السبت 2022/06/25

آخر تحديث: 13:28 (بيروت)

"الناتو الشرق أوسطي" لمواجهة ايران..أوهام عربية حول أميركا

السبت 2022/06/25
"الناتو الشرق أوسطي" لمواجهة ايران..أوهام عربية حول أميركا
ملك الاردن عبد الله الثاني (غيتي)
increase حجم الخط decrease
أعرب الملك الأردني عبد الله الثاني، للمرة الثانية، عن مخاوف بلاده من التمدد الإيراني في الجنوب السوري عند الحدود الاردنية، جراء تراجع نفوذ روسيا في الجنوب السوري بسبب انشغالها في الحرب الأوكرانية.

وفي مقابلة ستذيعها قناة "CNBC" الأميركية كاملة في مطلع تموز/يوليو 2022، حمّل العاهل الأردني صراحة "الميليشيات الشيعية" المسؤولية عن زيادة محاولات تهريب المخدرات والأسلحة من الحدود السورية، لتبدو تصريحاته هذه أقرب إلى الإنذار الحقيقي. 

ويبدو من وجهة نظر الأردن أنه لم يعد بالإمكان "تجاهل الخطر" من الحدود السورية إلى ما لا نهاية، بعد أن تكاثرت الضغوط الأمنية.

لكن الكاتب الأردني حسن أبو هنية، يرى أن جانباً من تصريحات الملك الأردني يعبر فعلاً عن تزايد مخاوف المملكة من إيران، بعد أن أصبحت الأخيرة واقعاً في سوريا، وفي المقابل ينسجم الجزء الآخر من التصريحات مع السياسة الأميركية التي تختصر الأخطار التي تواجه المنطقة، بإيران والميليشيات الإيرانية، وحركات الإسلام السنّي السياسي.

ويضيف لـ"المدن" أن تصريحات العاهل الأردني فيها بعض التضخيم المتعمد، لأن الميليشيات الإيرانية لا تشكل خطراً جدياً على الأردن، أي بمعنى الاستهداف المباشر للأردن.

وبذلك، يضع أبو هنية تصريحات عبد الله الثاني المتزامنة مع غليان دبلوماسي عربي وإقليمي، يسبق القمة الأميركية العربية (دول مجلس الخليج، والأردن، ومصر، والعراق) التي ستُعقد في منتصف تموز/يوليو المقبل في جدة السعودية، في إطار "التبرير" لإنشاء تحالف خليجي –مصري – أردني- إسرائيلي، بدعم وتنسيق أميركي، عنوانه مواجهة الخطر الإيراني، معتبراً أن "تواتر التصريحات العربية عن الخطر الإيراني مؤخراً، يؤشر الى قرب الإعلان عن مثل هذا التحالف". 

في المقابل، يرى كثيرون أن التمدد الإيراني بات يهدد استقرار المنطقة بعد أن وصل إلى مراحل متقدمة، وسط تشكيك بجدية الولايات المتحدة في الحد من نفوذ إيران.

ويرى المفكر والمعارض السوري البارز برهان غليون، أن "تغوّل نظام خامنئي إيران على المشرق العربي، وتهديد دوله وتحطيم بعضها مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن، يدفع الحكومات العربية إلى التحالف مع الشيطان لدرء الخطر الجاثم". 

ويقول غليون لـ"المدن": "لست متأكداً من أن إسرائيل والولايات المتحدة معنية بدعم استقرار هذه البلدان، وإنما تستفيد من دعم العرب للدفاع عن مصالحها وحدها". ويعرب غليون عن أسفه لما يصفه بـ"التأخر" من جانب الدول العربية لجهة إدراك الخطر الإيراني والتعاون الجدي لصده، ويستدرك: "لعلهم ينجحون في توحيد كلمتهم وجهدهم الآن وفي المستقبل القريب من دون أوهام حول فعالية الدعم الأجنبي". 

من جهة أخرى، يبدو أن العاهل الأردني قد تعمد اختيار وسيلة إعلامية أميركية لإطلالته الثانية في أقل من شهرين، ليعلن فيها عن تأييده إنشاء حلف "ناتو" شرق أوسطي على أن تكون "مهماته واضحة للغاية"، أي مواجهة إيران.

وبهذا الخصوص، يرجع المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية حازم الغبرا ذلك، إلى معرفة العاهل الأردني بمدى تأثير الإعلام في تشكيل السياسة الأميركية، ويقول لـ"المدن": "يدرك الملك عبدالله الثاني مدى حساسية إدارة الرئيس جو بايدن للإعلام، ما يعني أن المقابلة هي رسالة للإدارة الأميركية، وهذا يبدو خياراً صحيحاً لإيصال الرسالة والتأكد من تسلمها، قبل الجولة التي سيجريها بايدن في المنطقة". 

والمعلوم أنه في الأشهر الأولى من تسلم إدارة بايدن، أن الموقف من إيران وميليشياتها ومن ضمنها "الحوثي" كان ضبابياً، إذ كان من غير المعروف ما الذي تريد واشنطن الوصول إليه على المدى الاستراتيجي، حسبما يؤكد الغبرا.

ويعتقد المستشار السابق في الخارجية الأميركية، أن الصورة بالنسبة للتعامل مع إيران بدأت أخيراً تتضح لدى الإدارة الأميركية، ويقول: "يبدو أن الإدارة أدركت ضرورة عدم الوثوق بإيران التي لا ترغب بالسلام في المنطقة، ومن هنا يجب أن تكون مواقفها متشابهة أو متناسقة مع الحلفاء في المنطقة".

وفي المقام الأول، يبدو أن الهدف من تصريحات العاهل الأردني إيصال رسالة للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي لا زالت سياساته تتأرجح بين محاباة إيران والضغط عليها لحسابات إحياء الاتفاق النووي، دون الأخذ بالحسبان هواجس الدول التي لا تتفق مع سياسات طهران، أو "المتضررة" منها. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها