الأحد 2023/10/29

آخر تحديث: 19:41 (بيروت)

سوريا:النظام يضغط على الامم المتحدة..لاستجرار"التعافي المبكر" إلى مناطقه

الأحد 2023/10/29
سوريا:النظام يضغط على الامم المتحدة..لاستجرار"التعافي المبكر" إلى مناطقه
قفزت مبالغ متطلبات التعافي المبكر الى 302 مليون دولار في 2023 (غيتي)
increase حجم الخط decrease
تظهر الأرقام الرسمية التي أوردتها " OCHA" (مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية) في موقعها الرسمي، ارتفاعاً كبيراً في حجم المبالغ المخصصة للتعافي المبكر في سوريا، مع ملاحظة التفاوت في نسب ونوعية المشاريع في المناطق السورية الثلاث، حيث تحصل دمشق على النصيب الأوفر، مما يؤشر إلى الضغط الكبير الذي يمارسه النظام السوري على الأمم المتحدة للحصول على المزيد من المشاريع. 

ويمكن ملاحظة الفارق في نوعية المشاريع بين الكانتونات السورية، إذ تركز في مناطق النظام على إعادة إعمار جزئي للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، بينما تحصل مناطق المعارضة على مشاريع غير تنموية في معظمها، وهو ما انتقده بيان صادر عن "منسقو استجابة سوريا" في وقت سابق. 

وفيما كان حجم متطلبات التعافي المبكر لا يتجاوز 174 مليون دولار في العام 2020، قفز المبلغ إلى 302 مليون دولار في العام الحالي بحسب بيانات موقع " OCHA" ولا تدخل هذه الأرقام ضمن المشاريع الأخرى التي قد تندرج ضمن التعافي المبكر مثل الأمن الغذائي والتعليم والصحة وخطة التعافي المتعلقة بكارثة الزلزال، إذ تفرد الأمم المتحدة بيانات خاصة لها، في محاولة لتجاوز أي اعتراض سياسي من الدول المانحة. 

غموض وتسييس
ومع أن مفهوم التعافي المبكر لا يزال غامضاً لعدم اتفاق الدول المانحة على المشاريع المندرجة ضمن هذا المصطلح والمشاريع الأخرى الخارجة عنه، إلا أن الأرقام التي توثقها " OCHA" ضمن بند "التعافي المبكر وسبل العيش" يمكن أن تقدم لنا بعض المعطيات حول حجم التمويل والمنظمات المنفذة لهذه المشاريع على الأرض، مع رؤية تقريبية لنسب توزع المشاريع بين مختلف المناطق السورية. 

ويفسر مدير البرنامج السوري في "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية" كرم شعار الغموض الذي يطاول هذه المشاريع، "بخضوعها لبعض التسييس من قبل الدول الغربية مما يجعل الأمم المتحدة تلجأ إلى إخراج قطاعات كاملة من حزمة التعافي المبكر لتجنب المشادات السياسية مع الدول المانحة". 

ويوضح شعار لـ"المدن" أن الدول المانحة لا تزال مترددة جداً بخصوص هذه المشاريع بالرغم من وجود دول أخرى مثل اليابان قد قدمت مجموعة من المشاريع التي تندرج ضمن التعافي المبكر، حيث أعادت تأهيل محطات كهربائية عديدة في سوريا دون أي مطالب سياسية. لكن "اللافت للانتباه أن هذه المشاريع تنفذ داخل المناطق التي تكون فيها نسبة نهب المساعدات أكبر وهي مناطق النظام". 

ويرى المنسق الإغاثي والطبي مأمون سيد عيسى في حديث لـ"المدن" أنه من الصعب التوصل إلى أرقام حقيقية حول إجمالي مبالغ التعافي المبكر التي ينالها النظام السوري، خصوصاً مع لجوئه إلى الاستحواذ عليها وسرقتها. 

ويلاحظ سيد عيسى أن نسبة تنفيذ المشاريع يكتنفها الغموض نظراً لتفاوت النسب بين كل منظمة وأخرى، مؤكداً عدم وجود أرقام موثوقة توضح نسب الكانتونات السورية من المبالغ الإغاثية بشكل عام، إذ عادة ما يتم توثيق مبالغ الاستجابة الأممية دون توضيح التفاصيل المتعلقة بأماكن توزيعها. 

ضغوط على الأمم المتحدة
وتشرف منظمات "أكتد" و"الخوذ البيضاء" و"بناء للتنمية" على مشاريع عديدة في مناطق شمال غرب سوريا، بينما تعمل منظمة "بلومونت انترناشونال" في الشمال الشرقي. أما مناطق النظام فتستقطب ملايين الدولارات تحت بند التعافي المبكر والتي يمكن اعتبارها مشاريع أقرب إلى إعادة الإعمار تتم بتمويل مباشر من الأمم المتحدة وبرنامجها الإنمائي، مثل اتفاق الأمم المتحدة مع النظام للتعاون في إعادة إعمار البنية التحتية ومن بينها قطاع الكهرباء على فترة ممتدة بين عامي 2022 و2024. 

كما اضطلعت الأمم المتحدة في تمويل مشروع إنعاشي لترميم عدد من أحياء مدينة حلب الشرقية، بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة التابعة للنظام السوري، وبالاشتراك مع عناصر وآليات تابعة ل"فيلق المدافعين عن حلب"، المدعوم من إيران. والعام الفائت، بدأت "شركة سكر حمص" بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعمليات تأهيل معمل الخميرة في الشركة. 

ويعزو كرم شعار حصول النظام على الجزء الأكبر من أموال التعافي المبكر، إلى طبيعة علاقة الأمم المتحدة مع الجهات المختلفة التي تدير المناطق السورية. ويوضح أن علاقة المنظمة الأممية مع النظام السوري هي "علاقة عضوية ومباشرة لكون النظام لا يزال يشغر مقعد سوريا في الأمم المتحدة، مما يجعله الطرف الذي يمتلك القدرة الأكبر على ممارسة الضغوط للاستحواذ على المشاريع والأموال الأممية".

وبالرغم من أن تمويل مشاريع التعافي المبكر كان ضمن بنود المفاوضات بين النظام والأمم المتحدة إلا أن النظام لم يفلح حتى الآن في الحصول على الحجم الذي يتوقعه من الأموال الأممية المتعلقة بهذه المشاريع. 

ويؤكد شعار أن الدول الغربية الكبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا لا تزال مصرّة على عدم تقديم مساعدات من هذا النوع إلا في حال جرت تنازلات من حلفاء النظام على جبهات أخرى خارج سوريا، منتقداً "هذا التسييس للعمل الإنساني الذي يتم بشكل سري".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها