السبت 2023/03/18

آخر تحديث: 13:15 (بيروت)

الصين تشارك في إنشاء نظام عالمي..بعدما نفد صبر خامئني

السبت 2023/03/18
الصين تشارك في إنشاء نظام عالمي..بعدما نفد صبر خامئني
increase حجم الخط decrease
شكّل نجاح الصين المفاجئ في التقريب بين السعودية وإيران أخيراً تحدّياً للدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط بعدما اعتُبرت الولايات المتحدة لفترة طويلة وسيطاً ولاعباً أساسياً في المنطقة، فيما رأى وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر أن الاتفاق السعودي الايراني "تغيير جوهري في الوضع الاستراتيجي للشرق الأوسط"، معتبرا أن السعوديين يوازنون الآن بين أمنهم، من خلال لعب الولايات المتحدة ضد الصين.

واعتبرت الولايات المتحدة إعلان بكين في 10 آذار/مارس استئناف إيران والسعودية علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016 إثر مفاوضات استضافتها الصين أنها "أمر جيد" وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن آنذاك "أي أمر قد يساعد في خفض التوترات (...) هو أمر جيد". 

ومع ذلك، حاول مسؤولون أميركيون التقليل من أهمية دور الصين في المنطقة، قائلين إن بكين لا تزال بعيدة عن التفوق على الأميركيين في الشرق الأوسط الذي ما زال إلى حد كبير تحت حماية المظلة الأمنية الأميركية.

ونقلت "واشنطن بوست" في مقال كتبه ديفيد إغناتيوس، عن كيسنجر قوله: "أعلنت الصين في السنوات الأخيرة إنها بحاجة إلى أن تكون مشاركاً في إنشاء النظام العالمي.. لقد قامت الآن بخطوة مهمة في هذا الاتجاه". 

لكن هذا الاختراق الدبلوماسي الذي حقّقته الصين يمثّل تحدياً حقيقياً لدور الولايات المتحدة كلاعب أساسي في المنطقة مع انشغال واشنطن المتزايد بالحرب في أوكرانيا، وعلى المدى الطويل، بإعاقة التقدم الدبلوماسي والعسكري لبكين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وقال جيمس راين، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد "فورين بوليسي ريسيرتش إنستيتيوت" لوكالة "فرانس برس" إن واشنطن سترحّب بأي خطوة يمكنها تحقيق الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، حتى لو كانت من الصين المنافسة.

وأوضح أن "إدارة بايدن قالت بشكل واضح إنه عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فإنها تدعم تعزيز الأمن والاستقرار" مضيفا "سيتراجع التدخل الأميركي عموما" وهي رسالة يفهمها السعوديون "بوضوح". 

ويأتي هذا التحول فيما لا تزال العلاقات معقدة بين الولايات المتحدة والسعودية وفيما تواجه واشنطن العديد من القضايا التي تتراوح من البرنامج النووي الإيراني إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ورغم الصفقة الضخمة التي بلغت 37 مليار دولار، وفقا للبيت الأبيض، بين السعوديين وشركة "بوينغ" التي أعلنت هذا الأسبوع، بقيت العلاقات بين واشنطن والرياض متوترة بعد إعلان الرئيس جو بايدن في تشرين الأول/أكتوبر مراجعة علاقتها مع هذا الحليف التاريخي.

وكان الرئيس الأميركي تحدث بشكل ملحوظ عن "عواقب" بعد قرار الرياض خفض إنتاجها النفطي.

كذلك، يهدد التقارب الإيراني السعودي الهدف الأساسي لاتفاقات أبراهام التي صاغتها الولايات المتحدة في العام 2020 والمتمثل في اعتراف السعودية، القوة العربية، بإسرائيل، بعد عقود من الرفض. وسمحت هذه المفاوضات التي تقودها واشنطن، بتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولتين عربيتين هما الإمارات العربية المتحدة والبحرين.

وأوردت "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز" أن الرياض تعمل في الكواليس للحصول على ضمانات أمنية من واشنطن وعلى مساعدة في برنامجها النووي المدني مقابل التطبيع مع إسرائيل.

وفي ما يخص الملف النووي الإيراني، فإن المفاوضات بشأن إحياء اتفاق 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، متوقفة. وتؤكد واشنطن أن العودة إلى الاتفاق لم تعد "مطروحة" لو أن الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أن هذا الاتفاق هو أفضل طريقة لمنع إيران من حيازة أسلحة ذرية. 

والواضح أن ايران كانت تسعى منذ عامين لإنهاء عزلتها السياسية والاقتصادية، عبر استعادة العلاقات مع الدولة العربية ذات الثقل والقوة النفطية الكبيرة السعودية.

وقال مسؤولان إيرانيان لوكالة "رويترز" إن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نفد صبره في أيلول/ سبتمبر الماضي حيال بطء وتيرة المحادثات الثنائية واستدعى فريقه لمناقشة سبل تسريع العملية، وهو ما أفضى إلى تدخل الصين.

وذكرت الوكالة أن "نفاد صبر" خامنئي ساهم بشكل كبير في تعجيل مسار التفاوض الذي أدى إلى مصالحة تاريخية بين إيران والسعودية، بعد قطيعة دامت سبع سنوات.

والدور السري للصين في النجاح الكبير الذي أُعلن عنه الأسبوع الماضي أحدث هزة في موازين القوى بالشرق الأوسط، حيث ظلت الولايات المتحدة لعقود هي الوسيط الرئيسي وكانت تستعرض عضلاتها الأمنية والدبلوماسية.

وقال دبلوماسي إيراني مشارك في المحادثات: "أبدى الصينيون استعدادهم لمساعدة طهران والرياض على تضييق الفجوات والتغلب على القضايا العالقة خلال المحادثات في عمان والعراق". 

وقال مسؤول إيراني مطلع على الاجتماعات: "الصين كانت الخيار الأفضل بالنظر إلى فقدان إيران الثقة في واشنطن وعلاقات بكين الودية مع السعودية وإيران. وستستفيد الصين من شرق أوسط هادئ بالنظر إلى احتياجاتها من الطاقة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها