الأحد 2022/09/25

آخر تحديث: 17:35 (بيروت)

النظام يلاحق النازحين العائدين إلى مناطقهم في حلب وإدلب

الأحد 2022/09/25
النظام يلاحق النازحين العائدين إلى مناطقهم في حلب وإدلب
increase حجم الخط decrease

شهدت مناطق سيطرة الفصائل المعارضة شمال غربي سوريا خلال الأيام القليلة الماضية انخفاضاَ ملحوظاً في وتيرة تدفق النازحين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، بعدما اعتقلت قوات النظام وفروعه الأمنية عدداً من العائلات العائدة.

ومنعت قوات النظام عائلات أخرى من الوصول إلى منازلها وأراضيها التي تمت مصادرتها أو تلك التي يتم استثمارها لآجال طويلة نسبياً بموجب مزادات علنية وأخرى غير معلنة من قبل أمراء الحرب والمقربين من حزب "البعث" والمليشيات العشائرية، بالإضافة إلى خطورة العبور من ممرات التهريب المنتشرة على خطوط التماس بين المعارضة والنظام في منطقة درع الفرات بريف حلب.

وكان لتصاعد حركة عبور النازحين من الجانبين، ذهاباً وإياباً، خلال النصف الأول من شهر أيلول/سبتمبر دور في زيادة أعداد المهربين الذين يفتقد قسم كبير منهم الدراية بخطوط التماس ومسارات طرق التهريب الوعرة، بالإضافة الى جهل غالبيتهم بخرائط توزع حقول الألغام التي قتلت بعضها في 23 أيلول/سبتمبر امرأة وأصابت 7 أشخاص على الأقل أثناء محاولتهم دخول مناطق المعارضة قادمين من مناطق النظام في مدينة حلب عبر طريق مخصص لتهريب البشر يقع في ريف منطقة الباب شمال شرق المدينة.

وقال النازح علاء الدين الأحمد لـ"المدن" إن "ما بات يُعرف بسوق تهريب النازحين في ريف حلب شهد تنافساً كبيراً بين جماعات المهربين الذين قدم بعضهم عروضاَ مغرية لعدد من العائلات الراغبة بالعودة إلى منازلها الواقعة في مناطق سيطرة النظام، وذلك من ناحية خفض أجور التهريب، وتقديم المزيد من ضمانات الحماية للعائلات ومنع اعتقال أبنائها، فبعض المهربين زعم أن لديه تنسيقاً عالياً مع ضباط في الفرقة الرابعة وأجهزة النظام الأمنية".

الأحمد، نزح مع عائلته في مخيمات شمالي إدلب، وكان يبحث عن مهرب "مضمون" لتسهيل عودة عائلته إلى قريتهم في ريف منطقة تل الضمان جنوبي حلب، وقال: "القسم الأكبر من جماعات التهريب مخادعون، وكل التسهيلات التي يتحدثون عنها حول ضمانات الحماية من الاعتقال وسلوك ممرات تهريب آمنة مزاعم كاذبة".

وأضاف الأحمد: "عدلتُ عن فكرة العودة إلى الديار بعدما تواصلت مع عدد من النازحين العائدين في منطقتنا، عرفت بأنهم تركوا وحدهم ليعبروا ممرات خطرة تكثر فيها الألغام، وتم استقبالهم من قبل مجموعات تتبع للفرقة الرابعة في قوات النظام بشكل قاسٍ ومهين، والتي اعتقلت أيضاَ عدداً من الشبان المرافقين لعائلاتهم من دون تقديم أي مبررات".

ويمكن القول إن ممرات التهريب في ريف حلب ليست جميعها خطرة، فالمهربون قليلو الخبرة بخطوط التماس وتوزع الممرات الأمنية، وليس لديهم تنسيق أمني وعسكري مع النظام، وغالباً ما يكون تنسيقهم مع مجموعات صغيرة في الفصائل المعارضة التي ليس في إمكانها السماح لهم باستخدام الممرات الأمنة والمعروفة، وعادة ما يطلب هؤلاء المهربون أجوراً أقل مقارنة بالمهربين الكبار المرتبطين مباشرة بقادة الفصائل من الصفين الأول والثاني. فالنوع الأول من المهربين أسعارهم مناسبة للكثير من العائلات النازحة التي تنوي العودة وليس لديها القدرة المالية على دفع أجور قد تصل إلى 5 آلاف دولار.

وليست الممرات الخطرة والأجور المرتفعة وحدها ما يؤثر على حركة عودة النازحين إلى ديارهم، وقد تحل هذه المشكلة في حال افتتحت الفصائل معبر أبو الزندين مع النظام قرب مدينة الباب، ومعبر سرمين-سراقب شرق إدلب الذي تسيطر عليه "هيئة تحرير الشام"، فالهيئة والفصائل قد جهزت بالفعل لمثل هذا الاجراء المتوقع وأزالت الكتل والسواتر الترابية.

ويبدو أن ما يثير مخاوف النازحين الراغبين بالعودة إلى قراهم في مناطق النظام في حلب وإدلب وحماة وباقي المحافظات بشكل أقل، هو عمليات الاعتقال التي جرت بحق الكثيرين من أفراد العائلات التي عادت خلال الأسابيع الماضية، ما منعهم من استعادة أملاكهم (منازل ومحاول تجارية وأراضي زراعية) وعيش بعضهم بشكل يشبه الإقامة الجبرية وسط قلق متواصل من احتمالات اعتقال أبنائهم في أي لحظة، أو تعرضهم لعمليات انتقامية على يد مجموعات وأفراد من المليشيات العشائرية التي تنتشر بكثرة، وهي صاحبة النفوذ في المناطق الهامشية (أبو دالي وحوا وسنجار والتمانعة وخان شيخون وأبو الظهور وتل الضمان والعيس والحاضر وخناصر) في أرياف إدلب وحماة وحلب.

ويضاف إلى مخاوف النازحين الراغبين بالعودة، عدم ثقتهم في الوجهاء وشيوخ العشائر والشخصيات النافذة في "حزب البعث" وقوات النظام وأجهزته الأمنية، فالأمثلة كثيرة التي يتداولها النازحون عن أقارب لهم عادوا خلال الفترة القريبة الماضية إلى قراهم بضمانات شخصيات عشائرية وأمنية معروفة في مناطقهم، ولكن تم اعتقالهم، ولم يتم الوفاء بالوعود والضمانات التي قدمت لهم، ولم تُعد لهم ممتلكاتهم ولا منازلهم التي تقيم في معظمها عائلات عناصر قوات النظام والمليشيات العشائرية.

وقالت مصادر محلية ريف منطقة سنجار شرق إدلب لـ"المدن" إن "قوات النمر التابعة للعميد سهيل الحسن اعتقلت أكثر من 20 شخصاً من النازحين العائدين إلى مناطق إدلب التي يسيطر عليها النظام، وصادرت مجموعات النمر معظم سيارات ومركبات النازحين بحجة أنها تفتقد للوحات المرور، أو أنها مستوردة عبر معبر باب الهوى وغير مسجلة لدى النظام، ويجب أن يسوى وضعها".

وأضافت المصادر أن "الاعتقالات جرت بشكل عشوائي، بعضها جرى على حواجز مجموعات قوات النمر المنتشرة على الطرق الرئيسية، وعمليات أخرى جرت بعد وصول العائلات النازحة إلى قراها بأيام، وهناك شبانٌ اعتقلوا بعد أسبوع من عودتهم إلى قرى وبلدات ريف سنجار". وقالت إن "التهم متنوعة، أهمها دعم الفصائل المعارضة والقتال في صفوفها ضد قوات النظام، واتهامات أخرى تتعلق بالسفر إلى تركيا، أو العمل في مؤسسات المعارضة المتنوعة، خدمية وإنسانية، في ريف حلب وإدلب".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها