الخميس 2022/08/25

آخر تحديث: 11:58 (بيروت)

السوريون يخففون أزمة الدواء..بالتبرعات ومجموعات "فايسبوك"

الخميس 2022/08/25
السوريون يخففون أزمة الدواء..بالتبرعات ومجموعات "فايسبوك"
أزمة أدوية في سوريا بعد ارتفاع أسعارها (غيتي)
increase حجم الخط decrease
باتت صناديق التبرعات الدوائية وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بتأمين الأدوية والأجهزة الطبية، ملاذ الفقراء الوحيد للحصول على الدواء والعلاج في مناطق سيطرة النظام، جراء الارتفاع الفاحش والمستمر في أسعار الأدوية وفقدان كثير منها من رفوف الصيدليات. 

وارتفعت أسعار الدواء في سوريا والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام تحديداً، منذ مطلع العام الجاري، بنسب كبيرة تتراوح بين 50 و100 في المئة للعديد من الأصناف المصنعة محلياً، مع ارتفاع أسعار الأصناف المستوردة بنسب كبيرة في حال توفرها، ما جعل الحصول على علاج، عبئاً يرهق كاهل السكان.

وفي شباط/فبراير الماضي، رفعت وزارة الصحة في حكومة دمشق التسعيرة المعتمدة لأكثر من 12 ألف صنف دوائيّ "لتوفير الأدوية الضرورية في السوق المحلية"، حسب ما أعلنت مديرية الشؤون الصيدلانية في الوزارة. إلا أن نتائج تلك الإجراءات بدت عكسية مع استمرار شح الأدوية في الصيدليات وتضخم أسعارها، ما دفع بالسوريين للبحث عن بدائل لتوفير ما يحتاجون.

مشاق الوصول إلى الأدوية
يواجه حسين صعوبة في تأمين وصفة والدته الطبية التي تعاني من أمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري المزمنة، وأيضاً علاج تبعات السكتة الدماغية التي تعرضت لها مطلع العام الجاري، الأمر الذي يجعل خياراته محصورة بالعلاجات التي وصفها الطبيب والتي تتناسب مع عمرها وطبيعة أمراضها.

ويؤكد حسين، وهو من سكان دمشق، على أنه ظل ولأكثر من عشرة أيام يبحث عن نوعين من الأدوية، وهي "فالسارتان 160" (Valsartan) و"بيزوبرولول" من دون أن يجدها في صيدليات المدينة، قبل أن يتمكن من تحصيلها عن طريق فايسبوك.

ويقول: "بعد فقدان أمل الحصول على هذه الأدوية من الصيدليات، بدأت بنشر أسمائها في مجموعات فايسبوك المختصة بتأمين الأدوية، ليتواصل معي أحد الأشخاص من محافظة حلب قبل يومين ويخبرني بإمكانية الحصول على العلاج مقابل 30 ألف ليرة لعلبة الدواء الواحدة.

وأجبر حسين على شراء هذه الأدوية بأضعاف سعرها في الصيدليات والتي لا يجب أن تتجاوز السبعة آلاف ليرة، إلا أن تأمين الدواء لوالدته أمر لا بدّ منه. ويضيف حسين: "عندما يتعلق الأمر بأدوية القلب والضغط بشكل خاص فإن الحصول على الدواء هو كل ما يهم، بسبب فقدانها من الصيدليات". 

تكاتف اجتماعي
أمام هذا الواقع الصعب، لجأ السوريون إلى اعتماد نظام التكافل الاجتماعي لتسهيل عملية الوصول إلى الأدوية والأجهزة الطبية، من خلال عرضها للبيع بأسعار رمزية أو التبرع بفائض الأدوية لصناديق باتت توضع في الصيدليات، كما فعلت خديجة من سكان مدينة حلب.

تقول خديجة إنها قامت بالتبرع بصيدلية والدها المنزلية بعد أسابيع من وفاته، وتضم أصنافاً من أدوية الضغط والقلب والسكري والمسكنات والمتمّمات الغذائية، إضافة إلى جهاز لقياس الضغط وآخر لقياس نسبة السكري في الدم.

أما عبد الرحمن، فقد قام بوضع جهاز التبخير وما تبقى من أدوية الربو وملحقاتها لدى صيدلية حيه لتقديم جلسات مجانية للمحتاجين، بعد أن تماثلت ابنته وهي بعمر التسع سنوات للشفاء. ويوضح عبد الرحمن، أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الناس وصعوبة الحصول على الأجهزة الطبية نتيجة غلاء ثمنها، دفعته للتبرع بالجهاز.

ويضيف: "لم يعد أمامنا سوى التكاتف لتأمين العلاج لأطفالنا وشيوخنا، فالعام الماضي كنت أبحث لأيام عن علاج (الفينتولين) لابنتي، لذا فأنا أعلم جيداً ما يعيشه الأهل قبل الحصول على جرعة من الدواء أو فرصة تقديم جلسة لطفلهم المريض".

ويرى الصيدلي عمر من مدينة حلب، أن عملية التبرع بالأجهزة الطبية والأدوية للصيدليات من الظواهر الإيجابية التي أخذت بالنمو خلال العامين الماضيين، والتي تعبر عن وعي السكان وتقديرهم لقيمة وأهمية توفر المستلزمات الطبية. 

ويقول: "لم تكن ثقافة التبرع بالأدوية والأجهزة الطبية منتشرة في المجتمع السوري، بالنظر إلى توافر مختلف الأصناف وسهولة الحصول عليها، فضلاً عن النظرة الخاطئة لتعامل الصيادلة مع الأدوية المتبرع بها والاعتقاد بأنهم مجرد باحثين عن الربح فقط وسيرمون ما يتم التبرع به والتركيز على بيع الأدوات".

وأضاف: "الأمور تغيّرت بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، مع اشتداد أزمة الأدوية وارتفاع أسعارها، حيث توسع التفاعل من قبل المتبرعين ليشمل التبرع بأشرطة تحوي على ثلاث كبسولات أو اثنتين للأدوية الثمينة والنادرة، بعد أن كانت حالات التبرع تكون على شكل مظروف كامل على الأقل، وهذا دليل على وعي السكان بأهمية كل جرعة دواء".

فايسبوك سهّل الوصول للدواء
إضافة إلى ظاهرة التبرع، نشطت الصفحات والمجموعات المختصة بتأمين الأدوية على موقع "فايسبوك" بأسعار مقبولة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، مثل مجموعات وصفحات تحمل اسم "حبة دواء" و "دواك عندي" وغيرها.

وبدا لافتاً النجاح الذي حققته تلك الصفحات على مستوى تأمين الأدوية المفقودة منها على وجه الخصوص، ويظهر ذلك من خلال التفاعل مع المنشورات وعرض الأدوية ونشر أسماء الصيدليات التي تتوافر فيها كل حسب مدينته، إضافة إلى عرض الكثيرين أدوية وعقاقير مجانية غير مستخدمة لأصحاب الحاجة.

وتمنح هذه المجموعات من خلال أعضائها الصيادلة والأطباء المشورة الطبية للمرضى بشكل مجاني، إضافة إلى تقديم الفاعلين فيها أسماء العقاقير الأجنبية البديلة عن المحلية المفقودة والصيدليات التي تبيعها مع ذكر أسعارها.

خلال السنوات الماضية، شهدت المناطق السورية عشرات الحملات لتأمين الأدوية المجانية من قبل منظمات إنسانية، وأخرى أطلقها أطباء وصيادلة محليون، إلا أن مساهمة تلك الحملات في تخفيف معاناة المرضى كانت تنتهي بانتهاء الحملة، بينما أثبتت الحلول الأهلية والتي تعتبر صفحات تأمين الأدوية في مواقع التواصل الاجتماعي أحدها، نجاحها الدائم واستمراريتها في تسهيل الوصول إلى الدواء مجاناً أو بأسعار مقبولة مقارنة بثمنها في السوق.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها