الثلاثاء 2022/07/19

آخر تحديث: 12:58 (بيروت)

هل اقتربت اللجنة الدستورية من نهاية مسارها؟

الثلاثاء 2022/07/19
هل اقتربت اللجنة الدستورية من نهاية مسارها؟
increase حجم الخط decrease
لم يكن مفاجئاً الإعلان عن تأجيل الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، في ظل تحولات الملف السوري، والإصرار الروسي على نقل مقر انعقاد جولاتها من جنيف إلى مكان آخر، ما دفع كثير من السوريين للحديث عن قرب نهاية هذا المسار.
وأعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، السبت، إبلاغ الأطراف المشاركة في مباحثات اللجنة الدستورية، بقرار تأجيل موعد الجولة التاسعة التي كانت مقررة بين 25 و29 تموز/يوليو "بعدما أصبح من غير الممكن إجراؤها".
ويأتي القرار بعد رفض وفد النظام السوري، المشاركة، تماشياً مع المطالب الروسية التي عبّر عنها مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف خلال الجولة 18 من مسار أستانة، بنقل مقر الاجتماعات من جنيف إلى مكان آخر، احتجاجاً على فرض سويسرا عقوبات اقتصادية ضد موسكو نتيجة حربها على أوكرانيا.

لا مفاوضات في جنيف
ورغم تأكيد وفد المعارضة تمسكه بمكان انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية في مقار الأمم المتحدة وتحت إشرافها، إلا أن ذلك لم يمنع من توجيه الاتهامات والتشكيك في مصداقية هذا الموقف، خصوصاً أن تصريحات مسؤولي الوفد لم تؤكد صراحة على رفض فكرة نقل المفاوضات من مدينة جنيف، إنما الاكتفاء بالإشارة إلى ضرورة وجودها تحت مظلة أممية.
لكن السياسي السوري، يحيى العريضي، لم يستبعد موافقة وفد المعارضة على مطالب موسكو بنقل مقر انعقاد المفاوضات مع النظام إلى مكان آخر، حتى وإن كان خارج مظلة الأمم المتحدة، "رغم المخاطر التي تحملها هذه الخطوة على القضية السورية عموماً".
ويقول: "هناك تقصد روسي بإزاحة المظلة الأممية عن عمل اللجنة الدستورية، الأمر الذي يمكّنها من التحكم في أعمال اللجنة وتسييرها كما تشاء، لا سيما أنها حققت هدفها الرئيس من هذا  المسار، والمتمثل في إسقاط أحد أهم أسباب فرض العقوبات على النظام والذي يشترط دخوله في مفاوضات مع المعارضة، وهو ما حققه شكلياً".
ويضيف أنه "بعد كل ما جرى، بات تمسك وفد المعارضة باللجنة الدستورية، غير قابل للتبرير، خصوصاً أن روسيا مشاركة في مشروع خطوة بخطوة الذي ينتهجه المبعوث الدولي، وبالتالي فإن المسألة لم تعد صفرية النتائج فحسب، بل تنطوي على مساهمة في مخطط إعادة إنتاج النظام".
ويشير العريضي إلى أنه "ومع الصراع الروسي الغربي، ومحاولات قطع أذرع موسكو في المحافل الدولية قدر الإمكان، فهي تحاول استخدام اللجنة كورقة ضغط للتأكيد على أنها المتحكم في الشأن السوري، من خلال إيعازها لوفد النظام ربط مشاركته في الجولة المقبلة بتلبية شروطها".

مصير اللجنة الدستورية
ورغم أن قرار تعليق أعمال اللجنة الدستورية يُعد طبيعياً بالنظر إلى صلابة الموقف الروسي وإصراره على ربط الملفين السوري والأوكراني في صراعه مع الغرب، إلا أنه في المقابل اعتُبر مؤشراً على قرب نهاية مسلسل عمل اللجنة المستمر منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019، من دون تحقيق أي تقدم، بالنظر إلى تغير الظروف الدولية التي ساهمت في انطلاقها وسقوط التفاهمات غير المعلنة بين روسيا وواشنطن.
ويرى المحلل السياسي، باسل معراوي، أن قرار بيدرسن بتأجيل الموعد المقترح للجولة المقبلة من المفاوضات الدستورية إلى أجل غير مسمى، هو بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على المسار الوحيد المتبقي من مرحلة إدارة الأزمة بالتفاهم بين موسكو وواشنطن.
ويقول: "تسلمت روسيا إدارة الملف السوري منذ دخولها الحرب إلى جانب النظام، على أمل التوصل إلى حل ينهي الأزمة بصيغة تتفق عليها أطراف النزاع الداخلي، ومن هذا المنطلق تم السماح لها بتشكيل مسارات متعددة من سوتشي إلى أستانا وغيرها، إلا أن كل شيء تغير بعد الحرب الأوكرانية".
ويضيف أن غياب الحديث عن الوضع السوري خلال جولة الرئيس الأميركي جو بايدن الشرق أوسطية، يؤكد أن لا أفق لأي مشروع سياسي في سوريا، الآن أو في المستقبل القريب، طالما أن الروس موجودون على الأرض عسكرياً وسياسياً، وبالتالي فإن قرار تعليق عمل اللجنة كان الخيار الوحيد أمام المبعوث الأممي لتجنب الضغوط الروسية".
لكن الباحث في مركز جسور للدراسات، وائل علوان، يشير إلى أن اللجنة الدستورية شهدت تأجيلات سابقة ولفترات طويلة، ما يعني أن قرار التعليق الحالي لا يحمل بالضرورة نية لإنهاء مسار اللجنة أو حتى إيجاد الحلول السريعة للوضع السوري.

تعطيل متكرر
ويقول علوان إن "التعطيل وارد، وسابقاً حصل تعطيل لأشهر طويلة، فضلاً عن أن تشكيل اللجنة الدستورية وانعقادها استهلكا الكثير من الأشهر، وعليه فإن اللاعبين الدوليين غير معنيين بنتائج يتمخض عنها هذا المسار، خصوصاً مع استمرار روسيا في توجيه النظام للتعطيل والمماطلة، مقابل عدم ضغط الولايات المتحدة بأدوات فاعلة على موسكو ودمشق".
ويعتقد علوان أنه "لا يمكن توقع تحصيل نتائج من مسار اللجنة سوى إشغال المعارضة والمسار السياسي بالمزيد من الجولات إلى أن تكون هناك تفاهمات دولية حقيقية على حل للقضية السورية"، وهو ما يزيد من حنق الشارع السوري المعارض، الذي بات ينظر إلى اللجنة الدستورية ومن خلفها هيئة التفاوض على أنهم شركاء النظام السوري في خططه الواضحة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها