الأربعاء 2023/03/08

آخر تحديث: 12:11 (بيروت)

كيف تنتشر شبكات النصب والاحتيال في الشمال السوري

الأربعاء 2023/03/08
كيف تنتشر شبكات النصب والاحتيال في الشمال السوري
increase حجم الخط decrease
يشهد الشمال السوري انتشاراً واسعاً لشبكات التسويق الهرمي، حيث تخلق البطالة وصعوبة الوضع المعيشي والتضخم وانسداد الأفق بسبب الحرب، فرصة سانحة للتغرير بالشباب، تحت شعارات الإثراء السريع، وتحقيق مداخيل مالية مرتفعة.
وتركز الشبكات المنسوبة لشركات أجنبية (وهمية في الغالب)، على إقناع اليافعين والشباب، مستفيدة من قلة الوعي الشعبي بمبدأ عمل هذه الشبكات، وغياب القوانين وضعف المؤسسات العامة.

مبالغ كبيرة
ويتراوح المبلغ الذي يدفعه المشتركون (العملاء الجدد) بين 1400-24000 دولار أميركي، مقابل شراء منتجات متنوعة "مستحضرات تجميل، ساعات، وغيرها" لا تساوي قيمتها المادية ما دفعه المشترك، ليتحول بعدها إلى وكيل، ويبدأ هو الآخر بمشوار البحث عن عملاء جدد (ضحايا جدد).
واضطر شاب إلى بيع مصوغات والدته لتأمين مبلغ الاشتراك، لكن أحد الأشخاص المقربين منه منعه من الانضمام للشبكة، بعد أن شرح له طبيعة عملها، وفق ما علمت "المدن".
وتستخدم الشبكات لإضفاء الصفة المشروعية التجارية على عملها، منتجات أميركية غير معروفة رغم أن الشركات المصنعة لها موجودة منذ عقود، ويُطلب من المشترك أن يستقدم زبائن جدد للعمل مع الشبكة، وهو الشرط الذي يجب تنفيذه لتحقيق الأرباح.
ويقول الباحث الاقتصادي يونس الكريم إن شبكات التسويق الهرمي تعتمد على السلعة لخلط عملها مع التسويق الشبكي والإلكتروني، إذ يعد التسويق الشبكي أحد أساليب البيع الذي يعتمد على العلاقات الشخصية والاجتماعية، في حال كانت قيمة السلعة حقيقية، ودون أن يدفع العميل أي مبلغ مالي لقاء عمله مندوباً للمبيعات.
أما شبكات التسويق الهرمي (متعدد الطبقات)، فتقوم على مبدأ بيع سلعة أو خدمة بسعر مرتفع جداً (رسم الاشتراك)، لا يتناسب مع قيمة السلعة، للحصول على عضوية الشبكة، ومن ثم يُطلب منه "توريط" عدد من الأشخاص بالدخول إلى الشبكة مقابل تحقيق الأرباح.

خسائر كبيرة
ولا تضيف هذه الشبكات أي قيمة اقتصادية للمنطقة التي تنشط فيها، وإنما يترتب عليها خسائر مالية كبيرة، وقد تتسبب بنزاعات مجتمعية تهدد السلم الأهلي، كما يؤكد الكريم ل"المدن"، مضيفاً أن "قيمة الأرباح التي يجنيها أعضاء الشبكة تكون كبيرة في أعلى الهرم، ومعدومة في الأسفل".
وعن أسباب انتشار هذه الشبكات في الشمال السوري، يقول الباحث إن الشبكات تستهدف المجتمعات الفقيرة وغير المستقرة، وتستغل حاجة الناس إلى تغيير الواقع والخروج من الفقر، من خلال الضخ الإعلاني، واستخدام عبارات وشعارات غير مألوفة، وتنظيم مؤتمرات يُصرف فيها ببذخ، علاوة على استخدام العامل الديني (فتاوى دينية تحلل العمل مع هذه الشركات).
ويضيف الكريم أن سوريا عرفت منذ نحو عقدين هذا النوع من الشبكات، مؤكداً أن "الدولة السورية سنّت بعض القوانين لمكافحة انتشار هذا النوع من التجارة غير المشروعة".

صعوبة الملاحقة
وتستفيد الشبكات من غياب مؤسسات المعارضة أو ضعف حضورها في الشارع، لكن وزير المالية والاقتصاد في "الحكومة المؤقتة" عبد الحكيم المصري يشدد على صعوبة ملاحقة هذه الشبكات، لأسباب عديدة قانونية ومجتمعية.
لكن المصري خلال حديثه ل"المدن"، يُقرّ في الوقت ذاته، بضرورة نشر التوعية المجتمعية حول ضرر هذه الشبكات، وتحديداً لجهة زيادة استنزاف المنطقة مالياً.
ويستدعي انتشار هذه الشبكات في الشمال السوري تدخلاً عاجلاً، حسب الوزير الذي يؤكد عزم حكومته تنظيم حملات لتسليط الضوء على خطورة التعامل مع هذه الشبكات عبر الطلب من أئمة المساجد تخصيص الخطب والدروس للتوعية في هذا الإطار.
وفي المحصلة، ينتهي عمل الشبكات بتعذر الحصول على مشتركين جدد، وحينها تبدأ الشبكات بالبحث عن منطقة جديدة، وسلع "راكدة" وضحايا جدد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها