الإثنين 2022/06/13

آخر تحديث: 16:20 (بيروت)

واشنطن وطهران..البحث عن صيغة تؤجل الانهيار

الإثنين 2022/06/13
واشنطن وطهران..البحث عن صيغة تؤجل الانهيار
increase حجم الخط decrease
لا شك ان الخطوة التي قام بها مجلس حكام الوكالة الدولية والقرار الذي اصدره حول التعاون الايراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بناء على المسودة التي تقدمت بها اميركا والترويكا الاوروبية، هي خطوة يمكن اعتبارها بمثابة انذار دولي لايران والاتجاهات التي قد تذهب اليها الاجراءات الدولية في حال استمرت في تعطيل المفاوضات او الاصرار على مطالبها التي توصف من قبل هذه العواصم، وتحديدا واشنطن، بانها من خارج اتفاق فيينا عام 2015.
وعلى الرغم من محاولة التطمين التي بادر لها امين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريس في الاتصال الهاتفي مع وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان، بوصف قرار مجلس الحكام بمثابة توصية، الا ان هذا الاجراء والادانة التي تضمنها القرار، وان لم يحمل توصية برفع الازمة الى مجلس الامن الدولي، الا انه في الحقيقة يفتح الطريق امام مثل هذا الخيار في الاشهر الثلاثة المقبلة، موعد الاجتماع المقبل لمجلس الحكام، في حال لم يتم التوصل الى تفاهم يعيد احياء المفاوضات وتفعيل اتفاق فيينا عام 2015 وما فيه من تنشيط الضمانات المتبادلة والتعهدات التي تضمنها قرار مجلس الامن رقم 2231. 
هذا التطور، يعني ان قرار مجلس الحكام هو بمثابة "البطاقة الصفراء" لايران، في حال استمر الوضع الحالي على ما هو عليه، وان الدول الاربع (اميركا والترويكا الاوروبية) ستعود في شهر ايلول المقبل لاستخدام الوكالة الدولية ومجلس الحكام الى مجلس الامن واعادة تفعيل آلية الزناد (سناب باك)، وما تتضمنه من اعادة فرض العقوبات وادراجها تحت البند السابع كونها تشكل "تهديدا للامن والسلام العالميين". 
ويبدو ان طرفي الازمة الرئيسين، الاميركي والايراني، باتا الان يلعبان على "الحافة" ويتأرجحان بين امكانيتين، اما العودة الى المفاوضات والتوصل الى تفاهم، واما اعلان وفاة الاتفاق الذي يعاني الان من موت سريري في الظاهر. فالادارة الاميركية التي يقودها الرئيس جو بايدن والحزب الديمقراطي، تمر في مرحلة حرجة مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية للكونغرس، وبالتالي بات من الصعب عليها تقديم اي تنازل للطرف الايراني في ما يتعلق بالشروط التي وضعها على طاولة التفاوض في الامتار الاخيرة من المفاوضات، او في النقاط العالقة والتي تشكل 2 في المئة من مجمل المسائل التي تم التفاهم حولها وتدوينها في مسودة الاتفاق الجديد. فما كان ممكنا او محتملا مع استئناف التفاوض، لم يكن سهلا، خاصة وان الجمهوريين يتربصون بالادارة الحالية للتصويب عليها لمزيد من اضعافها داخليا لتحسين شروطهم الانتخابية في السيطرة على الكونغرس. 
هذه الاشكالية الاميركية، والتي كان من المفترض ان تدركها طهران، لم تمنع القيادة الايرانية من الاستمرار في سياسة الضغط والابتزاز، خاصة بعد تداعيات الازمة الاوكرانية على الاقتصادات العالمية وتحديدا الاميركية والاوروبية، والنقص في امدادات الطاقة، فضلا عن محاولة استغلال التوجه الاميركي نحو تخفيف الانخراط في ازمات الشرق الاوسط للتفرغ للتهديد الاتي من الغرب الاوكراني والشرق الصيني، والتي رأت فيها طهران امكانية تحسين شروطها على طاولة التفاوض وتوسيع دائرة مطالبها او التمسك بما طرحته كشروط على طريق احياء اتفاق 2015. 
القيادة الايرانية، التي اربكت بخطوة الوكالة الدولية ومجلس الحكام، حاولت التخفيف من انعكاساتها على المسار التفاوضي، من خلال تجديد تمسكها بالمفاوضات، والتأكيد ان اجراءات الوكالة لن تدفعها لاتخاذ خطوة انفعالية تقودها للانسحاب من معاهدة الحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل. في المقابل، حاولت التصويب على القيادة الاسرائيلية وتحميل تل ابيب مسؤولية ما وصلت اليه الامور والضغط على الوكالة الدولية والادارة الاميركية والترويكا الاوروبية من اجل عرقلة الاتفاق. وهي محاولة تصب في سياق محاولة عدم التصادم المباشر مع واشنطن وعواصم الترويكا، وترك الباب مفتوحا امام الوسطاء لايجاد مخرج للانسداد القائم، والتصدي لما تقوم به اسرائيل كبح قدرتها في التأثير على المفاوضات. 
الاجراءات التي لجأت اليها طهران رداً على قرار مجلس حكام الوكالة، وتعطيل 20 في المئة من كاميرات مراقبة المنشآت النووية التي نص عليها الاتفاق النووي، والابقاء على 80 في المئة من هذه الكاميرات نشطة لارتباطها بمعاهدة الحد من الانتشار، وكذلك تركيب اجهزة طرد مركزي متطورة وتشغيلها، والتأكيد على تعليق العمل ببروتوكول التفتيش المباغت، كلها اجراءت قابلة للنقاش والعودة عنها في حال عادت جميع الاطراف الى طاولة التفاوض. 
الا ان الزيارة التي من المفترض ان يبدأها الرئيس الاميركي الى الشرق الاوسط، وتحديدا السعودية، تشغل صاحب القرار الايراني، لما سيكون لها من تداعيات ايجابية على اسواق الطاقة في حال استجابت الرياض للطلب او الرغبة الاميركية برفع انتاجها من النفط، وبالتالي ستكون الادارة الديمقراطية في البيت الابيض غير"محشورة" في تسريع عودة ايران الى الاسواق العالمية التي يشكل الاتفاق النووي الغطاء الرئيس لها، وهو ما يضمن لها ان تذهب الى الانتخابات النصفية وقد اسقطت من يد الجمهوريين ورقة الضغط الايرانية. 
هذه التطورات المحتملة، لا تعني لدى الفريق الايراني المعني بالمفاوضات، عدم امكانية التوصل الى تفاهم مرحلي يسمح للطرفين بتجاوز عقدة شهر "تشرين الثاني/نوفمبر" المقبل والانتخابات النصفية، من خلال تكريس اتفاق مرحلي مكتوب او غير مكتوب يؤطر ما هو قائم حاليا ويطوره قليلا، بحيث تستمر واشنطن بغض النظر عن رفع طهران مستوى تصديرها للنفط، وان تعيد وصل البنك المركزي الايراني بنظام التحويل المالي العالمي "سويفت" بحيث تستطيع ايران الحصول على عائداتها المالية من بيع النفط والغاز، في المقابل، تقوم ايران بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم بمستوى 20 و 60 في المئة مع استمرارها بالتخصيب بمستوى 3.57 في المئة، وتعلن اعادة تفعيل العمل ببروتوكول التفتيش المباغت وتسلم الوكالة الدولية التسجيلات العائدة لكاميرات المراقبة التي تحتفظ بها. وهي خطوة، ان حصلت، تؤسس لامكانية العودة لاستنئاف التفاوض مطلع العام المقبل على الشروط المستجدة، وتسحب من تل ابيب ورقة الترهيب بالسلاح النووي الايرانية، وتمنع انهيار التقدم الحاصل في الحوارات التي انطلقت بينها وبين محيطها العربي، خاصة الحوار مع السعودية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها