سلطت حادثة اعتقال محافظ اللاذقية السابق الضوء مجدداً على قضايا الفساد في مناطق النظام السوري، وأثارت تساؤلات عن المعايير التي يتم بموجبها انتقاء الشخصيات المستهدفة بالملاحقة القانونية، وأهداف النظام من فتح ملفات الفساد تباعاً.
وآخر أهداف النظام هو محافظ اللاذقية السابق إبراهيم خضر السالم، حيث أكدت مصادر النظام اعتقاله بعد توجيه العديد من التهم بتزوير الأوراق الرسمية والفساد وهدر المال العام والتعامل بغير الليرة السورية.
اختلاس وهدر
ويُتهم السالم الذي تسلم بعض المناصب الأمنية قبل أن يجري تعيينه في منصب محافظ اللاذقية بين 2014 – 2021، بقضايا اختلاس وهدر مال عام في محافظة اللاذقية التي ينحدر منها رئيس النظام السوري بشار الأسد، لكن رغم ذلك فإن حالة من الشك ساورت الأوساط العلوية بشأن نوايا النظام من وراء فتح قضية فساد السالم، وما إن كان ذلك يدخل ضمن نطاق تصفية الحسابات داخل أجنحة النظام.
وجراء ذلك، سادت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للموالين للنظام، بنشر تفاصيل عن حجم الفساد المالي لسالم وشركائه من المسؤولين السابقين أو الباقين في عملهم.
وبحسب المعطيات السابقة، يعتقد الباحث والخبير الاقتصادي رضوان الدبس أن اعتقال السالم لا يخرج عن الاصطفافات داخل بنية النظام. ويقول ل"المدن": "يبدو أن محافظ اللاذقية قد أغضب بعض المتنفذين".
ومن المؤكد وفق الدبس، أن هذا النوع من الإجراءات يخدم مصلحة النظام، فمن جهة يريد النظام امتصاص النقمة الشعبية وتحديداً في الساحل السوري الناجمة عن الفقر وزيادة الفساد.
ادعاء الشفافية
ويقول الدبس إن اعتقال مسؤول كان يتسلم منصب محافظ اللاذقية يساعد النظام على ادعاء الشفافية و مصداقية حملة "الحرب على الفساد" التي تروج لها أوساط النظام، معتبراً أنه "لو كانت الحملة قائمة فعلاً، لكانت شملت عشرات الشخصيات ولم تكتفِ بمسؤول واحد".
من جانب آخر، تساعد الاعتقالات هذه النظام على تحصيل أموال من خلال الضغط على المسؤولين وأصحاب الثروات التي جمعت في العقد الأخير، لتغطية العجز المالي الحاد ورفد الخزينة.
وهو ما يؤكد عليه الأكاديمي والباحث الاقتصادي أحمد ناصيف، الذي تحدث ل"المدن" عن هدفين للنظام من ذلك، الأول سياسي خارجي يتعلق بتصدير صورة مغايرة للخارج، من حيث أن "الدولة" تحارب الفساد رغم ظروف الحرب، ولا تستثني أحداً منه حتى لو كان من الطائفة العلوية.
وبخصوص هدف النظام الثاني، يشير الأكاديمي الاقتصادي إلى اعتياد النظام منذ اندلاع الثورة السورية على أسلوب ملاحقة المسؤولين والمتنفذين للحصول على مبالغ مالية "ضخمة"، كما حدث مع رامي مخلوف وغيره من الشخصيات، بحيث تتصاعد وتيرة الإجراءات هذه مع زيادة شدة الأزمة الاقتصادية.
ويفسر هذا الهدف وفق ناصيف "انتقائية" النظام للمسؤولين المستهدفين، والمعلوم أن الفساد ينخر كل مفاصل النظام، ويقول: "بالتالي يتم استهداف الذين استحوذوا على ثروات ضخمة ليست متواضعة"، مضيفاً "كذلك يتم استهداف المسؤولين الذين خرجوا عن السيطرة، وبمعنى أوضح عند خروج الأموال عن تحكم العائلة الحاكمة".
وقد يكون من بين أهداف النظام من حملات مكافحة الفساد، هو تقليل حجم الفساد الذي يعيق أي تحسن اقتصادي يريد النظام تحقيقه بعد انتهاء أو هدوء الجبهات العسكرية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها