لم ينجح النظام السوري في الحد من أزمته الاقتصادية بالاعتماد على زيادة واستحداث العديد من الضرائب ومراجعة التشريعات الضريبية، وذلك بسبب ضعف الحركة الاقتصادية وتدني الرواتب والتهرب الضريبي، ما حمله على التفكير باستحداث ضرائب جديدة مثل الضريبة على القيمة المضافة.
التطبيق في 2024
ومنذ فترة، بدأت وسائل إعلام النظام بالترويج للضريبة على القيمة المضافة، معتبرة أن الضريبة الجديدة "أكثر عدالة" من الضريبة على الدخل وضريبة الإنفاق الاستهلاكي، وهي ستساعد على زيادة الإنفاق على المصالح العامة والبنية التحتية وتحسين الخدمات.
وعلمت "المدن" أن النظام ينوي تطبيق الضريبة الجديدة في العام 2024، وأن حكومة النظام ركزت كثيراً في الآونة الأخيرة على مشاريع الفوترة والأتمتة وغيرها من المتطلبات التي تساعد على تطبيق هذا النوع من الضرائب.
وأكدت مصادر "المدن" أن خطة النظام تقتضي تحديد الضريبة الجديدة عند مستويات متدنية (1 في المئة وما دون)، بحيث يتم قياس تأثير الضريبة على الحركة الاقتصادية، ومن ثم رفع مقدارها مع زيادة الرواتب، لأن الدخل المقبول يعد عاملاً على تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وتحت بند خطة "إصلاح النظام الضريبي"، أعلن وزير المالية في حكومة النظام السوري كنان ياغي قبل أيام، عن استكمال الدراسات المتعلقة بالجوانب الفنية للضريبة على القيمة المضافة، معتبراً أن هذا الانتقال في نمط الضرائب يسهم في تبسيط الضريبة ووضوحها والحد من التهرب الضريبي، ويحقق العدالة الضريبية كذلك.
والضريبة على القيمة المضافة هي نظام ضريبي للمبيعات، مطبق في غالبية الدول الغنية منها والفقيرة، وتفرض على القيمة المضافة في السلع والخدمات، وتحصيلها يتم بالتدريج، بحيث تطبق على كل مرحلة تنتقل فيها السلعة أو المادة وصولاً إلى المستهلك.
رفع الأسعار
ومن المحتم ان يؤدي تطبيق الضريبة على القيمة المضافة إلى رفع أسعار كل السلع الغذائية وغيرها، ما يعني زيادة صعوبة الوضع المعيشي لغالبية السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
وغالباً تُعفي الدول المواد الأساسية التي تُستهلك بشكل واسع من الضريبة على القيمة المضافة، وذلك بهدف المساهمة في تخفيض أسعارها، بدلاً من زيادتها، لكن لم تأتِ المداولات التي تم الكشف عنها من مسؤولين ووسائل إعلام النظام على ذلك، ما يعني أن النظام لن يُعفي أي مادة أو سلعة من الضريبة.
ويقول الخبير الاقتصادي خيرو العبود إن النظام يحاول تقليد الدول التي اعتمدت هذا النظام الضريبي، لكنه ينسى أو يتناسى الحال الصعب الذي يسود مناطق سيطرته، وضعف معدل الاستهلاك.
ويضيف ل"المدن"، أن الضريبة الجديدة وغيرها من الضرائب لن تحقق هدف النظام بزيادة الإيرادات للخزينة في ظل الدخل المعدوم، مؤكداً أن "تطبيق ضريبة القيمة المضافة يؤثر على المستهلك بشكل كبير".
ويتابع العبود أن معدل استهلاك الفرد في مناطق سيطرة النظام، أقل من الحد الأدنى، وخاصة أن المستهلكين هم من يتحملون عادة القيم المضافة، لأن المنتج والبائع يضيف القيمة الضريبية إلى ثمن السلعة، وبالتالي يؤدي ذلك انخفاض الاستهلاك ويلحق الضرر بالجميع، مؤكداً أن "الضريبة الجديدة لن تحل مشكلة النظام، بل ستزيد من حدة الأزمة الاقتصادية".
وبحسب الخبير الاقتصادي فإن إجراءات وقرارات النظام الاقتصادية هي "تجريبية"، وجميعها أثبتت فشلها، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التراجع عن كثير من القرارات، مثل إنهاء العمل الجزئي ب"منصة تمويل المستوردات".
ومن الصعب في حالة النظام أن يتم ضبط التهرب الضريبي، حتى مع تطبيق الضريبة الجديدة، وذلك بسبب الفساد الوظيفي، والطرق الالتفافية الكثيرة على الضريبة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها