الأحد 2022/05/22

آخر تحديث: 13:31 (بيروت)

المعارضة السورية تبالغ في توقعاتها:حلم العودة إلى حلب

الأحد 2022/05/22
المعارضة السورية تبالغ في توقعاتها:حلم العودة إلى حلب
increase حجم الخط decrease
أعادت التصريحات المفاجئة للعضو في اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا شامل طيار الجدل مجدداً إلى الأوساط السورية المعارضة حول إمكانية استعادة مدينة حلب من قبضة النظام السوري، فالمسؤول التركي أحيا أمل المعارضين بعدما أشار إلى وجود اتصالات مكثفة بين بلاده وروسيا حول محافظة حلب شمالي سوريا.

خلط أوراق
وقال المسؤول التركي في تغريدة: "في سوريا تمّ خلط الأوراق مرة أخرى، وهناك اتصالات دبلوماسية وعسكرية مكثفة بين تركيا وروسيا، وبالاتفاق، سيتمّ القضاء على تنظيمي وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني اللذين هاجما نقاطنا الحدودية من تل رفعت، وسيتم أيضاً تحرير حلب، وسيكون بإمكان آلاف السوريين العودة إلى منازلهم".
وأُثير الحديث عن احتمالات استعادت المعارضة السورية لمدينة حلب وأجزاء من المحافظة الكبيرة شمالي سوريا منذ بداية نيسان/أبريل. وراح فريق من المعارضة حينها إلى أبعد من ذلك، عندما ألمح إلى إمكان قبول روسيا بتطبيق كامل تفاهماتها مع تركيا بخصوص الانسحاب من مناطق محيط إدلب بما فيها المناطق الكبيرة، كمعرة النعمان وسراقب وخان شيخون وصولاً إلى مورك لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى منازلهم، وذلك بحسب ما اتفق عليه الطرفان التركي والروسي في أستانة.

تمسك إيراني بالمكاسب
وسرعان ما تلاشت آمال الأوساط المعارضة وغاب الحديث عن عودة المناطق إلى "حضن الثورة" بعدما تم تناقل معلومات حول انسحابات القوات والمليشيات الروسية من منطقة العمليات في محيط مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، وذلك لصالح المليشيات الإيرانية التي تبدو متمسكة جداً بالمكاسب الميدانية التي حققها نظام الأسد خلال سنوات من المعارك. وشملت الانسحابات الروسية المفترضة وبشكل جزئي مناطق ريف اللاذقية الشمالي ومنطقتي معرة النعمان وسراقب، ومناطق غربي حلب، ومؤخراً جرت انسحابات للمليشيات المدعومة من روسيا في منطقة منبج شرقي حلب.
وقالت الناشطة عزيزة جلود ل"المدن"، إن "الجدل الحاصل حول حلب يكاد يكون عقيماً، وما يتم تداوله مجرد أمانٍ يصعب تحقيقها على الأقل في الوقت الحالي". وأضافت "لا يمكنني مطلقاً تصديق إمكانية تحرير حلب من المحتلين الايراني والروسي سلمياً عبر التفاوض والاتفاقيات، ألم يأتِ وقت انتهاء مرحلة الاحلام، وعلى من يتناقل هذه المعلومات أن يتذكر كيف خسرنا حلب، ألم تكُن الخسارة باتفاق غير مباشر بين روسيا وتركيا".
ويرى مصدر عسكري معارض أن الحديث عن إمكانية بحث ملف حلب مع روسيا بحسب بعض الادعاءات هو حديث غير واقعي، فملف حلب منتهِ منذ نهاية 2016، ولم يتم منح تركيا فرصة التأسيس للمنطقة الآمنة إلا بعد أن تم التوافق على حلب. وأضاف أن المستجدات في الساحة الدولية لا تعني بالضرورة أنها ستكون في صالح المعارضة إلى هذا الحد غير المعقول، فاسترجاع حلب لا تحققه الأوراق السياسية الحالية، ولا يمكن لروسيا أن تقدم على مثل هذه الخطوة التي ستزيد أزمتها.
وتبدو فرضية عودة المدينة للمعارضة السورية، أو على الأقل إفراغها من المليشيات الإيرانية وقوات النظام، قابلة للتحقيق في حال تم التوافق بالفعل بين روسيا وتركيا على تطبيق أهم بنود تسهيل عودة اللاجئين التي وردت في جولات أستانة الأولى، وهو نشر شرطة عسكرية مشتركة روسية-تركية في المناطق المحيطة بالطريق "إم-5"، وفي حال طبق ذلك في حلب فقد يساعد على عودة حقيقة لمئات آلاف السوريين، وفق هذا الأمر قد يتحقق مفهوم العودة الطوعية جزئياً وقد تستوعب محافظة حلب أعداداً كبيرة من حجم اللجوء السوري في تركيا.

ميل تركي لمنبج
ولا تبدو تركيا متحمسة لعودة المعارضة إلى حلب، والواقع الميداني يقول إن عينها على منطقتي تل رفعت ومنبج بريف المحافظة شمالاً وشرقاً، وكلا المنطقتين اللتين تسيطر عليهما بقوات سوريا الديموقراطية (قسد) تشكلان هاجساً أمنياً، وسبباً مباشراً في إشاعة حالة عدم الاستقرار، والتوتر الدائم في المنطقة التي من المفترض أن تكون آمنة وجاذبة للاجئين السوريين. ولطالما فشلت تركيا منذ العام 2017، في شن معركة نحوهما بسبب الموقف الروسي المتعنت، ويبدو أن الفرصة باتت سانحة الآن لعقد صفقة مع الروس المشغولين في غزو أوكرانيا.
وقال مصدر محلي في مدينة تل رفعت ل"المدن"، إن "هناك انسحاباً جزئياً للمليشيات المدعومة من روسيا من ريف منطقة منبج، ومن العريمة وتخوم المناطق التي تسيطر عليها قسد شرق حلب". وأضاف "ومتى شهدنا انسحاباً روسيا مشابهاً من كتيبة تل عجار ومطحنة الفصيل قرب تل رفعت شمال حلب، فإنه يمكن القول حينها إن هناك مساعٍ تركية وبتفاهم مع روسيا للسيطرة على المنطقتين".
ويضيف المصدر أن "الانتشار الروسي وانتشار قوات نظام الأسد في منطقة تل رفعت التي تسيطر عليها قسد ضمن ما تسميه مقاطعة الشهباء شمال حلب، لا يزال على حاله حتى الآن، ومليشيا قوات تحرير عفرين تبدو متخوفة ومجموعاتها في حالة قلق دائم، بسبب توالي عمليات الانسحاب الروسي على الرغم من أنها شكلية حتى الآن ولا تؤثر على خريطة السيطرة بالمفهوم العسكري".
ويبدو أن إمكانية تحقق فرضية سيطرة المعارضة السورية والجيش التركي على منطقتي تل رفعت ومنبج لها دلالات أخرى على الأرض، فقد شهدت منطقة عفرين خلال الأيام القليلة الماضية عودة عدد كبير من العائلات النازحة التي كانت تقيم في مخيمات "مقاطعة الشهباء" التي تسيطر عليه قسد، عبر ممرات التهريب، فالنازحون من عفرين يتخوفون من عملية عسكرية قريبة نحو مناطق قسد ويستبقونها بعودة مكلفة وخطرة إلى منازلهم لتفادي ويلات النزوح القسري مرة أخرى على يد قسد، وهذه المرة قد تكون الوجهة نحو مناطق شمال شرقي سوريا، أي بعيداً عن عفرين ومنازلهم فيها بمئات الكيلومترات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها