الإثنين 2022/08/08

آخر تحديث: 14:39 (بيروت)

مرتزقة سوريون للقتال باليمن..خداع المقاتلين لسرقة بياناتهم

الإثنين 2022/08/08
مرتزقة سوريون للقتال باليمن..خداع المقاتلين لسرقة بياناتهم
increase حجم الخط decrease
فوجئ عباس، وهو مقاتل سابق في أحد فصائل المعارضة التي كانت عاملة في مدينة حلب، بتلقيه عرضاً للقتال إلى جانب قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ضد الحوثيين في اليمن، مقابل مبلغ 3000 دولار أميركي.
حدث ذلك قبل أسبوع، أثناء تواجده في أحد المسابح في ريف حلب الشمالي، حيث قام أحد الأشخاص المعروفين في المنطقة بإبلاغ عباس بالعرض الذي تضمن إلحاقه بدورة تدريبية داخل الأراضي التركية وحصوله على مرتب ثلاثة أشهر مقدماً فور اختياره.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن جهات تركية طلبت من بعض فصائل الجيش الوطني استقطاب متطوعين من خارج ملاك الفصائل التي يتكون منها "الجيش الوطني" ممن لديهم خبرة قتالية، بغرض تجنيدهم للعمل إلى جانب القوات السعودية في اليمن.

نزعة عقائدية
وعلى خلاف عمليات تجنيد المقاتلين السوريين في ليبيا وأذربيجان، فإن إقناع متطوعين للقتال إلى جانب قوات التحالف العربي باليمن لن تواجه صعوبات كبيرة، حسب التقديرات، بالنظر إلى رمزية المواجهة هناك، إذ لدى الكثيرين من المعارضين السوريين الاستعداد للقتال ضد إيران في أي مكان، خاصة وأنها هي الداعم الرئيسي للحوثيين في اليمن، فضلاً عن الرواتب الكبيرة التي يروج لها، وهي أسباب كفيلة باستقطاب كثيرين من المقاتلين المعارضين لنظام الأسد.
عباس أكد أنه وافق على العرض من دون تردد، رغم رفضه القتال سابقاً في ليبيا وأذربيجان، بالنظر إلى طبيعة الجيش الذي سيكون إلى جانبه "متمثلاً بالسعودية الدولة، العربية والمسلمة والتي يرى أنها داعمة للثورة السورية، وبالمقابل فإن العدو الذي سيقاتله هو المليشيات الإيرانية"، وبالتالي "فإن الحرب في اليمن لن تكون مختلفة عن الحرب السورية" كما يقول.
وعن المعلومات والوثائق المطلوبة، قال: "طلب مني ثلاث صور شخصية وصورة عن هوية تثبت أني مقاتل سابق، أو بطاقة شخصية صادرة عن المجلس المحلي، ومعلومات عن الفصيل الذي كنت تابعاً له ومتى اعتزلت القتال، وحالتي الاجتماعية. وإن كان أفراد أسرتي مقيمين في سوريا أو خارجها".
وبحسب العروض المتداولة، فإن التسجيل سيكون بغرض الرباط على جبهات القتال التي كان يشغلها عناصر من مليشيا "الجنجويد" السودانية، بعقود تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة، وبراتب شهري يبلغ 3000 دولار أميركي، على أن يلتحق من يتم اختيارهم بدورات تدريبية داخل الأراضي التركية قبل نقلهم إلى اليمن.
كما أشارت معلومات حصلت عليها "المدن"، إلى موافقة المتطوع على ضمّه تحت قيادة تشكيلات محددة ضمن صفوف الجيش الوطني "معروفة بولائها لتركيا" والتشديد على ضرورة التحاق المقاتل بفصيله الجديد فور التواصل معه مستقبلاً.

شائعات مجهولة المصدر
لكن قيادة الجيش الوطني، نفت الشائعات المتداولة حول تلقيها طلباً تركياً لتجنيد مقاتلين محليين أو وجود حتى بوادر لهذه الخطوة، مطالبةً الشباب بالتواصل مع المكاتب التابعة لها وتقديم معلومات عن الجهات التي تقوم بالترويج لهذه الشائعات.
وأكد عضو مكتب العلاقات العامة للفيلق الثالث في الجيش الوطني هشام سكيف ل"المدن"، أنه "لا يوجد أي كلام أو طلب تركي لتجهيز مقاتلين سوريين من أجل القتال في اليمن"، معتبراً أن هذه الشائعات باتت اعتيادية في الشمال السوري.
ويعتبر سكيف أن "الجيش الوطني يتعرض إلى حملة تشويه متعمدة من خلال إشاعة الأكاذيب التي تهدف إلى زعزعة ثقة السوريين بالفصائل العسكرية"، مشيراً إلى وجود قوانين تشرع للجيش عملية ملاحقة مروجي الإشاعات التي تسيء إلى الثورة السورية بشكل عام.
السعودية بغنى عن المقاتلين السوريين
مصادر سورية معارضة، ومقربة من السعودية، أكدت من جهتها أن "الحديث عن تجنيد المملكة مرتزقة سوريين ليس بالجديد، فقد بدأ الترويج له من قبل إيران مع إطلاق التحالف العربي عملياته العسكرية لدعم الحكومة الشرعية في اليمن"، وهو ما نفته الرياض سابقاً، مشددة على أن "الرياض بغنى عن هذه الخطوة، في ظل هدوء جبهات القتال في اليمن وتوجه أطراف النزاع لحل سياسي".
وأضافت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها في تصريحات ل"المدن"، أن "المملكة لم تعد مهتمة بالشأن العسكري وبات دعمها للثورة السورية مقتصراً على الشقين الإنساني والسياسي فقط، فضلاً عن مخاوفها المحقة من تجنيد مقاتلين سوريين في حربها، بالنظر إلى تغلغل جماعة الإخوان المسلمين ضمن التشكيلات العسكرية التي تتحكم بها تركيا فعلاً، وهو ما يجعل من الحديث عن طلب السعودية تجنيد مقاتلين سوريين أمراً مستبعداً".

تسهيلات تحرير الشام
لكن ورغم نفي هذه الشائعات، إلا أن عمليات التسجيل واستقبال الطلبات آخذة بالانتشار وعلى نطاق واسع في مناطق شمال غرب سوريا، كما بدا لافتاً نشاط عمل السماسرة والمراكز المتنقلة في منطقة إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام.
وأكد ناشطون ممن تواصلت معهم "المدن" في إدلب، إقبال المئات من المقاتلين السابقين في صفوف الجيش الحر التي كانت نشطة في المنطقة على تسجيل أسمائهم، نتيجة الفقر والظروف المعيشية القاسية التي يواجهونها.
لكن قيادياً في الجيش الوطني أوضح ل"المدن"، أن ما يجري في الواقع هو خداع للشباب بوعدهم برواتب ضخمة وبالسفر إلى اليمن من أجل الحصول على بياناتهم لصالح فصائل من الجيش الوطني مرتبطة ب"تحرير الشام".
وأضاف أنه "وبعد الانشقاقات التي شهدتها بعض التشكيلات العسكرية الموالية لتركيا في الجيش الوطني خلال الأيام الأخيرة الماضية، لجأت هذه الفصائل إلى السماسرة لاستقطاب عناصر وهميين لتتم إضافة أسمائهم على الورق فقط، من أجل الحفاظ على أحقيتهم بالاستقلالية وعلى كتلة الدعم المالي الذي تحصل عليه، حيث تضم إدلب خزاناً من مقاتلي الجيش الحر ممن تخلوا عن السلاح خشية تعرضهم للملاحقات الأمنية من قبل الهيئة".
يبدو أن استغلال أوضاع الشباب في الشمال السوري لم يعد مقتصراً على الدول التي تحاول الاستفادة من خبراتهم في القتال، فقد بات هدفاً لبعض الفصائل المحلية التي تحاول الحفاظ على دعمها العسكري من خلال استغلال بياناتهم وذاتياتهم أيضاً، من خلال سماسرة وجدوا في مداعبة أحلام هؤلاء الشباب باب رزق لهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها