الإثنين 2023/01/02

آخر تحديث: 15:10 (بيروت)

تركيا تعمل لاحتواء خوف حلفائها من مصالحة بشار

الإثنين 2023/01/02
تركيا تعمل لاحتواء خوف حلفائها من مصالحة بشار
increase حجم الخط decrease
"لا يوجد أي سبب للوثوق بأي موقف صادر عن الرئيس ‎أردوغان أو حكومته فيما يخص حماية المعارضة في عملية التطبيع مع نظام الكيماوي في ‎سوريا، فقلّما تجد له موقفاً لم يمارس عكسه عملياً، سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية، طيلة فترة حكمه".

بهذه الكلمات غرد خالد الخوجة، الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري المعارض، والقيادي الحالي في "حزب المستقبل" التركي الذي يقوده أحمد داوود اوغلو، تعليقاً على لقاء موسكو الثلاثي الذي جمع وزراء الدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات التركية والروسية والسورية.

أهمية ما قاله الخوجة لا تنبع فقط من كونه مسؤولاً سابقاً في أهم مؤسسات المعارضة السورية الرسمية، بل في اشارته لنقطة "التطمينات" المقدمة من الحكومة التركية للمعارضة السورية المقيمة على أراضيها والمتحالفة معها، إذ من الواضح اطلاعه على مضمون الاتصالات بينها وبين المسؤولين الأتراك عن الملف السوري.

ضبط المعارضة
وحصلت "المدن" على معلومات عن تواصل مكثف بين الائتلاف وهؤلاء المسؤولين منذ الإعلان عن لقاء موسكو، بهدف تطمين المعارضة السورية من جهة وضبط رد فعلها من جهة ثانية.

وحسب مصادر في الائتلاف، فإن أنقرة شددت على أنها لا يمكن أن تتخلى عن "أصدقائها السوريين" وستدافع عن حقوقهم وتطلعاتهم في مفاوضاتها مع الطرف الآخر، وأن المطلوب من المعارضة السورية الصبر والثقة بالجانب التركي.

المصادر أكدت أن هذه التطمينات لم تمنع القلق والانقسام داخل الائتلاف، الذي عجز مع ذلك عن إصدار أي موقف رسمي رغم اجتماع الهيئة السياسية الخميس، حيث تقررإبقاء الهيئة في حالة اجتماع بانتظار اللقاء مع الخارجية التركية التي اقترحت موعداً مبدئياً له الاثنين، من دون تثبيته بشكل رسمي.

لكن ورغم ذلك، فقد تجنب الائتلاف أو أي من مكوناته إصدار موقف رسمي أو رد فعل، باستثناء تغريدة على "تويتر" قال فيها إن "مظاهرات حاشدة تعم المدن المحررة، تؤكد على ثوابت الثورة السورية بإسقاط النظام والانتقال السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي" الأمر الذي زاد من حدة الاحتقان الشعبي ضد المؤسسة، والذي كان واضحاً خلال التظاهرات التي عمت مدن الشمال الخاضع لسيطرة المعارضة رفضاً للمشروع التركي-الروسي الداعي للمصالحة بين المعارضة والنظام، حيث ندد الكثيرون من المشاركين بالموقف الضعيف للائتلاف، واتهموه بالتبعية الكاملة لتركيا على حساب المصلحة الوطنية.

بين نارين
مصادر "المدن" كشفت أن أعضاء ومكونات الائتلاف منقسمون الآن بين موقفين، جهة ترى أن التوجه التركي الجديد أصبح شديد الخطورة ولا يمكن مجاراته أكثر، بينما يرى آخرون أن القضية السورية يجب أن تخرج من هذا الاستعصاء وأن تعجل بالوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب بأي وسيلة، وبالتالي لا بد من المضي في هذا المسار من أجل تحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه من جانب المعارضة.

لكن كلا الفريقين كما تقول المصادر لا يجرؤ على التعبير عن مواقفه خشية ردود الفعل، حيث يتجنب الطرف المعارض للتوجهات التركية الإعلان عن ذلك بشكل رسمي كي لا يغضب الأتراك، بينما يدرك الطرف الآخر أن التصريح بموقفه سيضعه بمواجهة مباشرة مع الشارع السوري المعارض للمصالحة مع النظام، والذي أظهر موقفاً حاسماً في مظاهرات الجمعة.

ولذلك ربما لم يجد رئيس المكتب الإعلامي للائتلاف، والمتحدث باسم وفد المعارضة إلى مسار أستانا أيمن العاسمي، سوى "حمل العصا من المنتصف" بالتأكيد أن "حالة الاستعصاء" ليست من مصلحة قوى المعارضة والثورة، وأن هذا التحرك التركي "يشكل ضغطاً على النظام وداعميه، ويضعه أمام استحقاقات يجب عليه تقديمها".

وقال في سلسلة تغريدات له مساء الجمعة: "نحن في المعارضة نمثل حقيقة موقف شعبنا وموقف أبناء ثورتنا في مطالبتهم بنيل حقوقهم وحريتهم كاملة والتي حرمنا منها طيلة العقود السابقة"، معتبراً أن تركيا تسعى للحل "بما يتوافق مع رؤية المعارضة السورية، باعتبار تركيا ضامنة لها".

"الاستعصاء أفضل من الاستسلام" هكذا كان أبرز التعليقات على تغريدة العاسمي، بينما رأى الكثيرون أن الطريقة التي تعامل بها الائتلاف مع التطور الأخير والذي يعتبر من أخطر الانعطافات التي شهدتها القضية السورية، يمثل تأكيداً جديداً على أحقية المطالبة بتجاوز هذه المؤسسة التي بات الكثيرون يطلقون عليها اسم "منصة اسطنبول" ويرفضون أن تكون ممثلة لقوى الثورة والمعارضة بوضعها الحالي.

وتعليقاً على ذلك، يرى القيادي في تحالف "الحراك الثوري" رضوان الأطرش أن "الائتلاف كعادته وحيال كل حدث مفصلي يخص الثورة السورية آخر من يتكلم، بينما يفترض أن يكون أول المصرحين طالما أنه الممثل السياسي للثورة".

وعن موقفه من الدعوة لانتاج بديل عن الائتلاف وما إذا كان ذلك ممكناً، يقول الأطرش في تصريح ل"المدن": ما شاهدناه من مظاهرات شعبية وقراءة بيان سوري وطني موحد في سبع نقاط في الشمال، يثبت أن هذا الحراك قادر على تنظيم وهيكلة نفسه، ويستطيع فرز قيادته بعد أن وصل إلى قناعة مطلقة بعبثية الأجسام التي تدعي تمثيل السوريين، وهذه هي الخطوة التي يجب أن تعمل عليها قوى الثورة الشعبية والمجتمعية والنقابات المهنية، والفرصة اليوم باتت متاحة أكثر من أي وقت مضى.

التطورات الأخيرة التي شهدها الملف السوري في ما يتعلق بلقاء موسكو الثلاثي وطريقة تعامل مؤسسة الائتلاف معه، دفعت وبقوة الكثير من المطالبين بإعادة هيكلته بشكل جذري أو إنتاج بديل عنه لإعلاء صوتهم أكثر، معتبرين أن الصمت الذي مارسه حيال هذه التطورات يعتبر إقراراً رسمياً بالعجز والاستسلام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها