الأربعاء 2022/06/29

آخر تحديث: 15:59 (بيروت)

عاملان حاسمان..لماذا غيرت إيران موقفها من العملية التركية بسوريا؟

الأربعاء 2022/06/29
عاملان حاسمان..لماذا غيرت إيران موقفها من العملية التركية بسوريا؟
© Agence France-Presse
increase حجم الخط decrease
أقل من أسبوعين مرّا على آخر موقف إيراني رافض للتهديدات التركية بشن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، قبل أن يسجل وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان استدارة عريضة قبل يومين، مع إعلانه تأييد بلاده لهذه العملية، الأمر الذي يمكن وضعه في إطار سعي طهران لتعزيز العلاقات مع أنقرة التي تحتاجها إيران اليوم أكثر من أي وقت مضى.
الموقف الجديد المفاجئ تمثل بقول عبد اللهيان أثناء زيارة إلى أنقرة الاثنين، إن بلاده "تتفهم" ضرورة تنفيذ تركيا عملية عسكرية جديدة ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا.
وأوضح الوزير الإيراني في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو أننا "نتفهّم جيداً مخاوف تركيا الأمنية". وأضاف "نتفهّم أن عملية خاصة (في سوريا) قد تكون ضرورية".

تحول كبير
ورغم أن موقف إيران من العملية التركية يبقى ثانوياً بالقياس إلى الموقف الأميركي والروسي منها، إلا أن معارضة طهران للتهديدات الجديدة بالتزامن مع لقاء أستانة-18 منتصف حزيران/يونيو 2022، ومن ثم إعلانها تأييد ترجمة هذه التهديدات بعمل عسكري وصفه عبد اللهيان بأنه "ربما يكون ضرورياً" أمر لا يمكن أن يكون قد حدث بشكل عفوي.
 الحديث مبررٌ عن صفقة سياسية بين الجانبين، ترفع من مستويات التعاون والتنسيق المشترك بينهما في العديد من الملفات التي تعتبر طهران عاملاً مؤثراً فيها، ويمنح تركيا هامشاً أكبر حيالها، ومنها الملف السوري بطبيعة الحال، مقابل حصول إيران على مكاسب خاصة من العلاقات التي تجمعها بتركيا.

تحييد تركيا
ويرى المحلل في مركز الحوار السوري أحمد قربي أن النظام الإيراني يهدف إلى تقديم كل الإغراءات الممكنة لتركيا من أجل إبعادها عن أي جبهة عسكرية اقليمية يجري الحديث عن تشكيلها في الوقت الحالي.
ويقول في حديث ل"المدن" حول التصريحات الإيرانية المحابية لتركيا بشكل غير مسبوق، إن "طهران تدرك أن هناك محددين أساسيين يحركان المواقف التركية في هذه المرحلة، وهما الاقتصاد في الداخل، حيث تواجه الحكومة التركية مشكلات معروفة، والمخاطر الأمنية التي يمثلها حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق، ولذلك فإنها تعلن استعدادها للتعاون الكامل مع أنقرة من أجل مساعدتها في هذين الملفين، مقابل عدم انخراط تركيا في أي مشروع معادٍ لها، حيث يجري الحديث عن تأسيس حلف ناتو شرق أوسطي يستهدفها".
وعليه فإن رفع إيران سقف تأييدها للرغبة التركية القوية بشن عملية عسكرية جديدة ضد القوات التركية في شمال سوريا، كما يقول قربي، "يهدف إلى تحييد أنقرة عن أي تحركات يمكن أن تكون موجهة ضدها"، ولذلك جاءت مسارعة طهران بإرسال وزير خارجيتها إلى أنقرة عقب زيارة ولي العهد السعودي إليها، بالتزامن طبعاً مع التطور المتصاعد للعلاقات التركية-الاسرائيلية.

خلية التجسس الإيرانية
بدوره، لا يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عمر كوش أن المكاسب فقط هي ما تسعى إليه إيران من هذا التنازل الكبير لتركيا في الملف السوري، بل هناك أضراراً تريد تجنبها وستكون ممتنة لأنقرة إذا ما وافقت على ذلك.
ويقول كوش ل"المدن": "حقيقة الموقف الإيراني الجديد من التهديدات التركية بشن عملية عسكرية أخرى في سوريا هو موقف لافت جداً، على الأقل بالمقارنة مع رفض طهران لهذه التهديدات لحظة الإعلان عنها مطلع الشهر الجاري، وهو تكرر أيضاً على هامش لقاء استانة الأخير قبل أسبوعين".
ويضيف "لا شك أن هناك مستجدات مهمة استدعت مثل هذا التحول، وأهمها كشف أنقرة شبكة التجسس الإيرانية التي كانت تعمل على شن هجمات ضد مصالح تل أبيب واغتيال إسرائليين في تركيا، لذلك أعتقد أن عبد اللهيان جاء إلى أنقرة للملمة هذا الملف وضمان عدم التصعيد التركي حوله حتى وإن كان إعلامياً، إلى جانب مناقشة ملفات أخرى تأمل طهران أن تتعاون تركيا معها فيها".
بين البحث عن مكاسب تتمثل بالرغبة في إبعاد تركيا عن أي جبهة عسكرية أو أمنية يتم العمل على تشكيلها من قبل خصوم إيران في المنطقة، وبين السعي لتجنب أزمة في ضوء القبض على عناصر من مخابراتها كانوا يخططون لتنفيذ هجمات على الأراضي التركية، يأتي التحول في موقف طهران من العملية العسكرية التركية المحتملة في شمال سوريا، حيث يرى الكثيرون أنه لولا هذه التطورات وغيرها لما وافقت إيران على هجوم جديد للجيش التركي في سوريا، خاصة وأنه سيستهدف مناطق تعتبر حساسة بالنسبة لطهران، وتحديداً مدينة تل رفعت المحاذية لبلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب الشمالي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها