الجمعة 2022/06/17

آخر تحديث: 12:25 (بيروت)

زيارة بايدن للفلسطينيين:بادرة رمزية..بلا أفق سياسي

الجمعة 2022/06/17
زيارة بايدن للفلسطينيين:بادرة رمزية..بلا أفق سياسي
increase حجم الخط decrease
يُجمع مسؤولون في السلطة الفلسطينية، ومعهم متخصصون بالملف السياسي، على أن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المرتقبة إلى منطقة الشرق الأوسط في 13 تموز/يوليو، بما يشمل رام الله وتل أبيب، لن تسفر عن إطلاق المسار السياسي المنشود.

أهداف الفلسطينيين
ولعلّ ثمة أمور ثلاثة تسعى القيادة الفلسطينية لتحقيقها من الزيارة: الأول، فتح أفق سياسي، إن لم يكن إطلاقاً للمفاوضات، بغض النظر عن جدواها؛ لأن المهم، بالنسبة لها، أن مجرد وجودها مفيد لكافة الأطراف، كما يؤكد مسؤول بالسلطة الفلسطينية ل"المدن".
وأما المطلب الثاني، فهو إيفاء الإدارة الأميركية ببعض وعودها للفلسطينيين، إن لم يكن كلها، بينها إعادة فتح القنصلية الأميركية بالقدس الشرقية. في حين، يتمثل المطلب الثالث بإعادة التمويل المباشر للسلطة، بما فيه دعم المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية.
ووفق المصدر، فإن السلطة تعتقد أن المطالب الثلاثة هي مهمة لترميم مكانة السلطة التي تشهد ضعفًا غير مسبوق في الشارع الفلسطيني. لكنه أقر، في الوقت ذاته، بأن الإدارة الأميركية لن تستطيع الوفاء ببعض الوعود؛ لأنها تتطلب تغيير قوانين في الكونغرس، مثل سحب منظمة "التحرير" من قائمة "الإرهاب"، وإعادة فتح ممثلية المنظمة في الولايات المتحدة.

وعود متكررة
وأكدت مصادر سياسية بالسلطة الفلسطينية ل"المدن"، أنه لا توجد أي آمال كبيرة لدى القيادة الفلسطينية بإمكانية أن يطلق الرئيس الأميركي مفاوضات سياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ لأن بايدن غير مستعد لممارسة الضغط السياسي على الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت؛ خشية انهيارها في ظل وضعها الداخلي الهش، عدا عن أن الخطوط العريضة للبرنامج السياسي لحكومة بينت قائم على تجاهل الصراع مع الفلسطينيين، ورفض أي مفاوضات. 
وبيّنت المصادر أن ما تسمعه الرئاسة الفلسطينية من الإدارة الأميركية، في الأيام الأخيرة، مجرد تكرار للوعود السابقة، من دون أي تنفيذ ودون أي أفق سياسي، موضحة أن واشنطن تركز على معالجات جزئية صغيرة لا تُحدث أثرًا عمليًا يقود إلى فتح أفق سياسي؛ ذلك أن سياسة الإدارة الأميركية هي عدم فتح الموضوع في هذه المرحلة، وربما طيلة فترة ولايتها؛ لأن نتيجة الإنتخابات النصفية يُرجح أنها ستقيدها أكثر.
ويُتوقع أن يلتقي الرئيس الأميركي برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مدينة بيت لحم في 14 تموز/يوليو لساعتين من الزمن، ثم سيتوجه لزيارة كنيسة "المهد" في المدينة، وبعدها يزور مستشفى "المطلع" الفلسطيني بالقدس الشرقية، كخطوة رمزية للتعبير عن اعتراف واشنطن بأن هذا القسم من المدينة هو محتل.
لكن اللافت، أن اللجنة الأميركية المكونة من مساعدة وزير الخارجية باربرا ليف، ونائب مساعد وزير الخارجية هادي عمرو، التقت أكثر من مرة، خلال أيام، بالمسؤولين الفلسطينيين في رام الله، وهو ما طرح تساؤلات حول طبيعة النقاش الدائر، لدرجة أنه يحتاج لكل هذه اللقاءات المتعددة، تحت عنوان "التحضير لزيارة بايدن، والملفات التي سيتم نقاشها معه من قبل عباس".

تهدئة الاحتجاجات
وأكد مصدر فلسطيني ل"المدن"، أن اللجنة الأميركية تجتمع مع الفلسطينيين، وأيضًا الإسرائيليين، لتذليل بعض العقبات وبحث إمكانية تطبيق إجراءات محددة، قبل أن تحط قدما بايدن في المنطقة، وأبرزها إمكانية اتخاذ إسرائيل بعض الخطوات التي يمكن أن تُهدئ احتجاج السلطة، وتعزز مكانتها في الشارع، من قبيل إطلاق سراح الأسرى المرضى من السجون الإسرائيلية، واستئناف تل أبيب ملف منح لم الشمل للفلسطينيين، والذي تم تجميده على ضوء موجة العمليات ضد أهداف إسرائيلية مؤخرًا. كما ويُتوقع أن يؤكد بايدن دعمه للمستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية، كإجراء يدلّ على أن واشنطن لا زالت مؤمنة بحل الدولتين، ناهيك أن بايدن سيظهر بعض النوايا والإجراءات التي من الممكن أن تفتح آفاقا سياسية في مرحلة لاحقة.

ملف القنصلية
وبالنسبة لإمكانية إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس، أوضح مصدر سياسي، مقيم في أراضي-48، ل"المدن"، أن الولايات المتحدة وجدت حلًا لهذه المعضلة، وهي أن يعمل قسم الشؤون الفلسطينية في السفارة الأميركية بالقدس، كدائرة مستقلة تخضع مباشرة لوزارة الخارجية الأميركية، وليس للسفير الأميركي لدى إسرائيل. وهو ما يقارب حالة وجود قنصلية في داخل السفارة الأميركية.
وشدد المصدر على أن إدارة بايدن تتصرف مع القضية الفلسطينية، ضمن قاعدة "التجاوب أساسًا، مع نقاط المصاعب التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية، وأخذها بعين الإعتبار".
ومما يعزز استبعاد انطلاق الأفق السياسي، كنتيجة لزيارة بايدن المرتقبة، هو حديث وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لبيد مع الصحافيين الأربعاء، عن العلاقات الأميركية-الإسرائيلية، والتطبيع والتحالفات الجديدة في المنطقة، والملف الإيراني، في مقابل تجاهله للموضوع الفلسطيني. 
وعندما سأله صحافي عن موقع الموضوع الفلسطيني من الإعراب، أجابه لبيد بالقول إن "الأمر يُناقش في إطار محلي، ولا يوجد شيء للحديث عنه في ما يتعلق بالموضوع". 
 وكان السفير الإسرائيلي الأسبق زلمان شوفال قد قلل من جدوى الطريقة التي تتبعها السلطة الفلسطينية لتحقيق ما تيسر من مطالبها، عبر التلويح بسحب الإعتراف بإسرائيل، وقطع العلاقة معها في الأيام الأخيرة قائلًا إنه "من الصعب أن تمارس السلطة الضغط على الإدارة الأميركية، سواء كان شديدًا، أو خفيفا".
وافترض شوفال في مقال كتبه في صحيفة "معاريف" العبرية، أن الرئيس الأميركي سيرغب في القيام ببادرة معينة إزاء السلطة الفلسطينية بهدف إرضاء الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، والذي تحول عداؤه لإسرائيل إلى أحد البنود الأساسية في أجندته السياسية. وزعم أن بايدن سيُدرك، خلال زيارته، أن "القيادة الفلسطينية ليست شريكاً حقيقياً".
في المحصلة، يُجمع مراقبون على أن بايدن يرى الموضوع الفلسطيني، كجزء من سياق أشمل، إذ يرتبط بملف الحلف العربي-الإسرائيلي في المنطقة، استباقًا لتغييرات ستشهدها المنطقة في الفترة المقبلة، ضمن تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية، وهو ما يقتضي تهدئة الفلسطينيين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها