السبت 2022/05/28

آخر تحديث: 14:50 (بيروت)

"القسام" لا تخفي حضور ايران و"حزب الله" في غزة

السبت 2022/05/28
"القسام" لا تخفي حضور ايران و"حزب الله" في غزة
التعاون يتوسع من الجانب العسكري الى المعلومات الاستخبارية
increase حجم الخط decrease
بدا أن اللافت أكثر في وثائقي "ما خفي أعظم" على قناة "الجزيرة" ليل الجمعة، هو إعلان كتائب "القسام"- ذراع "حماس" العسكرية، عن إدارة المعركة في حرب إسرائيل على غزة العام الماضي، على يد غرفة مشتركة لكل من المقاومة الفلسطينية ومحور إيران.

هذا ما أكده القيادي في حركة "حماس" حماد الرقب لـ"المدن"، حينما أقر بأن "القسام" لم تُفصح، خلال الوثائقي، عن أسرار، بقدر ما هو توضيح للصورة الكاملة، "والتي يريد البعض إغماض العينين عنها، حتى إذا ما كنا مضطرين لأي تصعيد عسكري جديد، أن يفهم العدو بأننا لسنا وحدنا في الساحة، وأنه يمكن أن يتعرض لضربات متنوعة ومختلفة".

لكن الرقب لا يتفق مع تقديرات تعتبر إعلان القسام عن التعاون الإستخباراتي مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني، "تحولاً جديداً" في مستوى التنسيق والعلاقة مع محور إيران، قائلًا إنها، فقط، "استكمال لعلاقة طويلة بين المقاومة الفلسطينية وكل الداعمين لها، سواء من إيران أو غيرها"، على قاعدة أنها "في إطار الترابط في العَداء للإحتلال، وترجمته بالدعم العسكري وتطويره".

وشدد الرقب على أنّ ما جاء في الوثائقي "هو ارتباط بالنظرة الشمولية بمعاداة الإحتلال"؛ لأن "حماس"، بحسبه، "بحاجة لدعم وتمكين لجبهتها، ونحن بحاجة لمن يعطينا السلاح والمساعدة، وليس الشجب والإستنكار".. بيدَ أن الرقب اشار الى أن تعاون "حماس" الوثيق مع محور إيران، ليس على حساب أي علاقة مع المحيط العربي والإسلامي، التي قال "إنها قائمة على الإحترام والتقدير".

وبينما أكد القيادي الحمساوي أن "ما توفره إيران وحزب الله وجهات أخرى، نحن بأمسّ الحاجة إليه"، يعود ليوضح أن اعتماد حركته، أولاً وأخيراً، على "قوة شعبنا الفلسطيني، وخصوصاً على ضوء تطور الميدان في الضفة الغربية والقدس، وأراضي-48. وسنواصل البحث عن سبل تحشيد قوتنا ومضاعفتها".

وبالتعمق في دور إيران وحزب الله الأمني في معركة "سيف القدس"، كشف حماد الرقب لـ"المدن" عن أن علاقة "القسام"، على هذا المستوى، طويلة جداً وأبعد حتى من حزب الله وإيران نفسها، موضحاً أن "القسام" قدمت لكثير من الجهات العربية والدولية، سابقا، بعض المعلومات الأمنية "الخطرة" التي كانت وقعت بين أيديها، وكشفت اختراقات إسرائيلية للعديد من هذه الدول.

وأكد حماد الرقب وجود تبادل مستمر لهذه المعلومات بين حركته وحزب الله وإيران، "طالما تعلق الأمر بتعزيز وتقوية المقاومة داخل فلسطين، أو خارجها، بما يُضعف قوة العدو. وهذا أمر طبيعي جداً، ولا غرابة فيه".

وكشف الرقب عن أحد الأسباب الكامنة وراء إعلان "القسام" عن التعاون الأمني مع محور إيران خلال حرب غزة الأخيرة، يتمثل في ردع أي حرب جديدة على القطاع. وأوضح هذا القيادي أن "حماس" أرادت تحذير إسرائيل من مغبة شن أي عدوان جديد على القطاع؛ من منطلق أنه قد يترتب عليها فتح جبهات متعددة، وأنها ستكون معركة مختلفة عما سبق. وهذا بحد ذاته، يقلل فرص الإعتداء على غزة، وأي مكان آخر.

من جهته، يرى الخبير الأمني علاء عبد العزير لـ"المدن" إن الدافع الثاني وراء تأكيد "القسام" لهذا التعاون، "ينبع من رغبة إيرانية بإعلان "حماس" عن ذلك، على الملأ، وذلك لرفع العتب والحرج عن "محور القدس" (إيران وحزب الله)، حينما يُوجه السؤال إلى هذا المحور: "أين صواريخكم، رداً على ما يجري في القدس والمسجد الأقصى؟"؛ ذلك أن حزب الله وإيران غير معنيان بالحرب الشاملة، الآن. 

في حين، يتعلق الدافع الثالث بالحاجة الإيرانية لإستخدام غزة، بهذا التوقيت، كصندوق بريد للبعث برسائل إلى إسرائيل، في سياق حروب الظل "السرية" المتبادلة بينهما، والتي بموجبها ينفذ جهاز "الموساد" عمليات اغتيال، بين الفينة والأخرى، لعقول طهران المدبرة، وكان آخرها الضابط بالحرس الثوري الإيراني صياد خدائي، حيث تتهمه تل أبيب بأنه مسؤول عن برنامج تطوير "الطائرات المُسيّرة" والصواريخ التكتيكية.  

الواقع، أن ما أعلنه القيادي في هيئة أركان كتائب "القسام" محمد السنوار، في "ما خفي أعظم"، ليس الأول من نوعه، لكنه مجرّد تأكيد لما تحدث به أمين عام حزب الله حسن نصر الله، في خطابه بعد انتهاء حرب غزة العام الماضي، حينما أشار إلى "إسهامات حزبه وإيران في هذه الحرب"، تلاه تحذير قائد "حماس" في غزة يحيى السنوار، أخيراً من أن المعركة القادمة ستكون متعددة الجبهات. وقبل ذلك، عندما أشار القائد العام لـ"القسام" محمد الضيف، في برنامج على قناة "الميادين"، بعد اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، منذ عامين، إلى أن سليماني كان حاضراً، بقوة، في حرب غزة العام 2014.

 ويُقر رئيس شبكة الأقصى الإعلامية التابعة لـ"حماس" وسام عفيفة لـ"المدن"، بأن "أسلحة القسام" المعروضة في "ما خفي أعظم" ليست جديدة؛ ذلك أن الكل شاهدها في حرب غزة، وكشفتها "حماس" في أكثر من مناسبة وطريقة. لكنه، يرى أن الجديد هو إعطاء "حماس" إشارات لمستوى التنسيق بين كافة مكونات "محور المقاومة"، كتأكيد على تطور المحور المستمر، وان الأيام المقبلة ستكشف تفاصيل التعاون.

 ويرى عفيفة أن "القسام" قدمت رسالتين، في إعلانها المذكور: الأولى، أن غزة ليست وحدها، وأن المعركة المقبلة صعبة، وهو عامل قد يسهم في إبعاد غزة عن الحرب، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن منطق المواجهة متعددة الجبهات. بينما، تكمن الرسالة الثانية في تقديم حماس "شهادة شكر" لحلفائها في محور إيران، عبر تأكيدها على دورهم في المعركة.

وقال عفيفة إن الجديد الآخر في وثائقي "الجزيرة"، هو تجميع القطع المتناثرة منذ معركة "سيف القدس"، وحتى الآن، في سياق ما يشبه الرواية الجديدة التي تُكرس القسام "جيشاً" مكوناً من وحدات استطلاع ورصد واستخبارات، وقناصة، وصواريخ، ومُسيّرات، وغيرها الكثير. وهو توضيح لـ"كيف خاضت حماس معركة القدس".

في المقابل، تعتقد الأوساط الأمنية الإسرائيلية، التي تتعامل مع وضع أمني غير مسبوق، بأن رسائل تهديد "حماس" المكثفة، عشية مسيرة الأعلام الإستيطانية المقررة في القدس القديمة الأحد، تنم عن أمرين: الأول، جاهزية الحركة لمعركة جديدة، والثانية، كدليل على معايشتها لجدل داخلي بين قيادة حماس في غزة غير الراغبة بتجدد الحرب، وبين قيادة الحركة الخارجية المرتبطة بإيران الأكثر حماسة لمعركة جديدة، بموازاة ضغط شعبي لدخول حماس على الخط، رداً على مسيرة الأعلام الموعودة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها