الأحد 2022/07/03

آخر تحديث: 15:48 (بيروت)

إيران:حوارات الدوحة لم تفشل..ولا المساومات الاميركية الايرانية

الأحد 2022/07/03
إيران:حوارات الدوحة لم تفشل..ولا المساومات الاميركية الايرانية
increase حجم الخط decrease
قد لا تكون الحوارات الثنائية غير المباشرة التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة يومي الثلاثاء والاربعاء الماضيين (28 و29 حزيران) بين الولايات المتحدة الاميركية والجمهورية الاسلامية الايرانية، مجرد حوارات او مفاوضات للتفاهم على النقاط العالقة التي تعيق اعادة احياء اتفاق فيينا النووية، وكيفية تجاوز معضلة الشروط والشروط المقابلة، التي يصفها كل طرف بانها من خارج ما سبق وتم الاتفاق عليه في فيينا عام 2015. 

والنتيجة غير الايجابية او المحبطة التي انتهت اليها الجولة الاولى من هذه الحوارات، كانت على العكس من كل المؤشرات الاميركية والايرانية وحتى الاوروبية، التي أوحت بامكانية التوقيع على تفاهمات سريعة، خصوصاً وان المباحثات التي أجراها جوزيب بوريل مفوض السياسة والامن في الاتحاد الاوروبي مع حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الايرانية وكبير المفاوضين علي باقري كني على مدى اربع ساعات، توجت بلقاء مع سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي علي شمخاني، تعتبر – هذه المباحثات - في العرف الدبلوماسي والتفاوضي، انها تمحورت حول النقاط الخلافية والاتفاق على موقف واضح لما ستخرج به هذه الحوارات، خصوصاً وان بوريل قبل زيارته لطهران، عقد عشاء عمل مع المفاوض الاميركي ومندوب البيت الابيض الخاص للازمة الايرانية روبرت مالي. 

وبعيدا عما يمكن تسميته بتفاهم غير معلن بين واشنطن وطهران حول الساحة العراقية وضرورة تحييدها عن الازمات الاقليمية وضبط الصراعات بين القوى الداخلية العراقية تحت سقف عدم الانجرار الى حرب داخلية، وهو تفاهم يعود الى اوائل مرحلة دخول الرئيس الاميركي جو بايدن الى البيت الابيض... الا ان الملفات الاقليمية الاخرى، بقيت في دائرة التجاذب، والحلول او التفاهمات المرتبطة بها رهناً بمدى التقدم على مسار الحوار الثنائي او مفاوضات اعادة احياء فيينا. 

واذا ما كانت غالبية الاوساط السياسية والمعنية بنتائج المفاوضات في الداخل الايراني، تحمل الجناح الذي يمثله "باقري كني" داخل التيار المحافظ، مسؤولية فشل حوارات الدوحة، انطلاقا من رؤية هذه الجماعة بان ايران "ليست مضطرة لتقديم اي تنازلات او عقد اي اتفاق طالما انها تستطيع الصمود وتجاوز آثار العقوبات، وامكانية ابتزاز الادارة الاميركية للحصول منها على تنازلات، في ظل الازمة الاقتصادية التي تسببت بها الحرب الروسية على اوكرانيا"، الا ان الحراك الدبلوماسي الايراني في الايام التي تلت انتهاء حوارات الدوحة، يوحي بوجود سباق بين طرفي الحوار لترتيب اوارقهما الاقليمية، قبل تفعيل امكانية العودة لاستئناف هذا الحوار الثنائي، الذي اعلنت كل من  طهران والاتحاد الاوروبي تمسكهما به والسعي لاستئنافه قريباً.

فالتغيير في الموقف التركي من طلب دولتي فنلندا والسويد الانضمام الى حلف الناتو، قد يكون بلا مقابل عملاني في ما يتعلق بمطلب التركي حول المعارضة الكردية، لكنه لن يكون بلا جوائز ترضية للرئيس التركي، خصوصاً وان التغيير في هذا الموقف قد يعكر العلاقة القائمة بينه وبين القيادة الروسية، وان الانعكاس الاول لها سيكون على الساحة السورية، خصوصاً ما يتعلق بمصير واهداف العملية العسكرية التي يخطط لها في شمال سوريا. 

من هنا يمكن فهم الزيارة غير المعلنة مسبقاً لكبير المفاوضيين الايرانيين باقري كني الى موسكو والمباحثات التي عقدها مع نظيره الروسي مساعد وزير الخارجية سيرغي ريابكوف والمندوب الدائم لروسيا في الامم المتحدة ميخايل اوليانوف، بهدف وضع الجانب الروسي في اجواء حوار الدوحة الثنائي. في حين وصل وزير الخارجية عبد اللهيان يوم السبت الثاني من تموز الى العاصمة السورية واجرى مباحثات مع الرئيس السوري بشار الاسد حول اخر تطورات المواقف المرتبطة بملفات الشرق الاوسط ، فضلا عن تفعيل جهود الوساطة التي تقوم بها طهران لترميم العلاقة بين دمشق وانقره، خصوصاً وان عبد اللهيان سبق ان قام بزيارة الى تركيا بالتزامن مع حوارات الدوحة. 

يُشار الى ان الزيارة جاءت بعد محاولتين سابقتين تم تأجيلهما من الجانب التركي، نتيجة تصاعد التوتر بين الطرفين، بحيث ان الصحافة الايرانية لم تتردد في وصف اردوغان بـ"الطاغية" بعد الدور "السلبي" الذي لعبه في ازمة القوقاز، وايضا على خلفية الموقف من العملية العسكرية التركية في سوريا، بالاضافة الى صراع الاجهزة الاستخباراتية بعد فضح مخططات ايرانية لاستهداف اسرائيليين على الاراضي التركية. 

بالتوازي مع جهود طهران على الخط السوري التركي، واعادة ترتيب اوراقها في المنطقة، ستسعى الادارة الايرانية لتفعيل الحوار الثنائي مع السعودية والانتقال به من المستوى الامني الى المستوى السياسي، وستعمل على تذليل العقبات المتبقية من اجل التوصل الى تفاهم مع الرياض، قبل قمة الامريكية المرتقبة في السعودية، او ان لا تكون متأثرة بنتائج هذه القمة. 

وعلى الرغم من تزامن زيارة عبد اللهيان الى دمشق مع اطلاق مسيّرات حزب الله الثلاثة باتجاه حقل كاريش والمناطق المتنازع عليها في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، فانه من المستبعد ان يكون هذا الاجراء  من قبل الحزب في سياق الضغوط الايرانية على المعنيين بازمة التفاوض النووي والحوار الثنائي في الدوحة. وقد لا يخرج عن سياق اجراء داخلي لحزب الله لاعادة تثبيت المواقع التفاوضية وقواعد الاشتباك، ودفاعا عن خط 23 للترسيم الذي تبناه الجانب اللبناني والتزم به الحزب من موقعه الداعم لخيارات الدولة اللبنانية في ازمة الترسيم. 

استبعاد التصعيد المفتوح، مرده الى ان أياً من الاطراف المعنية لا تريد التفجير او الذهاب الى حرب مفتوحة، خصوصاً وان كل جهودها تصب في سياق تثبيت مواقعها قبل زيارة الرئيس الاميركي الى المنطقة وما ستخرج به من نتائج، من المفترض ان تضع المنطقة على سكة التسويات. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها