الجمعة 2022/08/05

آخر تحديث: 14:55 (بيروت)

النظام يضخم عدد السوريين..حسابات سياسية واقتصادية وانتخابية

الجمعة 2022/08/05
النظام يضخم عدد السوريين..حسابات سياسية واقتصادية وانتخابية
increase حجم الخط decrease
شكّكت مصادر سورية في مصداقية الأرقام المعلنة من جانب النظام عن عدد سكان سوريا، وتحدثت ل"المدن"، عن جملة أهداف يسعى الأسد إلى تحقيقها من خلال "تضخيم" عدد السكان.
وكانت وزارة الإدارة المحلية والبيئة التابعة للنظام قد نشرت أرقاماً تُحدد عدد السوريين بنحو 30 مليون نسمة، وذلك في شرحها لعدد أعضاء المجالس المحلية في المحافظات، في إطار التحضير لإجراء انتخاب أعضاء المجالس المحلية في سوريا في 18 أيلول/سبتمبر.
وحسب الأرقام التي كشفت عنها الوزارة، يصل التعداد السكاني داخل البلاد إلى 29 مليوناً و269 ألفاً و275 سورياً، من دون أن تحدد الوزارة ما إن كانت الإحصائية تشمل المقيمين خارج مناطق سيطرة النظام، واللاجئين خارج البلاد، في الوقت الذي تقدر فيه الأمم المتحدة عدد سكان سوريا بما لا يتجاوز 23 مليون نسمة.
وفي تقديرات أخرى، لا يتجاوز عدد سكان سوريا 26 مليون نسمة، نحو 7 ملايين منهم خارج البلاد. ويعود هذا التفاوت في الأرقام إلى الحرب التي تعيشها البلاد منذ العام 2011، وخروج محافظات عن سيطرة النظام، وإغلاق السجلات المدنية فيها، وعدم تسجيل واقعات الأحوال المدنية (ولادات، وفيات، زواج) التي تعد الركيزة في عملية الإحصاء.

زيادة المساعدات
تضخيم الأرقام من جانب النظام ليس بالطبع مسألة عابرة، كما يؤكد الباحث في مركز "الحوار السوري" الدكتور أحمد القربي ل"المدن"، مشيراً إلى بعدين سياسي واقتصادي، للعملية.
سياسياً، يريد النظام أن يؤكد على شرعيته، وخاصة بمواجهة تركيا التي صرّح أكثر من مسؤول فيها على حقها في التدخل بمستقبل سوريا، نظراً لأنها ترعى شؤون أكثر من 4 ملايين سوري في الشمال، وتستضيف أقل منهم بقليل على أراضيها.
وبذلك، تأتي الأرقام "المبالغ فيها" من جانب النظام للرد على مثل هذا التصريحات، كما يقول القربي، مضيفاً "يدعي النظام أن النسبة الأكبر من السوريين تعيش بمناطق سيطرته، لحسابات متعلقة بالشرعية".
وفي ما يخص البعد الاقتصادي، يشير الباحث إلى حسابات متعلقة بالمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الأممية للشعب السوري، ويقول: "تعتمد الأمم المتحدة في موضوع المساعدات على الإحصائيات الحكومية، وزيادة عدد السكان تعني زيادة  كمية المساعدات، لتوظيفها واستغلالها ونهبها".
ويؤيد ذلك الباحث في الشأن الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي، ويقول ل"المدن" إن النظام يعتاش على المساعدات الأممية والحوالات المالية من المغتربين واللاجئين والرسوم على الوثائق الشخصية.
ويلفت قضيماتي إلى زيادة الانفتاح الأممي على النظام السوري في ملف المساعدات، ما يعني أن النظام يخطط لاستجرار المزيد من المساعدات الأممية، رغم أن التقديرات تذهب إلى أن عدد السوريين بمناطق سيطرة النظام يبلغ نحو 8 ملايين نسمة، والبقية يتوزعون بين الشمال الخاضع لسيطرة المعارضة، والشرق الذي تسيطر على غالبيته قسد، ودول اللجوء.

لازمة "انتخابية"
وعند كل "انتخابات" يجريها النظام في مناطق سيطرته، يتقصد تضخيم عدد السوريين، حتى بات الأمر يبدو وكأنه "لازمة انتخابية"، وهو ما ظهر واضحاً في منتصف العام 2021، عندما فاز بشار الأسد ب"الانتخابات الرئاسية"، مدعياً في حينه أن أكثر من 14 مليون ناخب صوتوا في العملية، وأنه حصل على 13 مليوناً و540 ألفاً و860 صوتاً من عدد الأصوات الصحيحة.
ويقول عضو "هيئة القانونيين السوريين" المحامي عبد الناصر حوشان إن تضخيم عدد السوريين يأتي في سياق إعداد الأرضية القانونية للتغطيّة على عمليات تزوير الانتخابات "الرئاسية والتشريعية والإدارة المحلية".
ويضيف أن النظام يحاول أن يصدّر رسائل إلى المجتمع الدولي مفادها أنه ما زال يتحكم بمؤسسات الدولة، ويقدم كل الخدمات لكل المواطنين، معتقداً أن ذلك يساهم في تحسين صورته ونقله من سلم الدول الفاشلة إلى مرتبة الدول المتعافية.
وحسب حوشان، يجب العودة الى ثلاثة سجلات تعد الركائز الاساسية في أي دولة "السجل المدني العام، والسجل الانتخابي العام، و قاعدة بيانات مكتب الاحصاء المركزي"، لفهم عملية التزوير في كل "انتخابات" التي يجريها النظام، وكشف حقيقة تلك المسرحيات.
بدوره، أشار فريق "منسقو استجابة سوريا" إلى فوارق "كبيرة" بالأرقام الصادرة عن النظام السوري مقارنة بالأرقام الأممية، موضحاً في بيان أن "الأرقام الصادرة عن الجهات الدولية ومنذ عام 2011، تبين وجود أكثر من 6.6 مليون لاجئ خارج سوريا، عدا عن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في مختلف المناطق الشمالية والشرقية، وبالتالي فإن الأرقام الصادرة عن النظام السوري هي باطلة ولا تستند على أي مستند قانوني أو تعداد حقيقي للسكان".
وأكد الفريق أن الأرقام تأتي في خدمة العديد من القضايا أبرزها الترويج لعودة الاستقرار إلى سوريا والاستفادة من المساعدات الإنسانية والدولية، وجذب العديد من المشاريع الإنمائية لتلك المناطق.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها