أسئلة كثيرة تحتاج لإجابات عن معركة "ردع العدوان"، إلا أن الثابت الوحيد الواضح هو انهيار قوات النظام بشكل دراماتيكي وسريع أمام ضربات الفصائل المعارضة، داخل أحياء حلب المدينة.
وقياساً باستمرار ذلك التقدم الكبير، بات منطقياً القول إن إعلان السيطرة على كامل المدينة، مسألة ساعات. وبالتوازي مع واقع الميدان، نشّط النظام السوري من اتصالاته الدبلوماسية.
انهيارات في مدينة حلب
ولم يكن تقدم الفصائل داخل أحياء مدينة حلب، مختلفاً عن التقدم في أريافها. فبعد السيطرة على حيي الحمدانية، وحلب الجديدة، في الغرب، تقدمت الفصائل نحو الأحياء الشرقية والجنوبية. وقالت مصادر متابعة لـ"المدن"، إن الفصائل سيطرت على أحياء سيف الدولة والأعظمية جنوب المدينة، وسيطرت على أحياء كانت خاضعة لفصائل المعارضة قبل العام 2018، وهي صلاح الدين، والسكري.
كذلك تقدمت الفصائل نحو الأحياء الشرقية، ووصلت إلى ساحة عد الله الجابري، ودخلت قصر محافظ حلب، والقصر البلدي. وقبله، أحكمت سيطرتها على حي الفرقان، وضمنه جامعة حلب، وسيطرت على حي بستان القصر، الذي كان خاضعاً لسيطرتها في السابق.
وأكدت مصادر متابعة أن الفصائل المعارضة أصبحت مسيطرة على مركز مدينة حلب، وبسطت نفوذها على الأحياء التي تضم الجامع الأموي، وقلعة حلب، التاريخيين، وكذلك على الأحياء التي تضم الأفرع الأمنية ومبنى المحافظة، موضحةً أن 15 حياً رئيساَ أصبحت تحت سيطرتها بشكل كامل.
بدورها، قالت غرفة عمليات معركة "ردع العدوان"، إنها توسع سيطرتها في حي النيرب، باتجاه حي الميسر، وتوسّع سيطرتها داخل حي الفردوس، وتقع هذه الأحياء من الجهة الجنوبية الشرقية لمدينة حلب.
وتثبت الصور والمقاطع المصورة التي يبثها ناشطون وغرفة عمليات المعركة، صحة سيطرة الفصائل على تلك المناطق. إضافة إلى ذلك، فإن الأمم المتحدة أعلنت بأن مطار حلب تم إغلاقه وجرى تعليق جميع الرحلات الجوية.
حسابات مسبقة
في غضون ذلك، أعلنت غرفة العمليات حظر تجول ابتداءً من ليلة الجمعة، وحتى صباح السبت، لما قالت إنه حفاظاً على سلامة المدنيين، وللعمل على تدعيم الأمن والاستقرار، بينما ستعمل سرايا الهندسة على إزالة الإلغاء.
وتثبت كل التفاصيل المتعلقة بالمعركة، وجود حسابات دقيقة للفصائل المهاجمة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام. فقد وجّه زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني، في بيان مكتوب، للحفاظ على ممتلكات المدنيين، تحت طائلة إنزال اشد العقوبات بالمخالفين، كما خصّ بمعظم بياناته، توجيه الطمأنينة إلى جميع الطوائف في مدينة حلب، لاسيما المسيحيين، بأنهم محميون. وكذلك فعلت جميع المؤسسات في "حكومة الإنقاذ"، التابعة لتحرير الشام.
وصرح رئيس مديرية شؤون الطوائف في حكومة "الإنقاذ" بشير العلي، أنه "مع تحرير العديد من المناطق، أريد أن أطمئن جميع الطوائف، بما فيهم المسيحيين، بأن حياتهم وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم وحريتهم ستكون محمية".
إضافة إلى ذلك، فقد أدخلت حكومة الإنقاذ مؤسساتها الخدمية إلى بعض المناطق التي تم السيطرة عليها، لتنظيف الشوارع من مخلفات المعارك، وإصلاح بعض أعطال أصابت بنى تحتية.
السيطرة على سراقب
وتوازياً مع معارك حلب، فقد وسّعت الفصائل سيطرتها في ريف إدلب الشرقي، وذلك عبر إحكام سيطرتها على مدينة سراقب الاستراتيجية، في ريف إدلب الشرقي، وعدد من القرى المحيطة بها. وقالت مصادر من المدينة لـ"المدن"، إن الفصائل وبعد سيطرتها على خان السبل، جانب سراقب، حشدت قواتها للتوجه نحو معرة النعمان.
وتعتبر السيطرة على سراقب، ضربة قاسمة للنظام والميلشيات الإيرانية، إذ بعد سيطرة الفصائل على ريف إدلب الجنوبي، بشكل كامل، فإن مناطق سيطرتها أصبحت مربوطة ابتداءً من أحياء حلب الغربية، مروراً بريف إدلب الجنوبي، وصولاً لريف إدلب الشرقي.
وتشرف سراقب على عقدة طريقي "إم-4" و"إم-5" الدوليين، وعليه فإن لا مؤازرات للنظام ستأتي عبر هذين الطريقين إلى مدينة حلب. كما أنه بالسيطرة عليها وعلى الريف الجنوبي، أصبحت عشرات الكيلومترات من الطريق "إم-5" تحت سيطرتهم. وبذلك فلم يتبقَ للنظام سوى طريق أثريا- خناصر، للوصول إلة حلب المدينة، أو ما يعرف بطريق حلب القديم. ويبعد هذا الطريق نحو 50 كيلو متراً عن "إم-5"، ويوازيه بالمسار، لكنه يصل مدينة حلب من الجهة الجنوبية الشرقية.
نشاط دبلوماسي
وفي ظل واقع الميدان، ظهر نشاط واضح للاتصالات الدبلوماسية. وقالت وكالة أنباء النظام "سانا"، إن وزير خارجية النظام بسام الصباغ اتصل بوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بينما تلقى اتصالاً من وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي.
وأكد عراقجي خلال الاتصال، دعم طهران للنظام السوري، واعتبر هجوم الفصائل المعارضة هو "مشروع أميركي- إسرائيلي".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها