الجمعة 2022/07/01

آخر تحديث: 13:57 (بيروت)

قمح الشمال يُهرب نحو قسد والنظام السوري..المجاعة قادمة

الجمعة 2022/07/01
قمح الشمال يُهرب نحو قسد والنظام السوري..المجاعة قادمة
© Getty
increase حجم الخط decrease
مع بداية موسم حصاد القمح في الشمال السوري الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة السورية؛ يشتعل الحديث عن عمليات لتهريب القمح تتم عبر المعابر غير الشرعية إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والنظام السوري، بهدف تحقيق المنفعة المادية من فوارق الأسعار مع هاتين المنطقتين اللتين تعتبران خصوماً وأعداء للفصائل المعارضة.
لكن الحرب الأوكرانية وما أفرزته من نتائج سلبية على سلاسل توريد القمح من روسيا وأوكرانيا، أدت إلى الحديث بنبرة عالية وغير مسبوقة لمثيلاتها من الأعوام التي خلت بقضية تهريب القمح، لما لها من آثار سلبية على الأمن الغذائي في المنطقة.

المنافسة بدأت مبكراً
وبالتزامن مع الحرب؛ دق العالم ناقوس خطر حدوث مجاعة عالمية في العديد من دول العالم، الأمر الذي ألقى بظلاله على سوريا ودفع بالمسيطرين على الجغرافية السورية إلى البدء مبكراً بالتنافس، والعمل على زيادة الأسعار بغية الحصول على أكبر عائدات القمح المنتجة محلياً، والحؤول دون تهريبها إلى مناطق الأطراف الباقية.
وبدأ النظام السوري المسيطر على الجزء الأكبر من سوريا بتحديد سعر طن القمح عند مليوني ليرة سورية، ثم تبعته قسد بتسعيرة أعلى ب200 ألف ليرة سورية، فيما حددت الحكومة المؤقتة المسيطرة على أجزاء من شمال وشرق سوريا عند 475 دولاراً، أي ما يعادل حوالي مليون و900 ألف ليرة سورية.

ارتفاع فارق السعر
ولأن فوارق الأسعار بين المناطق الثلاث استثنائية كما هو الحال بالنسبة للظرف الدولي الموازي للحرب الأوكرانية؛ تعالت أصوات الناشطين والحقوقيين المحذرة من تبعات عمليات التهريب التي تتم بشكل ممنهج من مناطق سيطرة الفصائل، معيدين سبب الزيادة بتلك العمليات إلى الفارق بالأسعار بين مناطقهم ونظيرتها في مناطق قسد والنظام.
وكان الناشط الحقوقي عمر أبو حمزة أحد أولئك الذين حذروا من مجاعة حقيقية، مؤكداً أن المعابر غير الشرعية مع قسد في الدرجة الأولى والنظام بالدرجة الثانية؛ قد زادت عبرها عمليات تهريب القمح بنسبة كبيرة عن العام 2021.
وقال أبو حمزة ل "المدن"، إن عمليات التهريب "تتركز بشكل أساسي عبر التّجار المرتبطين بعدد من فصائل الجيش الوطني"، موضحاً أن أكثرها نشاطاً هو معبر السكرية جنوب شرقي مدينة الباب شمال حلب باتجاه النظام، في حين تتم عمليات التهريب باتجاه قسد من خلال معبر الحمران بريف الغندورة جنوب شرق جرابلس.
ونوّه أبو حمزة إلى أن وجود عمليات تهريب تتم "بصورة شرعية وبعلم الحكومة المؤقتة عبر معبر الراعي الشرعي مع تركيا"، مبيناً أن سماسرة أتراك يشترون قمح الشمال بشكل نظامي، ثم يعيدون إليهم قمح أوكراني كإغاثة عبر "الأفاد".

مكافحة التهريب
وبثّ ناشطون سوريون مقطعاً مصوراً يظهر عدداً من الشاحنات المحملة بالقمح على معبر الراعي، وقالوا إنها لعمليات تهريب تتم عبر المعبر إلى تركيا، متهمين فصيل "السلطان مراد" المعارض والتابع لهيئة "ثائرون للتحرير"، إحدى أكبر تشكيلات الجيش الوطني المدعوم تركياً، بالمسؤولية عن تهريبها وبيعها لتجار وسماسرة أتراك.
وهذا الأمر نفاه عضو مجلس قيادة ثائرون للتحرير الفاروق أبو بكر جملة وتفصيلاً، مؤكداً أن المقطع المتداول هو لشاحنات داخلة من تركيا باتجاه المناطق "المحررة" وليس العكس.
وقال أبو بكر ل"المدن"، إن فصائل الجيش الوطني ومنها ثائرون للتحرير "استنفرت على خلفية الإشاعات التي تتحدث عن عمليات التهريب باتجاه النظام وقسد، ونشرت تعزيزات إضافية على كافة المعابر المؤدية بتلك الاتجاهات"، كما أكد أن الحكومة المؤقتة "منعت عمليات بيع القمح بشكل قاطع مهما كانت الجهة المشترية".
ولم يستبعد أبو بكر حدوث بعض عمليات البيع التي يقوم بها التجار في المنطقة للقمح بهدف "تخزينها واحتكارها ثم بيعها في وقت لاحق"، مشيراً إلى أن هذه النقطة أخذت بالحسبان وسيتم "العمل على مكافحتها".

لا بيع ولا تبديل
وأبو بكر الذي أكد دخول الشاحنات المحملة بالقمح من تركيا باتجاه مناطق الفصائل وليس العكس، رجّح أن وجود عملية تبديل بين القمح القاسي الغير صالح للخبز بآخر من النوعية الطرية الصالحة لذلك عن طريق الحكومة المؤقتة، وهي العملية التي كانت تحصل قبل حدوث الأزمة العالمية الحالية في سلاسل التوريد.
لكن وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري أكد أن وزارته المسؤولة عن المؤسسة العامة للحبوب في الشمال "اتخذت قراراً صارماً بالاتفاق مع رئيس الحكومة يقضي بمنع إخراج القمح من الشمال مهما كان مقصد العملية".
وأوضح المصري ل "المدن"، أن سبب الحديث عن عمليات بيع تتم للجانب التركي هو "القمح الذي تشتريه المؤسسة العامة للحبوب من مدينتي رأس العين وتل أبيض، ثم تدخل إلى الأراضي التركية عبر شاحنات قبل أن تدخل إلى المناطق التي تديرها الحكومة المؤقتة في المناطق الأخرى".
وقال المصري إن عمليات التهريب ليس الهدف منها هو الاستفادة عن فوارق الأسعار، لأن هذه الهوامش تضيع بحسميات النظام وقسد عند التسليم، وإنما "سحب كميات كبيرة من القمح من مناطقنا لتوليد أزمة على رغيف الخبز، وضرب الأمن الغذائي في الشمال السوري".
وأضاف أن الوزارة ستجتمع مع المؤسسة العامة للحبوب الجمعة، لاستصدار قرار يقضي "بمصادرة جميع الشاحنات وحمولتها التي يثبت عليها جرم تهريب القمح"، منوهاً أن المؤسسة "لن تشتري تلك المصادرات كما كان سابقاُ، وإنما سيتم منحها للجهة العسكرية التي تمكنت من مصادرتها، لأن الأمر لم يعد يحتمل التهاون فيه".
وعلى إثر تنامي نشاط تهريب القمح، دعا عضو نقابة المحامين الأحرار عبد الناصر حوشان في حديث ل"المدن"، الحكومة المؤقتة إلى "شراء الحبوب بالسعر المناسب لتجنب تهريبيها نحو مناطق أخرى، كما يجب على فصائل الجيش الوطني الضرب بيد من حديد رقاب المهربين والتجار المسؤولين عنها، والعمل على حماية المعابر التي تتم عبرها عمليات التهريب، لإننا امام كارثة حقيقية قد تصل إلى المجاعة في حال عدم تجديد القرار الأممي".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها