الثلاثاء 2022/09/27

آخر تحديث: 18:29 (بيروت)

سوريا:تسرّب موظفي القطاع العام..يضع النظام في أزمة

الثلاثاء 2022/09/27
سوريا:تسرّب موظفي القطاع العام..يضع النظام في أزمة
increase حجم الخط decrease
يواجه النظام السوري أزمةً جديدةً تتمثّل بتفشّي حالة الاستقالات الجماعية للموظفين الحكوميين، ما يهدّد القطاع العام برمته بالتفكك والانهيار.

وبينما لم تحُل إجراءات النظام الأخيرة التي تخص الرواتب والمنح دون استمرار طلبات الاستقالة من معظم المحافظات السورية، يلمّح خبراء إلى أن عدم جدية الحلول المقدمة حكومياً يدلّ على وجود خطّة ممنهجة تمهّد لخصخصة القطاع العام.

ويلاحظ كرم شعار مدير البرنامج السوري في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية كثافة التوجه مؤخراً نحو الاستقالات في القطاع العام وتزايده المستمر وذلك ب"دفع وتحفيز من سهولة التنقل بين القطاعين العام والخاص. إضافةً إلى أن حزمة المنافع المقدّمة من العمل ضمن القطاع العام أقل من حزمة المنافع المقدمة من العمل في القطاع الخاص".

ويضيف شعار ل"المدن"، أن السياق العام لسوق العمل في سوريا يسير في اتجاه ندرة فرص العمل بسبب تدهور الوضع الاقتصادي لكن لا يزال هناك بعض الفرص المتاحة ضمن القطاع الخاص والتي يسهل العثور عليها.

إجراءات غير كافية
وفي خطوة لتحفيز الموظفين لحثّهم على متابعة العمل الوظيفي، أصدر رئيس النظام السوري نهاية آب/أغسطس مرسوماً يقضي بصرف منحة مالية لمرة واحدة، وبمبلغ مقطوع قدره 100 ألف ليرة سورية للعاملين والمتقاعدين في الدولة.

وقالت صفحة "رئاسة الجمهورية" على "فيسبوك"، إن "المنحة تشمل كل العاملين داخل أراضي الجمهورية العربية السورية (المدنيين والعسكريين) في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة".

وبالموازاة، عمّم النظام على جميع وزاراته دراسة طلبات الاستقالة بشكل جدي، وعدم منحها لمن يريد دون وجود أسباب صحية أو إدارية ترتبط بالموظف، واشترط حصوله على موافقة أمنية، بحسب موقع تلفزيون سوريا نقلاً عن مصادر محلية.

ويعزو الباحث الاقتصادي يونس الكريم في حديث ل"المدن"، تزايد طلبات الاستقالة إلى عدم تناسب كتلة الرواتب مع التضخم الاقتصادي بحيث لا تغطي حتى كلفة النقل، ما يجعل الموظف يعمل بشكل شبه مجاني. ومن جانب آخر يساهم تهالك أجهزة الدولة وفسادها بما يخص عمليات الترقية الوظيفية والتطوير في تحفيز قسم كبير من الموظفين على ترك العمل الحكومي، حيث تمنح الحوافز والترقيات لموظفين محسوبين على شخصيات فاسدة في الدولة.  

ويرى الكريم أن "الفساد وإجبار الموظفين الآخرين على السكوت والمشاركة في عمليات الابتزاز وتلقي الرشاوى دون أن يحصلوا على أي امتيازات شبيهة بتلك التي تمنح للموظفين المحسوبين على أمراء الحرب يهدّد الكيان العام للمؤسسات الحكومية".

ويشير إلى أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها النظام للحدّ من الاستقالات الجماعية تعكس "رغبة النظام في المحافظة على المؤسسات الحكومية بالحدّ الأدنى، لذلك فهي غير كافية بالنسبة للموظفين الذين يمتلكون خبرات جيدة، ما يجعل توظيف موظفين غير كفؤين البديل المتاح بغض النظر عن جودة الخدمة، إضافة لمنح رواتب ومكافآت للإدارات العليا لحثها على تنظيم الفوضى التي يعاني منها القطاع العام".

تفكك القطاع الصناعي
ومن جانبه، يلاحظ كرم شعار أن معظم الاستقالات التي حدثت مؤخراً تطاول المؤسسات الصناعية العامة حصراً، بينما لا تشهد المؤسسات الخدمية هذا الحجم من هجر الموظفين للعمل الحكومي. موضحاً أن "لهذا الأمر دلالات مهمة". فعلى سبيل المثال "تتضمن حزمة المنافع في المؤسسات الخدمية العامة الراتب الأساسي يضاف إليه الرشاوى، بينما لا يمكن للعامل في المؤسسات الصناعية تقاضي مثل هذا النوع من الدخل غير المشروع لعدم احتكاكه بالمواطنين".

ويعتبر شعار أن نقطة المنافع الجانبية ومنها الرشاوى ذات أهمية كبيرة بالنسبة لقسم من موظفي المؤسسات الخدمية وهي مبالغ قد تتجاوز في بعض الحالات عشرات أضعاف الراتب الأساسي.

وحول مآلات الاستقالة التي يلجأ إليها العاملون في المؤسسات الصناعية، يوضح شعار أنها تتمثل في خيارين: الالتحاق بالقطاع الخاص، أو الهجرة خارج البلاد.

جنوح نحو الخصخصة
ومن جانب آخر، هناك انعكاسات سلبية عديدة ستنجم عن تفاقم الاستقالات تشمل تفكك مؤسسات الدولة و"بالتالي، لم يعد النظام يملك مأسسة حقيقية وهذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى تغيير النظام الاقتصادي والاجتماعي باتجاه الخصخصة، وهو سيؤثر فعلاً على معيشة المواطن وسيرفع أكلاف الخدمات التي كانت تؤمنها الدولة". وفقاً ليونس الكريم.

ويربط الكريم بين الاستقالات وجنوح النظام نحو خصخصة القطاع العام، معتبراً أن ما يحدث "خطة ممنهجة غير رسمية تهدف لإفراغ القطاع العام من الخبرات البشرية ثم بيع المؤسسات الحكومية للقطاع الخاص وفق قانون التشاركية، وذلك بالتوازي مع إيقاف رفد المؤسسات الحكومية بالكوادر البشرية على الرغم من النقص الحاد".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها