الإثنين 2022/06/27

آخر تحديث: 11:59 (بيروت)

الحوار الأميركي-الإيراني..ورقة التوت الاخيرة

الإثنين 2022/06/27
الحوار الأميركي-الإيراني..ورقة التوت الاخيرة
© Getty
increase حجم الخط decrease
لعبة العض على الاصابع بين واشنطن وطهران، يبدو انها وصلت الى نهاياتها، وانتقلت الى ترجمة الاصوات التي ارتفعت في الاشهر الاخيرة، لخطوات عملية، تؤسس لمرحلة جديدة من الحوار المباشر بين الطرفين، بعد ان تمنعت طهران كثيرا عن تلبية هذه الرغبة الاميركية والاوروبية، بناء على رؤيتها، بان الحوار المباشر لن يكون قبل اعلان البيت الابيض قرارا صريحا بالعودة الى تطبيق الاتفاق النووي الذي انسحب منه، والحصول على ضمانات بعدم عودة واشنطن الى سياسة الحصار والعقوبات، بالاضافة الى ضمانات اخرى باعادة دمج ايران بالنظام المالي العالمي، بما يضمن لها الاستفادة الكاملة من رفع العقوبات والحصول على عائدات عودتها الى السوق التجارية والاقتصادية العالمية. 
توقيت زيارة مفوض السياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل الى طهران، يمكن وصفه بالتوقيت الدقيق، الذي يخدم طرفي الازمة، الاميركي والايراني، في مرحلة تعتبر من اكثر المراحل تعقيدا في منطقة غرب آسيا، خاصة وانها تأتي بعد نحو 48 ساعة من زيارة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف والمباحثات السياسية والامنية والاقتصادية التي اجراها مع حكومة ابراهيم رئيسي، وما تخللها من توقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية ذات بعد استراتيجي لموسكو في ظل تداعيات الحرب الاوكرانية والحصار المفروض عليها. 
جلسة العشاء التي جمعت بوريل ومساعده انريكه مورا مع المبعوث الخاص للبيت الابيض في الازمة الايرانية وكبير المفاوضين الاميركيين روبرت مالي، لم تأتِ من خارج سياق اجندة زيارة بوريل، تلك الزيارة الموضوعة على جدول اعماله بناء على رغبة ايرانية من دون تحديد موعد لها، خاصة بعد قرار الادانة للانشطة النووية الايرانية الذي صدر عن مجلس حكام الوكالة الدولية، وما يعنيه من تأسيس لمسار تصعيدي جديد يتعارض مع مساعي احياء اتفاق 2015.
النتيجة الابرز والاهم لزيارة بوريل الى طهران، ليست في الاعلان عن تحقيق تقدم على مسار اعادة احياء المفاوضات في القريب العاجل، بل في التحول الجوهري في الموقف الايراني الذي تجاوز الاتفاق وازمته، للحديث عن مفاوضات مباشرة مع واشنطن، في الدوحة على الارجح . وهو موقف تتخلى فيه طهران عن شرط منهجي في حربها السياسية والاستراتيجية مع واشنطن. هذه الخطوة من المستبعد ان يتم القبول بها او التلميح لها، ما لم تحصل على موافقة مباشرة من المرشد الاعلى للنظام الذي مازال ممسكا بمفاتيح القرار الاستراتيجي للنظام والحكومة.
الاتفاق على حوار مباشر بين واشنطن وطهران برعاية من المنسق الاوروبي بوريل، اذا ما حصل، فسيكون نتيجة تضافر عوامل ساعدت او دفعت الطرفين للقبول بهذا الحوار، وفي هذا التوقيت، الذي لا يبدو ان الطرفين يرغبان برفع التصعيد بينهما الى مستويات اعلى، خاصة وان الجانب الايراني بدأ الاعداد لخطوة غير تقليدية بطابع نووي، ردا على قرار مجلس حكام الوكالة الدولية، والتي تعني نقل المواجهة بينهما الى دائرة اكثر تعقيدا، يصبح معها اللجوء الى خيار عسكري ضدها غير مستبعد، لان تجاوز او عبور طهران للخطوط النووية الحمراء، سيستثير القوى الاقليمية، وتحديدا اسرائيل التي لا تخفي موقفها الرافض لاي اتفاق مع ايران يسمح لها الاحتفاظ بقدراتها النووية، فضلا عن نفوذها الاقليمي. 
والحوار مع طهران، يبدو انه تحول الى حاجة اميركية، في المساحة الزمنية المتبقية للقاء المرتقب الذي سيجمع الرئيس الاميركي مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والاردن والعراق في السعودية في الخامس عشر من الشهر المقبل، وهو اللقاء الذي تطغى عليه المخاوف الاقليمية والاسرائيلية من الطموحات الايرانية، وانشاء منظومة امنية عسكرية تضمن الامن الاسرائيلي اولا. ما يحمل على الاعتقاد، بان بايدن، من خلال الدفع باتجاه فتح الحوار مع طهران، مباشرة او من خلال اعادة احياء مفاوضات فيينا، يسعى لامتلاك ورقة التفاوض هذه ليضعها على طاولة اللقاء مع قادة هذه الدول، وتوظيفها كعامل ضمان وطمأنة لمصادر هواجسهم وقلقهم. وان عودة الاشراف الدولي على الانشطة الايرانية سيشكل المظلة الامنية التي تمنع طهران من تطوير قدراتها النووية بعيدا عن الرقابة الدولية. 
التنازل الايراني وتخلي القيادة في طهران عن رفضها للحوار المباشر، لم يكن من جانب واحد. اذ لا شك انه يستجيب للمطالب الايرانية باعادة احياء اتفاق 2015 بكل مندرجاته وتفاصيله وشروطه، خاصة وان الطرف الايراني ممثلا بوزير الخارجية حسين امير عبداللهيان يتمسك بوصف دبلوماسي للمفاوضات باعتبار مهمتها "الغاء العقوبات الاميركية" والحصول على ضمانات اقتصادية، مقابل عودة الطرفين لتنفيذ الشروط التي يتضمنها الاتفاق. بل يلبي ايضا حاجة لدى ادارة بايدن، بالقدر نفسه لدى الاوروبيين، بضرورة اعادة تفعيل الرقابة الدولية على الانشطة النووية الايرانية من بوابة العودة الى المفاوضات واتفاق فيينا، بالاضافة الى منع بلورة تحالف اقليمي جديد يضم الدول المتضررة من العقوبات الاميركية، والتأسيس لشراكة روسية ايرانية اقتصادية وتجارية، تعقد المساعي الغربية لمعالجة تداعيات ازمة الطاقة، ويؤخر عودة ايران الى الاسواق العالمية التي تساعد على سد جزء من الفراغ الناتج عن استبعاد المصادر الروسية.. خاصة وان في ظل الحراك الدبلوماسي والاقتصادي الذي شهدته العاصمة الايرانية في الاسابيع الماضية، والانفتاح الاقتصادي والاتفاقيات التي وقعت مع ثلاث دول من دول اسيا الوسطى (كزاخستان وطاجيكستان وتركمنستان) وتوج بزيارة لافروف وتشغل الممر البري شمال –جنوب الذي يربط موسكو مع نيودلهي عبر ايران، والخط السككي الذي يربط تركمنستان مع تركيا عبر طهران.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها