن.
وقال مسؤول سوري ومصدر أميركي مُطلع على الرسالة إن الشيباني سيناقش محتواها مع مسؤولين أميركيين خلال زيارته إلى نيويورك.
وبالفعل سعى الشيباني، في أول خطاب له أمام مجلس الأمن أمس، إلى إظهار أن سوريا تُعالج بالفعل المطالب، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية والبحث عن الأميركيين المفقودين في سوريا.
وكانت تعليقاته العلنية متوافقة مع محتوى رسالة سوريا الخاصة إلى الولايات المتحدة، والتي اطلعت "رويترز" على نسخة غير مؤرخة منها. ولم يُنشر محتوى الرسالة سابقاً.
الخارجية الأميركية تؤكد تلقي الرد
من جهته، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت رداً من السلطات السورية على طلب أميركي باتخاذ "تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة". وقال المتحدث: "نقوم الآن بتقييم الرد وليس لدينا ما نُشاركه في الوقت الحالي"، مُضيفاً أن الولايات المتحدة "لا تعترف بأي كيان كحكومة سورية، وأن أي تطبيع مُستقبلي للعلاقات سيُحدد بناءً على إجراءات السلطات المؤقتة. ولم ترد وزارة الخارجية السورية فوراً على طلب للتعليق.
وكانت الولايات المتحدة سلمت سوريا الشهر الماضي قائمة بثمانية شروط تريد من دمشق الوفاء بها، بما في ذلك تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية، وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم.
حاجة سوريا لرفع العقوبات
وتحتاج سوريا إلى تخفيف العقوبات لإنعاش اقتصادها المنهار جراء 14 عاماً من الحرب، فرضت خلالها الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا عقوبات صارمة في محاولة للضغط على الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وفي كانون الثاني/يناير، أصدرت الولايات المتحدة إعفاءً لمدة ستة أشهر لبعض العقوبات لتشجيع المساعدات، لكن هذا كان له تأثير محدود.
وفي مقابل تلبية جميع المطالب الأميركية، ستمدد واشنطن هذا التعليق لمدة عامين، وربما تُصدر إعفاءً آخر، بحسب ما أفادت مصادر لـ"رويترز" في آذار/مارس الماضي.
وتعهدت الحكومة السورية الجديدة بعدم التسامح مع أي تهديدات للمصالح الأميركية أو الغربية في سوريا، وتعهدت باتخاذ "الإجراءات القانونية المناسبة"، من دون الخوض في تفاصيل.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد صرّح في مقابلة سابقة هذا العام بأن القوات الأميركية المنتشرة في سوريا موجودة هناك من دون موافقة الحكومة، مضيفاً أن أي وجود من هذا القبيل يجب أن يتم بالاتفاق مع الدولة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها